خالد منصور يكتب..انه الجنون .. احد عشر ناشطا يتقدمون لاقتحام حاجز حوارة

02/12/2022


أنشطة المقاومة الشعبية تسير كموج البحر .. تتصاعد أحيانا وتهبط أحيانا أخرى .. وهناك دوما يكون بين النشطاء عناصر تلعب دورا تحريضيا تحفيزيا .. ولا يروق لها الحال حين تمر أيام واسابيع دون فعل ثوري مقاوم .. يقلق راحة جيش الاحتلال ويرسل له رسالة ان شعبنا لم ولن يستكين .. ولن يتعايش مع احتلالهم واستيطانهم .. فيبادرون لتنظيم فعاليات حتى ولو كان الحشد لها قليل .

والذكريات تأخذني الى يوم 28/12/2013 .. حين بادرت مجموعة من النشطاء للدعوة الى تنظيم فعالية على حاجز حوارة .. دعما واسنادا لأسرانا البواسل في سجون الاحتلال .. فوجهت هذه المجموعة الدعوة الى فصائل العمل الوطني والى مؤسسات العمل الأهلي.. وكذلك الى وسائل الاعلام .. وحددت مكان التجمع لانطلاق الفعالية عند مكاتب شركة كيا - في نهاية شارع القدس على بعد 500 متر من حاجز حوارة - المدخل الجنوبي لمدينة نابلس .. واذكر اننا انتظرنا حوالي نصف ساعة زيادة على الوقت المحدد .. ولم يحضر الا احد عشر ناشطا وناشطة .. ما زلت اذكر بينهم وائل الفقيه ونصر أبو جيش وعماد الدين شتيوي وميسر عطياني وميسر الفقيه واهليل أبو جيش وسامي الزلموط وعدد اخر من النساء والاجانب  .. كدنا في البداية نصاب بالإحباط لعدم قدوم مشاركين جدد .. تدارسنا الوضع .. فاقترح البعض القليل الغاء الفعالية وتحديد موعد جديد .. لكن الأغلبية اصروا على تنفيذها والتقدم نحو الحاجز .. وكانت فكرة جنونية .. ومخاطرة كبيرة ان نتقدم نحو الحاجز بهذا العدد القليل جدا .. وبدون وجود الا العدد القليل من المصورين الصحفيين – وهذا يعني ان الجنود ممكن ان يبطشوا بنا بطشا كبيرا دون وجود من يوثق فعلتهم - لكن النشطاء اصروا على تنفيذ الفعالية وبحماس كبير .. تقدمنا نرفع الأعلام وصور الاسرى .. حتى وصلنا الى ملتقى شارع القدس بشارع روجيب - أي على بعد 200 متر من الحاجز الاحتلالي.. وقفنا هناك على المفترق .. والسيارات العربية تمر من جانبينا .. وتقف وتسال ( شو في ) .. فنجيبهم جئنا نتظاهر دعما للأسرى امام من ياسرهم ويعذبهم .. ثم اخذنا نهتف ( يا جماهيرنا الشعبية .. حيو اسرى الحرية .. عهدا منا للمساجين .. للأحرار بالزنازين .. ما بنتركهم منسيين .. اشتعلي اشتعلي يا نيران .. بوجه الغاصب والسجان .. لا سلام ولا امان .. والأسرى خلف القضبان ) ..

كان جنود الاحتلال يراقبونا من بعيد .. ثم تقدم احد جيباتهم العسكرية نحونا واراد استفزازنا .. لكننا بادرنا نحن بتحديه .. اذ نزلت عن الرصيف ووقفت امامه مباشرة ومنعته من التقدم .. وقام بقية النشطاء بالإحاطة به ومحاولة غرز الاعلام عليه .. وهم يرفعون الاعلام ويرددون ورائي الشعارات بصوت عال .. فحرف الجيب مساره بعد ان توقف لدقائق .. واسرع عائدا الى الحاجز .. فما كان منا الا ان لحقننا به .. وتقدمنا حتى وصلنا بوابة الحاجز .. فتصدى لنا الجنود واخذوا يدفعوننا بعنف شديد بأعقاب بنادقهم للخلف - يريدون فتح الشارع – لدرجة ان بعض المشاركين والمشاركات سقطوا على الأرض ( وانا واحد منهم ) .. وبعد مشادات بالكلام وبالأيدي اطلق الجنود قنابل الصوت بين ارجلنا .. لم نخف ولم نتزحزح .. فابتعدوا عنا وأمطرونا بوابل من قنابل الغاز اللعين .. فاختنقنا وابتعدنا قليلا .. لكنهم دفعوا بقوة كبيرة لاحقتنا .. وكثفوا من اطلاق قنابل الغاز .. فما كان منا الا ان انسحبنا نحو شارع القدس .. وتناقشنا بالأمر وقيمنا ما فعلناه ..ووصلنا الى نتيجة اننا اوصلنا رسالتنا للمحتل .. وقررنا انهاء الفعالية

اليوم حين أتذكر تلك الفعالية أقول لقد كنا مجانين فعلا .. ان نسعى لمواجهة جيش الاحتلال بهذا العدد القليل من المشاركين.. لكنني في نفس الوقت أقول: انه جنون محبب وهو يدل على ان الطاقة الثورية وروح التحدي عندنا عظيمتان.. وان هناك طاقات كبيرة ونشطاء مستعدون للعمل في أصعب الظروف.