تعقيباً على مقالة د. كراميلا العمري.. وسام الرفيدي يكتب.. جامعة بيرزيت.. بالنسبة للعاملين

23/09/2022

طالعت صباح الأمس مقالة د. كراميلا أرمانيوس العمري في جريدة القدس حول إضراب العاملين في جامعة بيرزيت وتوقفت عند منطق المقالة أولاً واللغة المستخدمة ثانياً.
أما المنطق فأغلبه حديث عن تاريخ العلاقة بين الدكتورة العمري والجامعة وخدماتها للجامعة، فيما يبدو محاولة للضرب على الوتر الوجداني العاطفي الذي سيستخدم منطلقاً لطرح السؤال الذي أريد له أن يكون صيحة (ماذا يحصل اليوم؟) وأيضاً سؤال فيه ما فيه من الضرب على الوتر العاطفي.
لا شك أن كل مَنْ مر على جامعة بيرزيت، وخاصة سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات، لديه ما يقوله كما فعلت الدكتورة وربما أكثر أو اقل، وكاتب هذه السطور من هؤلاء. نلك فترة الكفاح الوطني الجماهيري والذي كان لبيرزيت دور بارزُ فيه على مستوى الوطن لا بيرزيت فحسب. وللعلم لم يتوقف النضال النقابي، لاحظوا أنني لم أضع النضال بين قوسين، على سبيل السخرية كما فعلت د. العمري، بل عاشت بيرزيت فترات من الإضرابات من الطلبة والعاملين على السواء، فالإضراب ليس نبت شرير في تاريخ الجامعة. أما اسئلة الدكتورة الاستتنكارية حول إضراب العاملين، وقبله إضراب الطلبة، فتوحي باستغراب الدكتورة لسلوك الطلبة والعاملين، وكأن الإضراب وإغلاق الجامعة شيء فريد وجديد، وفي هذا تزوير لتاريخ عشناه، ومعنا الدكتورة العمري.
ونسأل مثلما سألت الدكتورة وإن من زاوية ثانية: اين المشكلة في الإضراب؟ هل مثلاً في المطالب؟ هل في التوقيت؟  هل في قطع الطريق على الحوار كما يشاع؟ لكل هذه الأسئلة، عندي كمتابع ولدى النقابة والعاملين، أجوبة عليها وسبق أن اعلنتها النقابة في بياناتها. إن المشكلة تبدو في الإضراب كإضراب. تقول الدكتورة: (عليكم إيجاد طرق قانونية للـ "نضال" دون تعطيل المسيرة الأكاديمية لهذه الجامعة العريقة). توضح الصورة الآن: المشكلة في الحق في الإضراب، أما توجيه (النصح) بإيجاد طرق قانونية غير الإضراب فهذا مثير فعلاً. ألا تعرف الدكتورة ان الإضراب حق قانوني؟ أما الدعوة لنضال دون الإضراب فهو سحب لحق قانوني وبالتالي الوقوف في وجه حق العاملين، اينما كانوا، بالضغط عبر الإضراب من أجل حقوقهم. في هذا موقف معاد، للأسف من حقوق العاملين. أما أن جامعة بيرزيت عريقة فهذا لم يمنع إداراتها المتعاقبة، والدكتورة كانت جزء منها ولا زالت، من التعدي على حقوق العاملين وعدم الالتزام باتفاقيات قانونية معهم، فهذا الوتر ( العراقة) لا يفيد هنا فالعراقة لا تعني حرمان العاملين من النضال من أجل حقوقهم ولا تعطي الإدارة أياً كانت، لعراقة الجامعة، أن تتطاول على تلك الحقوق. في التاريخ والحاضر لم (تسلم) جامعات عراقتها تصل لمئات السنين من الإضرابات والإغلاقات دفاعاً عن مصالح العاملين.
عندما اقر المشرّع الفلسطيني الحق في الإضراب كان يعلم ان فيه تعطيل لمسيرة ما ولمصلحة ما. في قطاعات التعليم والصحة والخدمات والنقل والانتاج، أي إضراب فيه تعطيل ما وضرر ما، فلماذا التحريض على الإضراب من زاوية تعطيل المسيرة الأكاديمية؟ قالوا هذا، في السلطة، موقفاً ضد إضرابات الأطباء والمعلمين، وسائقي المركبات العمومية، واليوم يتكرر، ومن موقع السلطة الإدارية، التحريض على العاملين في بيرزت ونقابتهم. لا ألمح بهذا، وأرجو أن أكون مخطئاً، حرصا على المسيرة التعليمية، بل تحريضاً على الإضراب كحق، لأن كل إضراب فيه مس بمسيرة ما ومصلحة ما، وعليه، أي حديث عن أن الإضراب فيه تعطيل ما ليس إلا لغو في أفضل الأحوال وتحريض يستخدم نبرة عاطفية بطريقة غير لائقة.
أما الجزء الثاني الذي توقفت عنده فهو اللغة الساخرة، وصراحة استغربت ذلك من الدكتورة، التي تناولت فيها النقابة والعاملين. تسخر من مقولة النصال النقابي وتضعها بين هلالين، وتزعم ان الهيئة الإدارية في إضرابها عن الطعام إنما تبحث عن البطولة. هذا حديث لا يتسم، للأسف، بالحصافة، فالمناضلين النقابيين لا يبحثون عن القاب، بل عن حقوق وعلى حساب وقتهم وجهدهم وعائلاتهم فلا يجوز تسخيف هذا. يكفي ان حوالي 350 موظفا، كما نقلت جريدة القدس قبل يومين، التفوا حول نقابتهم وموقفها في الاعتصام التضامني أمام أبواب الإدارة. 
كلمة أخيرة: من حق الهيئات المنتخبة، والهيئة الإدارية للنقابة هيئة منتخبة، على عكس مجلس الأمناء وإدارة الجامعة والدكتورة من مجلس الأمناء، أن تجترح اية وسيلة -بما فيها الإضراب عن الطعام- تعتقدها مناسبة، للضغط والتأثير فلا ينصبن أحد نفسه (معلماً) لهم في كيفية اجتراح وسائل نضالهم لانتزاع حقوقهم والتشهير بوسائلهم.