الثقافة الفلسطينية والعودة إلى البيت

05/12/2022

كتب حمزة البشتاوي: ارتبطت الثقافة الفلسطينية، وتميزت بالمقاومة وبأصوات عالية بالتحدي والتمسك بالأرض وتمجيد العمل الفدائي، ورفض الخذلان ومشاريع التسوية. وكان لها دوراً كبيراً في ميدان المعركة التي ولد في خضمها أدب المقاومة، وفي سياقها تم تحديد بوصلة العمل الثقافي باتجاه العودة والتحرير وتحقيق أحلام الأسرى وتنفيذ وصايا الشهداء، والتأكيد على الهوية والتراث، بالإضافة لمواكبة ما يسطره الإنسان الفلسطيني دفاعاً عن الحقوق المسلوبة برؤى وأساليب مختلفة.

وحمل الفلسطينيون راية الدفاع عن الثقافة الوطنية الفلسطينية مع دعوتهم المستمرة لبناء إستراتيجية ثقافية شاملة، على الرغم من الإختلاف الشاسع ما بين الخطاب السياسي والخطاب الثقافي وهذا يتطلب وبالحد الأدنى تقليل الإلتباس ما بين الثقافي والسياسي، ورفع مستوى وأداء المقاومة الثقافية كضرورة من أجل إستدامة الوعي ومواجهة الإحتلال الذي يحاصر التاريخ والجغرافيا وأيضاً الثقافة التي يصعب الحديث في شؤونها وشجونها بعيداً عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطيني وفي كافة أماكن تواجده.

وهذا لا يمنع من طرح السؤال لماذا تغيب مؤسسات منظمة التحرير عن المراكز الثقافية والفكرية مثل مركز التخطيط ومؤسسة الدراسات ومركز الأبحاث ولماذا تغيب المراكز الثقافية للفصائل الفلسطينية، ولماذا التغييب والتهميش للعمل الثقافي ولماذا تخصص السلطة الفلسطينية أقل من واحد بالألف من موازنتها للثقافة وأكثر من 38% من الموازنة للأجهزة الأمنية، ولماذا يطال التهميش المثقف رغم أنه كان في السابق صاحب دور قيادي في المنظمة إضافة لحضوره الأدبي الذي يساهم بإبراز القضية ويحول صوت الفرد إلى صوت للشعب والقضية.

وفي سبيل الخروج من الحالة الراهنة لا بد من العودة إلى الحاضنة الوطنية والبيت المعنوي، وإعادة ملف الثقافة إلى منظمة التحرير، بعد إعادة بناء وتفعيل مؤسساتها وخاصة دائرة الثقافة والإتحاد العام للكتاب الفلسطينيين وأيضاً وزارة الثقافة وهذه الثلاثية يمكنها تفعيل وتطوير العمل الثقافي والإتفاق على رؤية وإستراتيجية عمل مشتركة وإنجاز عملية توحيد الإتحاد العام للكتاب الفلسطينيين على أساس خطاب ثقافي واحد وموحد يستند إلى الميثاق الوطني الفلسطيني وثقافة المقاومة فكراً وممارسة ودعم المثقف المشتبك المنحاز لشعبه في معركة التحرير والعودة.

ويمكن أن يساهم التكامل بين هذه الأطر الثلاث في معالجة حالة التراجع والإنقسام السياسي والجغرافي، وتأثيرات الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمساهمة ايضاً في تشجيع الكتاب والأدباء خاصة في مجال الإبداع والنشر في معركة الدفاع عن الأرض والإنسان والحرية وكامل التراب والنشيد.