عشرة ملاحظات حول حكومة الاحتلال القادمة

14/12/2022

 د. محمود الفطافطة:

1. التفاضل بين شرين شر!!
الأحمق والعاجز هو الذي يُفاضل أو يُقارن بين حزبين أو شخصين أو حكومتين في دولة الاحتلال. اليسار كاليمين - أحزاب صهيونية محتلة ومجرمة. ولا يوجد مدني في إسرائيل. الجميع محتلٌ لأرضنا، والجميع مجند في الجيش: نظامي أو احتياطي. علينا ألا نتعامل مع مبدأ طبيعة الحكومات والتمييز بينها، بل مع مبدأ وجود احتلال لفلسطين يفرض علينا مواجهته لا المقارنة بينه. التفاضل بين شرين شر كما تقول العرب.

2. خرافة التسوية!!
الاحتلال لا يريد سلاماً، بل يريد منا استسلاماً وأن نكون عبيداً. جربت السلطة الفلسطينية التسوية السياسية ولم نحصل إلا على المزيد من الاستيطان والقتل والهدم والاعتقال والتشريد وسواها. لا يمكن إطلاقا التفاوض مع محتل والحصول منه على حقوقنا. لقد أرهقوا الله في جدالهم معه بشأن بقرتهم، وقتلوا الأنبياء عناداً وغروراً وتلذذاً لشهوة الدم والاقصاء والعنصرية والابادة. العاجز من يستجدي سلاماً مطعماً بالاستسلام من محتليه، والعظيم من يُحارب محتليه دون أن يغرق في خرافات التسوية وكوارثها.

3. وهم القوة
اليقين الثابت هو أن السلطة الفلسطينية عاجزة في مواجهة إجراءات الاحتلال الصهيوني، صغيرها وكبيرها؛ إذ أنها لا تملك (الرغبة، القدرة، والفرصة) لذلك. بكلماتٍ أخرى: أرى أن تجربة العقود الثلاثة الماضية برهنت على أن هذه السلطة ما هي إلا كيانٌ فاقدٌ لأي معنى فعلي متعلق باستقلالية الحكم أو فاعلية السيادة. إن وظيفة السلطة ما هي إلا وظيفة إدارية، مدينة، خدماتية ترفع عن كاهل الاحتلال تكلفة احتلاله دون أن يسمح لها بالتحول إلى مستوى مؤسساتي مقبول حتى ولو كان ذلك مجرد حكم ذاتي. فلسطين وشعبها عصيين على التهميش والاستسلام. ليس عيباً أن نضعف حيناً دون التنازل، بل العار كل العار الاستسلام تحت مبرر الضعف.

4. القوة والحق
نعلم جيداً أن الاحتلال قوي بترسانته الأمنية والعسكرية وعلاقاته الدولية والإعلامية؛ لذلك، قد يرى البعض أن انتهاج المقاومة " العسكرية" تضر بنا أكثر من أن نُحقق من خلالها الهدف المنشود. أقول في هذا الشأن: مثلما أنه يجب على الاحتلال أن يدفع تكلفة احتلاله لأرضنا وشعبنا، فعلينا بالمقابل أن ندفع ثمن تحررنا وحريتنا. الحرية تأتي بالتضحية، ولا يجلب الحرية إلا التضحية المتراكمة. إن ما نشهده، وسنشهده من عمليات فدائية نوعية: فردية أو منظمة، سيساهم في تفكيك التكوين الصهيوني شيئاً فشيئاً. فالهجرة المعاكسة والتذمر الداخلي وثنائية الجنسية أصبحت وتيرتها في تصاعد مستمر وملحوظ داخل الكيان الصهيوني.

5. خرافة المجتمع الدولي
منذ قرن وأزيد والفلسطينيون يدافعون ويضحون من أجل تحرير أرضهم وحرية شعبهم في الوقت الذي ما زال فيه ما يُسمى" المجتمع الدولي" خاذلاً لهم، مُدعياً أنه حكما نزيهاً بين الفريقين المتصارعين، لكنه في الحقيقة غير ذلك، وما هو إلا عدو وخصم في كثير من الأحيان. هذا " المجتمع الدولي" في قسمٍ منه متواطئ وداعم للمحتل، وقسم آخر صامت وعاجز عن مساعدة المظلوم وصاحب الحق، وفريقٌ ثالث منافق ومتصهين. علينا أن نعول على أنفسنا لا أن نترك قرارنا وقضيتنا وشعبنا في سوق نخاسة الكبار من المنافقين والأعداء.

6. التطبيع:
إن اقدام " قوادي" العرب المتصهينين نحو التطبيع والخضوع للمحتل لا يعني، إطلاقاً، أن كثير من شعوب دولهم موافقين على تنازلهم والعبودية للمحتل الغاصب. إن هؤلاء المطبعيين مصيرهم كمصير الدولة التي طبعوا معها؛ إنه مصير الزوال. وانظروا في مشهدٍ حي وحديث متمثل في اختباء أو تستر اعلامي الكيان الصهيوني تحت ستارة الجنسيات الغربية للحيلولة دون اهانتهم من مشجعي مونديال كأس العالم في قطر.

7. حكومة القتل لا تخيفنا!
إن فوبيا قدوم بن غفير وسموترتيش ونتنياهو وبن عوز وسواهم لم ولن يخيفنا. لقد خبرنا المجرمين منهم؛ بدءاً من بن غوريون مروراً بديان وبيجن وغولدا، وصولاً إلى شارون ورابين وباراك وغيرهم. كلهم ذهبوا إلى مزبلة النسيان والاندثار مثلما سيتحقق ذلك لدولتهم المسخ والمخترعة.

8. لا يوجد مواقف تحت الطلب!!
قد يقول البعض أن ما ذكرته سالفاً ما هو إلا مجرد شعارات تردد، أو دغدغة للعواطف أو تحفيز للمشاعر والنفوس. الحقيقة ليست ذلك. الحقيقة أنه لا يوجد أنصاف مواقف أو مواقف تحت الطلب. إما أن تكون حراً وتدفع الثمن مرة واحدة وصولاً للتحرر والحرية، أو أن تكون غير ذلك وتدفع الثمن مرتين: مرة هي الهزيمة، ومرة ثانية هي العار المخلد.

9. الانقسام شر مستطير:
انقسام الشعوب التي لم تخرج بعد من ربقة الاستعمار لعنة تصيب كل مقومات صمودها وإرادتها. بالانقسام تفتتّ الجغرافيا، وتجزأ النظام السياسي، وتوالدت الأحقاد والاصطفافات البغيضة، واعترى البرلمان شلل عميق. بالانقسام ضعفت الارادة وتشظت المقاومة. وبه انعدمت الرؤية الواحدة؛ لستفردّ الرؤى التي تصب "الزيت على نار" الواقع الذي أصلاً هو ملتهب. إن لم يتصالح المتخاصمين من فتح وحماس، فإن التاريخ لن يرحمهما وسيكتبهم من الخاسئين والمتواطئين على إضعاف شعبهم وتخاذلهم تجاه نصرة أهلهم. لا يمكن أن يبقى الانقسام سائداً والمحتل يسود في أرضنا استباحة واجراماً. الانقسام لعنة كبرى، وما على المتسببين بها التخلص منها، وإلا فإنه لا يحق أن يوصف مثل هؤلاء بأنهم من الشعب أو يمثلونه.

10. الجواسيس:
هذه "النبتة الشيطانية" زرعت الكثير من النكبات لشعبنا. فمعظم الصف الأول من الشهداء والأسرى ومن اتبعهم من قيادات ومقاومين استشهدوا أو أُسروا بفعل هؤلاء الجواسيس المتزايدة أعدادهم، مقابل ضآلة مواجهة شرورهم من السلطات القائمة. لا تحرير لأرضنا أو حرية لشعبنا طالما الجواسيس في ازدياد، وشرورهم تتصاعد قتلاً وعذاباً. المحتل والجاسوس سيان؛ عدوان لنا، وما علينا إلا التخلص منهم.