حمدي فرّاج يكتب لوطن: "..فخريطة الوطن الكبير فضيحة"

26/05/2023

 لم يكن سؤال الصحفية السورية في المؤتمر الصحفي لختام القمة العربية الأخيرة في جدة ليثير غضب أمين الجامعة كل ذاك الغضب ، فيقطع عليها حديثها و ينفي ما رمت اليه ثم يستعين بأحد ابواق النظام المصري ليتصدى بدوره لها . كان السؤال : كيف ستقنعون الجماهير العربية بالصورة الجديدة / المتجددة للجامعة عن الصورة النمطية القديمة .

يجمع الجميع تقريبا على التحولات الكبرى في العالم من انه يتغير ، و ما في ذلك من شك، بل ان معظم إشارات التغير تفضي ان هذا التغير لصالح الناس والشعوب و التحرر و كسر ألات الحصار و الهيمنة و الاستحواذ والاستفراد والاستغلال والاضهاد والاستعمار والاستحمار والاستثمار والاتجار والافقار التي سادت خلال العقود الأربعة الأخيرة.

لكن السؤال الأكبر والاهم بالنسبة لنا في وطننا العربي ، هل وصلنا هذا التغير ؟ هل نحن حقا نواكبه ونتناغم معه وننبض بنبضه؟

الجواب الذي لا يحب أحد منا سماعه ، هو : لا . بما في ذلك مؤتمر القمة الأخير الذي سمح فيه لسوريا ان تعود الى مقعدها، فعده البعض إنجازا عظيما، حيث في آخر لحظة اقحمت القمة باستضافة رئيس أوكرانيا وإلقاء كلمة مثله مثل بقية القواد العرب، لم يستطع أي قائد ان يعترض او يحتج او حتى ان يسأل، لم نكن نعرف ان فولوديمير زيلينسكي عربي "قح بدون دشداشة" ، واوكرانيا دولة شقيقة اقتطعت منا ثم عادت الى أحضان امتها  ، في حين ان عودة بشار استوجبت عقد قمة مصغرة ثم قدموا اشتراطات ومع ذلك ظل البعض مصر على معارضة عودته .
  

و بعيدا عن القمة و خفايا القمة و دهاليز القمة ، هل يعقل ان تستغرق ساعتين فقط لمناقشة مشاكل الامة التي تبدو بلا عد ؟ هل معقول ان تستغرق هدنة اليمن عامان دون ان يتمكنوا حتى الآن من حل مسألة تبادل الاسرى ، و لبنان انتخاب رئيسه ، والسودان ينفجر عسكريا بين العسكري الأول ونائبه العسكري الثاني بعد اقل من عشر سنوات على فصمه الى سودانين ، و النيل اقتطعته اثيوبيا دون تجرؤ الاشارة الى إسرائيل التي تقف خلفها ، و الخليج التي دخلته إسرائيل بكل ترساناتها العسكرية والأمنية والاقتصادية عبر اتفاقيات ابراهام  ، والأردن الذي اصبح علنا على جدول اعمال إسرائيل الوطن الأول والاخير للفلسطينيين ، و ليبيا التي ينتظر شعبها قطف ثمار "ثورتها" بعد عشر سنوات على اعدام رئيسها بفتوى من إمام الامة الشيخ القرضاوي بأن من يقتله يذهب الى الجنة ، فذهب هذا الى الجنة و ذهب ذاك الى النار و ما زال الشعب الليبي ينتظر خلاصه من براثن الثوار .

أما فلسطين فتذهب ابعد وابعد الى حضيض الخلافات والاستئثارات والمساومات ، و تبدو للرائي انها أصبحت قضية انتخابات طلابية ، لا أكثر ولا أقل ، رغم انها في الجوهر لا تؤمن بالانتخابات .

قبل حوالي نصف قرن كان نزار قباني متعبا بعروبته :
أنا يا صديقة متعب بعروبتي *  فهل العروبة لعنة وعقاب / أمشي على ورق الخريطة خائفاً * فعلى الخريطة كلنا أغراب ../ لولا العباءات التي التفوا بها * ما كنت أحسب أنهم أعراب .. / يتقاتلون على بقايا تمرة * فخناجر مرفوعة وحراب / وخريطة الوطن الكبير فضيحة * فحواجز ومخافر وكلاب / والعالم العربي .. إما نعجة مذبوحة أو حاكم قصَّاب