ريما كتانة نزال تكتب لوطن .. السيداويات

01/12/2022

السيداويات، هو الاسم الجديد الذي أُطلق على الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وبخاصة حقوق المرأة، وهو الاسم الذي أطلقته منذ ثلاث سنوات بعض الجهات المتطرفة من خلال حملة عنصرية منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي وعدد من المنابر والمواقع ضد المرأة الفلسطينية ومؤسساتها، تحت عنوان "الحراك الجماهيري لإسقاط سيداو"، أي ضد اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة. وقد خصص القائمون على هذه الحملة صفحة للهجوم على الاتفاقية الدولية وعلى الناشطات الفلسطينيات وعلى عموم المؤسسات النسوية، وبين حين وآخر تلجأ الصفحة المذكورة إلى نشر صور من تعتبرهم سيداويات من القيادات النسوية، ومؤخراً وضعوا صورتي مع تعريفي كسيداوية.

لم يهمّني التعريف، لكني تفاجأت بالاختصار والاختزال المقصود للشخصية وحصرها بالسيداوية نسبة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، استغربت التسمية التي يجمعون بها الناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة ومشاركتها ومساواتها، بقصد اغتيال الشخصية المعنوية للمدافعات عن حقوق المرأة والإنسان. أدهشني اختزالي واختصاري بهذه الطريقة، وحشرنا كمناضلات معروفات ضمن تصنيف غريب عن طبيعة تصنيفاتنا الفلسطينية، ما اعتدنا على تداوله بدءاً من العضوية في الفصائل والأحزاب الذي يعبِّر عن التنوع في الانتماء لأحد فصائل العمل الوطني، أو التصنيف والفرز على خلفية الانضواء تحت اسم جمعية أو مركز أو إطار نسوي بمختلف المسميات الناشطة في الحقل السياسي أو الحقوقي والقانوني أو الاقتصادي والتعليمي أو الصحي وغيرهم.

المقصود في الحملة المضادة، الإصرار على استمرار التمييز ضد المرأة، واستمرار الاضطهاد والظلم وقمع المرأة الفلسطينية الحرة وكبت صوتها، فيقوم المشرفون على الحملة بتشويه نضال المرأة ويؤولونه كما يشاؤون، مرة باتهام المدافعات الحقوقيات بالمثلية وأخرى باسم الخروج عن الدين. 

لن نخشاهم أبدا، وسنستمر في أعمالنا التي نشأنا عليها كنساء فلسطينيات فخوروت بهويتهن الوطنية ونضالهن الاجتماعي والحقوقي الذي لا ينفصل عن نضالهن الوطني، فتحن عيونهن على واقع الاحتلال وجرائمه، وقررن الاستمرار في خوض النضال بكل أشكاله ضمن مبادئ توازي المسار الحقوقي الوطني التحرري مع المسار الحقوقي الاجتماعي التحرري، فلن يتحقق هذا إلا بذاك، لن تتحرر الأوطان دون تعبئة وحشد طاقات الجميع بما فيهم قطاع المرأة دون استثناء في المعركتين الوطنية والاجتماعية والديمقراطية.

لن نخشى المتعصبين والمتطرفين ضد حقوق المرأة بوصفها إنسانة أولا ومواطنة ثانيا، ولن نتعاطى مع طروحاتهم لأنهم لا يروننا، وهم عاجزون عن رؤية المجتمع كما هو على أرض الواقع والذي لن يوقف حراكاته الاجتماعية والوطنية بناء على الترهيب الممارس من المتطرفين، لأنها حراكات وائتلافات موضوعية نتجت عن متطلبات واحتياجات الواقع المعاش، وحاجة المجتمع الفلسطيني ضمن السياق الخاص إلى إطلاق الحريات.

في كل الأحوال، هذا الاتجاه لا يريد رؤية النساء وهن يشاركن في أي من المجالات الكفاحية ذات الأولوية، لا يريدون مشاركة المرأة حتى في ميدان االعمل الوطني، وإلا كيف نفسر هجوم صفحتهم على النشاط الذي قمنا به في نطاق حملة القضاء على العنف ضد المرأة ممثلاً بإضاءة مكتب اتحاد لجان المرأة الفلسطينية الذي أغلقه الاحتلال بسبب اتهامه بممارسة الارهاب، تعبيرا عن أولوية مناهضة الممارس من الاحتلال وكأحد الأسباب المعززة للعنف الاجتماعي، لقد غصت صفحتهم بتشويه الفعالية النضالية..!

يسموننا سيداويات، لتبدو التسمية وكأنها سُبّة وشتيمة مقذعة، يحاولون صناعة رأي عام لإظهار المدافعات عن حقوق المرأة كمتمردات على النسق العام لوطنهن وناسهن أو كخروج عن النص الاجتماعي، يضعون الحواجز أمام تحقيق الإنجازات والحيلولة دون التمتّع بحرية الرأي والتعبير.

يسموننا سيداويات لأنهم يريدون تكوين رأي حول المصطلح ليجعلوا منه تعبيرا يشبه إسباغ كلمة الشرف على جرائم قتل النساء، وذلك ما جعل للكلمة سطوتها على الوعي الجمعي، وشجع على التقاعس عن القيام بأي تدخل مباشر لإنقاذ الضحية ومنع الجريمة، حتى حين تقتل علانية أمام الملأ. يريدون إكساب الكلمة ذات التأثير المذهل لكلمة الشرف، وسهولة استعمالها كمبرر لارتكاب مزيد من جرائم القتل المتعمدة.