الشهيد النابلسي .. معجزة هذا الزمان المخصي

13/08/2022

 

كتب: فادي أبو بكر

مهما حاولت الكتابة عن الشهيد ابراهيم النابلسي، وعن ترجمة مدى حبنا وارتباطنا بقصته منذ أن أصبح المطارد والمطلوب رقم واحد في نابلس لجيش الاحتلال وكافة أجهزته الأمنية منذ أكثر من عام، يظل قلمي عاجزاً فكل الحروف والكلمات لن تفيه حقه ولا تفي مقامه الطاهر العظيم، فالنابلسي أسس هذه المسيرة البطولية الخالدة، وسقاها بدمه الطاهر ورسخ أعمدتها بكلماته وبناها بعزمه وجهاده وصبره وتضحياته في بطولة لا يسطرها إلا العظماء.

شكّل الشهيد النابلسي أنموذجاً متكاملاً في الأخلاق والقيم الإنسانية والنضالية الفُضلى، فكان إيماناً يتحرك، وجيشاً يمشي على الأرض، وكان همّه الشاغل أن يوقف استعبادنا وتركيعنا واذلالنا وأن يدحر هذا المحتل الطاغي على نفوسنا.

وقد أصبح النابلسي الذي لم يتجاوز العشرين من عمره مدرسة وجامعة لفنون قتال الشوارع والمطاردة، لا تستطيع مراكز الدراسات والأبحاث أن تستوفيها أو تستوعب كيف تجاوز أربعة محاولات اغتيال وأنتصر قبل استشهاده وفوزه بالنصر الأعظم.

إن ما حققّه النابلسي من ثبات وصمود وانتصارات جاء نتيجة إيمان ووعي بمظلوميته وعدالة قضيته، وبفضل الركائز الثلاث الأساسية (الأم والوطن والبارودة)، التي

ردّدها في كلماته الأخيرة، و التي هيأت له هذا الصمود الأسطوري، والانتصارات في جميع الجبهات.

إنه ابراهيم النابلسي يا سادة.. صاحب القرار الوطني المستقل الذي لا تمتلكه معظم الفصائل الفلسطينية.. إنه ابراهيم النابلسي الذي لم تكن له حاضنة سوى أزقة وبيوت حارة الياسمينة وحارات جبل النار القديمة، وشذى الشهداء الذي يعبق بها.. إنه النابلسي معجزة هذا الزمان المخصي.

من أعظم نكبات الأمم أن تفقد عظماؤها، وكم هي نكبتنا عظيمة بفقدانك يا أبا فتحي، إلا أن عزائنا فيك أنك ستبقى حياً فينا..  حاضراً بيننا، وستبقى مسيرة حياتك القصيرة الزاخرة بأعظم معاني الفداء والتضحية والبطولة صرخة مدوية تتناقلها الأجيال، وستُحفر قصتك وقصة صبر وثبات أمك العظيمة، في سجلات التاريخ كنموذج حي على معجزة الإرادة الإنسانية.. فسلامٌ عليك حين ولدت، وحين استشهدت، وحين نلقاك في الجنّة بإذنّ الله.