راسم عبيدات يكنب لوطن: مدرسة راهبات الوردية لنعمل على حل المشكلة لا تعميقها

25/05/2023

لا يمكن لأي مشكلة ان تحل بالردح او الشتم والقدح والذم والتخوين، وتجاوز كل القيم والمعايير الوطنية والأخلاقية، فمعالجة أي سلوك او موقف خاطىء  أو خارج عن المألوف  يتم من خلال تقييم هذا السلوك او الفعل من منطلق معيار وطني عام   يجري الإحتكام اليه،بعيداً عن الشخصنة  او الفئوية او الطائفية ، لأن مثل هذا المنطلقات والمداخل لعلاج الأزمة من شأنها ان تفاقم المشكلة لا أن تحلها او تسهم في علاجها....
والمشكلة او الخطأ الذي ارتكب من قبل إدارة المدرسة، من خلال تقديم اسكتش مسرحي، يتعرض للصراعات في العالم والظلم الذي يلحق بالشعوب،وجرى فيه رفع علم دولة الكيان، من احدى الطالبات في سياق عرض هذه المسرحية، كدولة تحتل أرضنا وتصادر حقوق شعبنا، واضح أنه خطأ لا يمكن تبريره او الترويج له او تسويقه او الدفاع عنه، حتى لو كان الهدف نبيل، لأن جهنم مبلطة بالنوايا الحسنة، وهو يأتي في ظل هجمة يشنها الكيان على شعبنا، وبالذات على العلم الفلسطيني، حيث تقدمت القوى الفاشية بمشروع قرار الى كنيست دولة الكيان، يعتبر رفع العلم الفلسطيني مخالفة جنائية في القدس والداخل الفلسطيني – 48-، وصودق عليه بالقراءة التمهيدية، أي ان هذه الكيان لا يعترف بوجودنا كشعب له حقوق وطنية سياسية وعلم ونشيد وأرض وتجليات لهذا الوجود من هوية وثقافة وتاريخ ورواية ...الخ.
وفي الوقت الذي ندرك بأن  هذا السلوك او النشاط خاطيء كما ويستدخل ثقافة التطبيع مع كيان لا يعترف بوجودنا كشعب، ولعل اعتراف إدارة المدرسة بهذا الخطأ والسلوك الخاطىء، يشكل خطوة هامة نحو الحل،وهذا الموقف يجب تطويره والبناء عليه،وخاصة بان مدرسة راهبات الوردية،واحدة  من مدارس القدس العريقة،والتي يشهد لها ليس تربوياُ وتعليمياً، بل في تنفيذ والقيام بالأنشطة والفعاليات الوطنية  والثقافية والتراثية ودبكات شعبية وزيارة قرى مهجرة  وابحاث تتعلق بتاريخ مدينة القدس والوجود العربي فيها.... الخ.
ان المعالجة لهذا الخطأ او السلوك الخاطىء، بطريقة خاطئة أو عبر مفردات الشتم والقدح والذم، بعيداً عن النقد البناء،والسعي للتصويب والحفاظ على الموقف الوطني، من شأنه أن يفاقم المشكلة ولا يساهم في حلها، ونحن على ثقة بأن إدارة المدرسة ليس  لديها اجندات في استدخال ثقافة التطبيع،كما حصل ويحصل مع اكثر من مدرسة وأذكر بأن احدى المدارس كان على جدار مدرستها  مرسوم علم دولة الكيان،وكان حبل التطبيع على غاربه مع المدارس "الإسرائيلية"، لقاءات رياضية وزيارة في الأعياد كعيد العرش وغيرها، وما هو اخطر من ذلك تدريس مادة التاريخ من وجهة نظر صهيونية بحتة، حيث يصف العديد من الفصائل الفلسطينية ب"الإرهاب". وهناك الكثير من الأمثلة في أكثر من مدرسة، ومن هذا المنطلق، ولكي يكون هناك صمام امان وضابط ايقاع لعدم حصول مواقف خاطئة أو  سلوك يخرج عن  الموقف الوطني، فلا بد من العمل على تشكيل أو انتخاب لجنة أولياء  امور في هذه المدرسة وغيرها من المدارس، تكون شريكة الى جانب إدارة المدرسة، في القرار بشأن الأنشطة والفعاليات التي تجري وتنفذ في المدرسة او خارجها ،وهذا يحتاج الى أن تاخذ مديرية التربية والتعليم في القدس ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية والمرجعيات الرسمية الناطقة باسم القدس دورها في هذا الجانب، وأن يكون لها رؤيا واضحة لا أن تبقى متفرجة وشاهد زور.
أما ما يتعلق في المنهاج الإسرائيلي الذي بات يتمدد ويتوسع في مدارس مدينة القدس على حساب المنهاج الفلسطيني ،حيث بلدية الكيان ووزارة معارفها، رصدت ضمن خطتها الخماسية 2018 -2023 البالغة 2 مليار ومئة مليون شيكل ،لدمج السكان العرب في مدينة القدس في المجتمع والإٌقتصاد الإسرائيلي، 875 مليون شيكل لأسرلة العملية التعليمية، وباتت المدارس التي تبنيها وتعمل على بنائها في القسم الشرقي من المدينة، تدرس المنهاج الإسرائيلي، ومورست ضغوط كبيرة على المدارس الخاصة الأهلية الفردية والدينية اسلامية ومسيحية، لكي تدخل المنهاج الإسرائيلي في منهاجها، والعديد منها هدد بسحب تراخيصه...وبدون الخوض بالتفاصيل، والتي تحتاج الى مقالة خاصة لعلاجها، هناك العديد من المدارس خضعت وادخلت صفوف تدرس من خلالها المنهاج الإسرائيلي، وأبعد من ذلك هناك من عملوا كوكلاء للترويح لهذا المنهاج،ممن كانوا ملتصقين بالجسم الوطني ،وهنا اعتقد بأن المصالح الخاصة حكمت التعاطي والقبول  بذلك، فليس من حق دولة الكيان ان تفرض على السكان المحتلين  منهاج يتعارض مع لغتهم وهويتهم وثقافتهم ومناهجهم التعليمي ،ولهذا فإن غياب المرجعيتين الوطنية والتربوية الجامعتين، ساهمتا الى حد كبير في حصول فراغ وغياب قرار موحد يوضح المخاطر من دخول المنهاج التعليمي الإسرائيلي وإحلاله محل المنهاج الفلسطيني في مدينة القدس، وخاصة المخاطر المترتبة على الوعي للطالب الفلسطيني من حيث "كي" و" تطويع" و"صهر" و"جرف" هذا الوعي، والسعي للسيطرة على الذاكرة الجمعية لأبناء شعبنا وطلبتنا، للوصول الى الهدف الذي تحدث عنه احد مؤسسي دولة الكيان واول رئيس وزراء لها بن غوريون " كبارهم يموتون وصغارهم ينسون". 
وللأسف غياب الموقف من قبل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وسكوتها على قبول المدارس الخاصة والأهلية، أن تتقاضى مال مشروط من قبل بلدية الكيان،وعدم وضعها لخطة او رؤية أو استراتيجية،لكيفة، الخروج من هذه المصيدة التي وقعت فيها المدارس الخاصة والأهلية، ناهيك عن نمو ووجود مصالح للعديد من الإدارات التي غلبت المال على الموقف الوطني، وعدم امتلاكها للبديل، عمق من الأزمة وفاقمها، وأصبحت المدارس وإداراتها تأخذ القرارات على عاتقها، ومن هنا أقول بأن مسؤولية عدم التعاطي مع المنهاج التعليمي الإسرائيلي، ليست فقط مسؤولية إدارات المدارس فقط،فهذا بحاجة الى موقف جمعي وطني ورسمي يعبر عنه بمواقف واضحة وبجرأة عالية من قبل الحكومة الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكل المرجعيات الرسمية الناطقة باسم القدس، مضاف لهم اتحاد لجان اولياء الأمور ولجان الأباء والأهالي والمجتمع المحلي ...
كما يقول المثل "رب ضارة نافعة"، ولعل ما حصل في مدرسة راهبات الوردية،يكون حافز عملي للجميع، لكي يتلمس طريقه بشكل فعلي وعملي،لكيفية الحفاظ على المنهاج الفلسطيني في المدارس الخاصة والأهلية، وهذا يحتاج الى جهود حقيقية، تحتاج الى بناء إطارات طلابية مهنية في المدارس، لجان طلابية و تشكيل لجان اولياء امور،واتحادات لأولياء الأمور،وأطر صديقة من الأهالي وبرامج توعوية شاملة.