عندما يصبح المال وطنا للمغتربين

19/08/2022

 

كتب: محمود الشيخ

سبق وتحدثنا في هذا الموضوع ونظرا لاهميته نعيد الحديث فيه، ففي هذا الصيف زار بلدتنا ما يقرب ال " ٣٠٠٠ " الى  "٣٥٠٠ " مغترب ازدحمت الشوارع والاعراس والبيوت بهم واضاءت كافة بيوت البلد بعد ان عاد اهلها اليها، ودارت عجلة الاقتصاد بشكل كبير، حتى البيوت المفروشة امتلأت  بالمغتربين العائدين شوقا  ومحبة وحنينا الى بلدتهم، رغم قصرها والتي  لم تتجاوز عند اغلبهم الشهرين اكلوا  ما تيسر من التين والعتب والصبر والكنافة والحمص  والفول، الاكلات ليست مقطوعه في امريكا بل  مرغوبه في بلادنا.

المهم ان السعادة غمرت الجميع المقيمين والزائرين، رغم صعوبة نطقنا بكلمة زائرين الا انها الحقيقة المرة كونهم من السنة للسنة او كل كم سنة يقومون بزيارة بلدتهم، ومع كتابتنا لهذه السطور غادر نسبة لا تقل عن ٩٥٪؜ منهم.

ما يؤسف له ان كافة من اغترب لامريكا  كان هدفه تحسين اوضاعه المعيشية وما حصل ان ظروفهم تحسنت وزاد تمسكهم بامريكا، وهذه من طباع الانسان كلما زاد ثراء يزداد تمسكه لتحصيل ما هو اكتر من  ذلك، وعند مناقشتي لكلمة مغترب اصطدم بالتعريف من هو المغترب فمن ولد في امريكا وحمل جنسيتها وتلقى ثقافتها في مدارسها وتخرج من جامعاتها وعمل في مؤسساتها وتشكلت له علاقات اجتماعية وحفظ عن ظهر قلب عاداتها وتقاليدها ومفاهيمها ولغتها ولا يعرف من الثقافة واللغة العربية شيئا غير كلمة السلام عليكم وليس لديه انتماء قومي، ولغة التفاهم بينه وبين اهله اللغة الانكليزية لغة امريكا كون تبرير الاهل انها الاسهل لاصال الفكرة للاولاد، فهل يعتبر هؤلاء مغتربين وهم يحملون جنسية البلد التي ولدوا فيها وعاشوا فيها وتعلموا فيها وحملوا جنسيتها ، السؤال المطروح على اهل هؤلاء هل فكرتم يوما بربط اولادكم بلغة شعبكم وهي لغتكم وهل نظمكم  رحل لاولادكم على اوطانكم لتعريفهم بها وربطهم بجغرافيتها وباهلها ليشكلوا صداقات مع شباب البلاد، لما لهذه الخطوات من اهمية تساهم في ربط اولادكم مع لغة قومهم وثقافتهم ومع بلدكم التي هاجرت منه، وبلا ادنى شك نعرف اهتمامكم بهذه الجوانب لكن  لم تنفذوا شيئا منها ليتكم تقومون بخطوات تنظيم رحل لمجموعات من الشباب رحل تعريفية وتثقيفية وتعليمية لهم مما يزيدهم حبا لمعرفة بلد اهاليهم ولغة قومهم، ثم لربطهم بالبيوت والقصور التي انشأتموها  في بلدكم فبعضها للاسف اصبحت بيوتا للعصافير عند سفركم وخلوها من الحياة  تبني اعشاشها فيها، البعض من المغتربين يراقبوا قصورهم وفللهم عن طريق الكاميرات، او تسليمها لمتعهد للاشرف عليها، في حين ان تلك البيوت تستصرخهم ان عودوا اليها.

لا شك ان البعض من العائلات طال غيابها عشرات السنين عنها، وغدى وطنهم المال اينما حل مالهم حلوا معه وهذه بطبيعة الحال من اكبر المصائب، لقد خسرت بلدتنا عائلات بأكملها وخسرت اشخاص قضوا في امريكا وانتقلوا الى الحياة الابدية فيها، حبذا لو فكر هؤلاء العودة لوطنهم لتكون حياتهم الابدية فيها بدل من امريكا، لقد اسس الاف الاشخاص او لتقول مئات الاشخاص اوضاعا مالية بعد جلوسهم على الملايين فماذا يريدون اكتر من ذلك اليس من واجبهم العودة الى اوطانهم واقامة المشاريع فيها  بدل استمرار بقائهم في امريكا تستفيد بلدتهم منها ويستفيدوا عودتهم واولادهم الى وطنهم الام  رحم الله من قضى في امريكا وانتقل فيها الى الحياة الابدية وعلى غيرهم التفكير الجدي  في العودة للوطن " بكفي مليتوا  اعكورها " البلاد طلبت اهلها استمرار وجودكم في امريكا يشكل خسارة عددية للبلد خاصة ان بلدتنا تتوجه نحو ان تصبح بلد "الختيارية" لان الشباب يهاجرون والكبار يبقون ثم يموتون.

ما يميز البلد نقصان عددها السكاني وزيادة عدد الذين سيقصدون باب الهجرة مثال هذا الصيف عقد قران " ٣٥" شاب على " ٣٥" صبيه اثنان منهم عقد قرانهم على صبيتان لا تحملن الجنسية  الامريكية والباقي "٣٣"  مع صاحبات الجنسية الامريكية يعني هؤلاء سيهاجرون لامريكا، وكافة شباب البلد غايتهم  السفر لامريكا  وليس البقاء في فلسطين، يعني المزرعة الشرقية يرحل شبابها  ويبقى كهولها.

هذه ظاهرة خطيرة قد يغضب البعض مني لكنها الحقيقة الشباب يرحلون صحيح ان البلد تستفيد من المغتربين لكنها تخسرهم والحقيقة انها بحاجة لبقائهم فيها لتبقى بيوتهم عامرة بالحياة.