نحن.. والتعليم من منظور النوع الاجتماعي!!

07/10/2022


بقلم: د.عقل أبو قرع

يتزايد عاما بعد الاخر اقبال النساء على التعليم العالي وبأنواعه في بلادنا، حيث اصبحت نسبة الاناث الى الذكور تعادل الثلثين الى الثلث أو اكثر في المعاهد والجامعات الفلسطينية،  وهذا ينطبق على التعليم في المدارس، فتسرب الفتيات من المدارس،  كما كان قبل سنوات عديدة قد انخفض وبشكل واضح، وهذه المؤشرات الايجابية من المفترض أن تعتز بها الاسرة التعليمية والنساء والبيئة الحاضنة لهن، هذا على الرغم من ان هذه الزيادة لم تنعكس بالصورة الايجابية المتوقعة والمطلوبة على المسارات العملية والاجتماعية والاقتصادية للنساء في بلادنا، سواء فيما يتعلق بالانخراط في سوق العمل أو في احداث التغيرات في الانماط والمفاهيم والقيم الاجتماعية وانعكاساتها الاقتصادية، أي التغييرات المتوقعة من منظور النوع الاجتماعي.

والمساواة أو التعامل من خلال القوانين أو السياسات أو الاستراتيجيات أو البرامج والمشاريع من منظور النوع الاجتماعي، تعني الاخذ بعين الاعتبار عدة مسارات تتعلق بمفهوم النوع الاجتماعي، منها الادوار والمسؤوليات والواجبات والتعامل معها في اطار النوع الاجتماعي، ومنها الاحتياجات و الحقوق والخصوصيات، ومنها مسار الوصول الى مصادر الانتاج والتملك واستغلالها والاحتفاظ بها بحيث يحقق مصالح النوع الاجتماعي، ومن هذا المنطلق يشكل التعليم أو نظام التعليم بشموليته، الاطار الامثل والاكثر استدامه لأخذ مسارات النوع الاجتماعي بعين الاعتبار، وفي مجالات متعددة، لانعكاسات كل ذلك على نواحي مختلفة من الحياة مرتبطة بمنظور النوع الاجتماعي.

ومن أهم مسارات التعليم المفترض مأسسة منظور النوع الاجتماعي من خلالها، هي المناهج، بإطارها الشامل، ومن خلال مختلف التخصصات الادبية والعلمية والمهنية، وفي مختلف المراحل التعليمية، ومن خلال المحتوى أو المضمون والكوادر البشرية التي تقوم بإعداد المناهج،  وبالأخص في الصفوف الاولى، التي تتم المأسسة المستدامة من خلال البناء عليها، ومنظور النوع الاجتماعي في المناهج من المفترض أن يراعي ويركز على الفروق من خلال النماذج والصور وطريقة العرض والتطبيق، بشكل يتم فيها توضيح الحاجات والحقوق والمسؤوليات والواجبات ووسائل الوصول والتواصل والتحكم، وكل ذلك من منظور النوع الاجتماعي

ومن اركان مسارات التعليم الاخرى التي من المفترض أن يتم بناؤها من منظور النوع الاجتماعي، هي الموارد البشرية التعليمية، أي المعلمات والمعلمين، الذين من المفترض أن يقوموا بإيصال ما تحوية المناهج من مضمون وصور وانشطة الى الطلبة، من اناث ومن ذكور، بالشكل الذي يراعي النوع الاجتماعي وفي نفس الوقت تأصيل هذا المفهوم لكي ينعكس تدريجيا وخلال المراحل المختلفة الى البيئة المحيطة من خلال الطلبة، وبشكل يتم الحفاظ على ما يتم في غرف التدريس وبشكل مستدام وينعكس بشكل او بآخر على مناحي الحياة العملية بعد الانتهاء من التعليم.

وهناك مسار البيئة المدرسية، بإطارها الواسع من الابنية والخدمات والمرافق والنشاطات اللامنهجية والعلاقات داخل هذه البيئة، وما الى ذلك من امور لها علاقة بوجود طالبات وطلاب داخل هذه البيئة، لهن أو لهم احتياجات وحقوق ومسؤوليات وطرق مختلفة للوصول وللتواصل وظروف أفرزتها نظم ومفاهيم المجتمع، والتي احدثت الفروقات بين الذكر والانثى من منظور النوع الاجتماعي.

ومع وجود هذه الفرص أو المسارات التي ليس من الصعب اخذها بعين الاعتبار في نظام التعليم في بلادنا، بداية من التعليم الاساسي الى التعليم العام والعالي، الا ان هناك تحديات من المفترض عدم تجاهلها والتعامل معها بالصورة الايجابية ومن منظور النوع الاجتماعي، وهذه التحديات منها الثقافة المجتمعية المتأصلة التي ما زالت ومن نواح عديدة لا تراعي خصوصية النوع الاجتماعي، ومنها تجاهل أو عدم شمول سياسات واستراتيجيات التعليم وبشكل واضح مفاهيم النوع الاجتماعي، ومنها عدم وجود الاطار القانوني الملزم، ومنها ضعف الوعي أو الالمام وبالأخص من الكوادر التي لها علاقة مباشرة بعملية التعليم، وهذا من المفترض التركيز عليه وبناء القدرات، نوعيا وكميا.