
بعيداً عن تشخيص ووصف ما جرى في شوارع مدينة جنين من عنف وأعمال غير مقبولة... بعيداً عن عبارات الاستنكار والشجب والرفض... بعيداً تبادل التهم من قبل الجميع تجاه ما جرى... لنرفع الصوت عالياً ونفكر بصوت عالٍ. السؤال الأهم ما سبب ما يجري؟ ومن يقف خلف هذه الجموع؟ وهل صحيح أنهم مدفوعون بالمال للتخريب؟ هل صحيح أن البعض معني بتوتير الشارع في جنين، ومختلف المحافظات؟
أولاً وقبل كل شيء لا بد من التسليم بأن الوضع العام في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 محتقن، وما من أحد يشعر بالارتياح. طبعاً البعض لديه ما يعوض فيه ما نعانيه من فقدان الأمل بحل يفضي لإقامة دولة، فيما البعض الآخر ينقصه الكثير، ويكبت بداخله الكثير من الاضطراب، ويحتاج لفرصة لتفريغ هذا الكبت. بشكل خاص أبناء مخيم جنين يعانون أكثر من غيرهم من هذه الحالة، وهذا ليس انحياز للمخيم، وليس محاباة لهم، ولكن هذه الحقيقة. وإذا سلمنا بذلك حتماً سنصل لنتيجة، أو على الأقل سنضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح، أما إذا ما أنكرنا هذه الحقيقة فستزداد الأمور تعقيداً.
السبب الآخر الذي يقف وراء رد الفعل العنيف من وقت لآخر هو شعور بوجود تمييز من قبل المسؤولين ضد المخيم بشكل عام، واستياء من اختصار معاناة المخيم بتقديم امتيازات لبعض أبناء المخيم، مما يزيد من شعور الشارع بشكل عام بالظلم من قبل السلطة ومؤسساتها، خاصة عندما يرون أن البعض قد حقق مكاسب ثمناً لمواقف تحابي طرف ضد أهالي المخيم.
من هنا ننتقل للسؤال الثاني، وهو هل هناك من يقف خلف ما يجري، عملياً نعم، ولكن ليس بشكل مباشر وميداني، فوجود ظاهرة الأحلاف بين أبناء المخيم المتنفذين تزيد من الاحتقان، خاصة عندما يتم نشر الإشاعات في الشارع حول مكاسب يحققها طرف دون الآخر، وعليه تزيد حالة الاحتقان لتصل درجة الحقد، واعتبار أن هذه الفئة حققت مكاسبها بدماء الشهداء، وبجوه وحرمان عامة الناس في المخيم. ومن يتجول في أوساط الشباب يسمع قصص، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو صحيح جزئياً، ومنها ما هو باطل، وكلها تنال من رموز في المخيم، وبكل أسف مصدر آخرون ممن يتنافسون على تبوأ الصدارة في المخيم. طبعاً بما أن الجهة الرسمية التي تدعم وتوظف المسؤولين هي السلطة، فيصب الناس جام غضبهم على مؤسسات السلطة ورموزها.
أما عن وجود مبالغ مالية تصرف لإثارة الفتن، فهي ليست بهذه الصورة، ولكن أمام حالة الحرمان والتيه التي يعيشها البعض من أبناء المخيم، فإنه من السهل التأثير على أبناء المخيم ممن ليس لهم إطار اجتماعي يستوعبهم، وليس لديهم ما يغطي مصاريفهم أسوة بأقرانهم، فلا يستبعد أن يتم تجنيد الشباب من قبل بعض الفئات، ولكن لن يكون ذلك تحت يافطة التخريب، بل العمل السياسي، أو المشاركة في النضال، وبكل أسف هنا تختلط الأمور فيقوم بعض الشباب بممارسات عنيفة ليثبت وجوده، ولا يجد رادع، لأن البعض معني بانتشار الفوضى، ولكن حتماً ليست فئة الشباب، وليست المجموعات التي تقوم بهذه الأعمال. بكل أسف في المخيم يعرفون الكثير، ولكن للحفاظ على توازنات يتم تداول الأحاديث في الجلسات الخاصة، ويحاول كثيرون الابتعاد عن تسمية الأمور بأسمائها. وهنا الأمر لا يقف عند مخيم جنين، فهذه الظاهرة موجودة في مختلف المخيمات، ويمكن أن تمتد للقرى والبلدات الكبيرة، لنفس الأسباب.
أين دور السلطة لوقف هذه الظواهر؟، وهل الابتعاد عن الاحتكاك أو التصادم هما الخياران الوحيدان أمام السلطة؟ بصراحة على مؤسسات السلطة تشكيل خلية حل، على أن تبدأ هذه الخلية بمخاطبة المحسوبين عليها بشكل مباشر، ومكاشفة المتورطين بتسمين هذه الظواهر، وذلك على قاعدة الإصلاح، ومن لا يريد الرجوع عن نهجه، فلا بد من الحساب، وهنا لا بد أن يكون الحساب على قاعدة واضحة، وكشف وفضح ممارسات هذه المجموعات، ولا يجوز الاكتفاء بسحب بعض الامتيازات المعنوية، كتنحية البعض عن مسؤوليات قيادية، دون توضيح الأسباب، عندها ستكون سلاح بيد هذه المجموعات للتحريض. الأمر الآخر المطلوب من السلطة محاولة تحقيق العدالة فيما تقدمه من مساعدات، وما توفره من فرص أمام الجميع، فلا يعقل أن تبقى الأمور بيد عدد محدود من المحسوبين على السلطة.
الأمر الآخر استنفار الغالبية الصامتة من أبناء المخيم والمدينة، لفتح نقاش يشارك فيه الجميع على قاعدة وضع تصورات للقضاء على الأصوات التي تحاول توتير الشارع، وبث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد. ملاحظة الخطاب الحالي للسلطة، وحزب السلطة لم يعد مناسباً للشارع. والمطلوب استثارة الخيرين من أبناء المخيم والمدينة ممن لم يتورطوا في أعمال أساءت للمواطنين، وأضرت بالأمن، مع إمكانية مشاركة الجميع على قاعدة تحترم عقول المواطنين.
وإذا بقينا تغمض عيوننا عما يجري، وبقينا نرى الضبع ونبحث عن وكره " كمن يرى الضبع ويقص على الموكرة"، عندها سنصل مرحلة لن ينفع معها الندم.
أولاً وقبل كل شيء لا بد من التسليم بأن الوضع العام في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 محتقن، وما من أحد يشعر بالارتياح. طبعاً البعض لديه ما يعوض فيه ما نعانيه من فقدان الأمل بحل يفضي لإقامة دولة، فيما البعض الآخر ينقصه الكثير، ويكبت بداخله الكثير من الاضطراب، ويحتاج لفرصة لتفريغ هذا الكبت. بشكل خاص أبناء مخيم جنين يعانون أكثر من غيرهم من هذه الحالة، وهذا ليس انحياز للمخيم، وليس محاباة لهم، ولكن هذه الحقيقة. وإذا سلمنا بذلك حتماً سنصل لنتيجة، أو على الأقل سنضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح، أما إذا ما أنكرنا هذه الحقيقة فستزداد الأمور تعقيداً.
السبب الآخر الذي يقف وراء رد الفعل العنيف من وقت لآخر هو شعور بوجود تمييز من قبل المسؤولين ضد المخيم بشكل عام، واستياء من اختصار معاناة المخيم بتقديم امتيازات لبعض أبناء المخيم، مما يزيد من شعور الشارع بشكل عام بالظلم من قبل السلطة ومؤسساتها، خاصة عندما يرون أن البعض قد حقق مكاسب ثمناً لمواقف تحابي طرف ضد أهالي المخيم.
من هنا ننتقل للسؤال الثاني، وهو هل هناك من يقف خلف ما يجري، عملياً نعم، ولكن ليس بشكل مباشر وميداني، فوجود ظاهرة الأحلاف بين أبناء المخيم المتنفذين تزيد من الاحتقان، خاصة عندما يتم نشر الإشاعات في الشارع حول مكاسب يحققها طرف دون الآخر، وعليه تزيد حالة الاحتقان لتصل درجة الحقد، واعتبار أن هذه الفئة حققت مكاسبها بدماء الشهداء، وبجوه وحرمان عامة الناس في المخيم. ومن يتجول في أوساط الشباب يسمع قصص، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو صحيح جزئياً، ومنها ما هو باطل، وكلها تنال من رموز في المخيم، وبكل أسف مصدر آخرون ممن يتنافسون على تبوأ الصدارة في المخيم. طبعاً بما أن الجهة الرسمية التي تدعم وتوظف المسؤولين هي السلطة، فيصب الناس جام غضبهم على مؤسسات السلطة ورموزها.
أما عن وجود مبالغ مالية تصرف لإثارة الفتن، فهي ليست بهذه الصورة، ولكن أمام حالة الحرمان والتيه التي يعيشها البعض من أبناء المخيم، فإنه من السهل التأثير على أبناء المخيم ممن ليس لهم إطار اجتماعي يستوعبهم، وليس لديهم ما يغطي مصاريفهم أسوة بأقرانهم، فلا يستبعد أن يتم تجنيد الشباب من قبل بعض الفئات، ولكن لن يكون ذلك تحت يافطة التخريب، بل العمل السياسي، أو المشاركة في النضال، وبكل أسف هنا تختلط الأمور فيقوم بعض الشباب بممارسات عنيفة ليثبت وجوده، ولا يجد رادع، لأن البعض معني بانتشار الفوضى، ولكن حتماً ليست فئة الشباب، وليست المجموعات التي تقوم بهذه الأعمال. بكل أسف في المخيم يعرفون الكثير، ولكن للحفاظ على توازنات يتم تداول الأحاديث في الجلسات الخاصة، ويحاول كثيرون الابتعاد عن تسمية الأمور بأسمائها. وهنا الأمر لا يقف عند مخيم جنين، فهذه الظاهرة موجودة في مختلف المخيمات، ويمكن أن تمتد للقرى والبلدات الكبيرة، لنفس الأسباب.
أين دور السلطة لوقف هذه الظواهر؟، وهل الابتعاد عن الاحتكاك أو التصادم هما الخياران الوحيدان أمام السلطة؟ بصراحة على مؤسسات السلطة تشكيل خلية حل، على أن تبدأ هذه الخلية بمخاطبة المحسوبين عليها بشكل مباشر، ومكاشفة المتورطين بتسمين هذه الظواهر، وذلك على قاعدة الإصلاح، ومن لا يريد الرجوع عن نهجه، فلا بد من الحساب، وهنا لا بد أن يكون الحساب على قاعدة واضحة، وكشف وفضح ممارسات هذه المجموعات، ولا يجوز الاكتفاء بسحب بعض الامتيازات المعنوية، كتنحية البعض عن مسؤوليات قيادية، دون توضيح الأسباب، عندها ستكون سلاح بيد هذه المجموعات للتحريض. الأمر الآخر المطلوب من السلطة محاولة تحقيق العدالة فيما تقدمه من مساعدات، وما توفره من فرص أمام الجميع، فلا يعقل أن تبقى الأمور بيد عدد محدود من المحسوبين على السلطة.
الأمر الآخر استنفار الغالبية الصامتة من أبناء المخيم والمدينة، لفتح نقاش يشارك فيه الجميع على قاعدة وضع تصورات للقضاء على الأصوات التي تحاول توتير الشارع، وبث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد. ملاحظة الخطاب الحالي للسلطة، وحزب السلطة لم يعد مناسباً للشارع. والمطلوب استثارة الخيرين من أبناء المخيم والمدينة ممن لم يتورطوا في أعمال أساءت للمواطنين، وأضرت بالأمن، مع إمكانية مشاركة الجميع على قاعدة تحترم عقول المواطنين.
وإذا بقينا تغمض عيوننا عما يجري، وبقينا نرى الضبع ونبحث عن وكره " كمن يرى الضبع ويقص على الموكرة"، عندها سنصل مرحلة لن ينفع معها الندم.