عقل أبو قرع يكتب لوطن: اليوم العالمي للشباب.. ودور الشباب في مكافحة الفساد

12/08/2022

يصادف اليوم، الثاني عشر من أب من كل عام ما يعرف ب "اليوم العالمي للشباب"، حيث يتم الاحتفال به على مستوى العالم، من أجل ابراز اهمية الشباب في كل المجتمعات، والتركيز على قضايا محددة متغيرة بسرعة تخص الشباب بالدرجة الاولى، وكذلك للتركيز على أهمية الشباب في عملية التغيير في كافة الاتجاهات في المجتمع، وعلى دور الشباب الحيوي في مكافحة الفساد بأنواعة والذي هو المدمر لتنمية وتقدم وللحفاظ على نسيج أي مجتمع، وبالاضافة الى ذلك يعتبر الاستثمار في الشباب من أولويات المجتمعات التي تطمح للحفاظ على تنمية مستدامة وتقدم ورفاهيىة لمجتمعاتها.

وفي فلسطين، وبهذه المناسبة وحسب الجهاز المركزي للاحصاء في بيان صدر قبل أيام، تبلغ نسبة الشباب من الاناث والذكور في بلادنا في الفئة العمرية المتعارف عليها بين ال 18 الى ال 29 عاما، حوالي 22% من مجمل السكان، وبالارقام حوالي مليون ومائة وسبعون الفا من الشابات والشباب، وحسب البيان فأن حوالي 20% من هذه الفئة يحملون الشهادة الجامعية الاولى  أو اعلى من ذلك، ولكن النسبة الاكبر من البطالة في بلادنا والبالغه حوالي 25% تنتشر بين الشباب وبالاخص عند الشابات أي الاناث، وهذه الارقام وبالاضافة الى ارقام تفصيلية اخرى احتواها التقرير، تشير الى الاهمية الكبرى لهذه الفئة العمرية في بلادنا في التغيير في كافة الاتجاهات، ومنها التغيير من خلال مكافحة الفساد، وفي نفس الوقت أهمية الاستثمار في هذه الفئة على كافة المستويات.  

وحول دور الشباب في مكافحة الفساد، فيجب فهم ماهية الفساد وانواعه، حيث ان الفساد متنوع ومتشعب ومتراكم، وحسب تعريف الامم المتحدة، فان الفساد هو ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية، معقدة تؤثر على جميع البلدان، حيث يقوض الفساد المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ التنمية الاقتصادية، ويسهم في الاضطراب الحكومي، ويؤدي الى انتشار الواسطة والمحسوبية على حساب الكفاءة والمهنيه، وفي المحصله يراكم الجهل والتخلف وتطبيق القوانين ومنح الحقوق وبالاخص لفئات هشه أو ضعيفه أو من منظور النوع الاجتماعي، ومن الامثلة على ذلك المرأه وذوي الاعاقه والنساء الريفيات. 

وفي بلادنا، بينت دراسة نشرت قبل فترة، ان الواسطة والمحسوبية هما من اكثر انواع الفساد تفشيا في مجتمعنا الفلسطيني، وبالاخص في القطاع العام، او حتى في قطاع المجتمع المدني والاهلي والمؤسسات غير الحكوميه، وللعمل على مكافحة هذه الظاهرة،  فأن ذلك يتطلب وقتا وعملا وجهدا والاهم، العمل على ترسيخ ثقافة الاقتداء بمن يملك المنصب الاعلى والمسؤولية الاكبر والقدرة الاقوى، ويتطلب بث الوعي، ويتطلب تطبيق القانون على الجميع، وفي العلن، وبالنزاهة والشفافية، وبالتالي توفير الفرص للشباب لكي ينافس ويعمل ويتقدم بعيدا عن المحسوبية والواسطة.

ولكي تنجح عملية مكافحة الفساد، فأنها يجب ان تركز على الشباب، وتنبع اهمية توعية وتدريب وتثقيف وبناء الشباب الفلسطيني في مجال مكافحة الفساد، وبالاضافة الى النسبة الهائلة منهم في بلادنا، الى الاوضاع الخاصة التي نمر بها، من ازمات وصعوبات اقتصادية، ومن عدم وضوح الطريق او المسارات السياسية، ومن الازدياد المتواصل في اعداد العاطلين عن العمل وبالاخص الشباب والخريجين منهم، وفي ازدياد نسبة الفقر والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وفي تصاعد التأكل في شبة العلاقات الاجتماعية، وبالتالي فأن بناء جيل من الشباب من خلال ترسيخ مفهوم مكافحىة الفساد وبأنواعه وبالاخص ممارسات الواسطة والمحسوبية، سوف يؤدي ولو على المدى المتوسط او البعيد الى تحقيق ما يتطلع لة الشباب والمجتمع من بناء مجتمع على اسس النزاهة والمحاسبة ووضع الكفاءة المناسبة في الموقع المناسب.

والاستثمار المستدام في الشباب في مجال مكافحة الفساد يعني اتباع الاساليب الصحيحة لذلك، من الناحية النظرية ومن خلال الممارسة العملية، وسواء اكان ذلك كمن قبل الجهات الرسمية الفاعلة في مجال مكافحة الفساد في بلادنا، او من قبل الهيئات الاهلية التي تعمل في مجال مكافحة الفساد، وهذا يعني التوعية والتثقيف والتدريب وبأسلوب واضح وبسيط يظهر الايجابيات لمكافحة الفساد، بدأ من التجمعات المحلية والمدارس والجامعات والاطر المختلفة، وهذا يعني تبيان سلبيات الفلساد وتداعياتة والمعاناة التي يسببها وبالاخص للشباب.

والاستثمار المستدام في الشباب الفلسطيني لمكافحة الفساد يعني ازدياد الوعي  بضرورة الابلاغ عن الفساد سواء اكان من قبل الافراد او من الهيئات، وعلى الافراد اوعلى المؤسسات، وان تم ذلك، فأن هذا يعني ان المواطن وبالاخص الشاب الفلسطيني، الذي في اعتقادي هو حجر الزاوية في هذه العملية ، اللمطلوب توفير الحماية المعنوية والمادية لة، والمطلوب ارساء ثقافة اهمية العمل في الابلاغ عن الفساد كثقافة راسخة في مجتمع مثل مجتمعنا، الذي بأغلبيتة الشابة، هو الاساس للوصول الى ما نطمح لة من رؤيا، من بناء مجتمع فلسطيني خال من الفساد.

وبالاضافة الى العمل على ازالة الخوف عند الشابة والشاب للابلاغ عن الفساد، فالعمل مطلوب كذلك من اجل تطبيق القانون وبسرعة، والابتعاد ولو تدريجيا عن الواسطة التي ما زالت تستشري في اجسادنا ونمارسها في حياتنا، وهذا يتطلب زيادة التواصل مع الشباب الفلسطيني الذي هوالاساس لنجاح مستدام لعملية مكافحة الفساد،  وبدون شك ان الفساد متنوع وسوف يبقى، وهو من اهم معيقات التقدم والتنمية، وبدون شك ان الاستثمار في العدد الهائل من الشباب في مجال مكافحة الفساد في بلادنا، سواء من حيث بث الوعي او من خلال الاجراءات على الارض، سوف يؤتي ثماره عاجلا أو اجلا.
 

ولكي تنجح اية خطة وطنية فلسطينية لمكافحة الفساد بشكل مستدام، فأنها تحتاج الى اقحام فئة الشباب في الفئة العمرية بين 18 و29 عاما في تطبيقها،  وان تعتمد على ثقافة المتابعة والمراقبة والشفافية والوضوح، وبأن تتم في اطار الاستدامة، اي لا تنهار او تنتهي نتائج الخطة في مجال مكافحة الفساد مع انتهاء الفترة الزمنية للخطة، وبأن يكون هناك تركيز على الاستثمار المستدام في البشر بشكل عام والشباب بشكل محدد، وما لذلك من تواصل اثار هذا الاستثمار، وفي مختلف الاصعدة في مجال مكافحة الفساد، وبأنواعه، من الفساد الاداري، والفساد المالي، مرورا بفساد الاغذية والادوية، الى الفساد المتعلق بتلويث البيئة من مياة وهواء واراضي واستخدام مبيدات خطيرة  وما الى ذلك.