كنفاني.. الرجل الواضح كالشمس

03/07/2022

كتب: فادي البرغوثي

كنفاني نفسه هو عميد الرواية الفلسطينية واساسها بل أزعم ان جميع ما كتب في الرواية الفلسطينية كان متاثرا في رواية غسان كنفاني بنسبة معينه ربما لان الأحداث التي جرت في فلسطين تجعل الكتابة عن الموضوع متشابه فانحياز غسان للبندقية وطريقة التفكير الصهيوني وما بجب عمله هي نفسها ذات المواضيع التي يجب تناولها في الكتابة.

وهنا يقع موضوع الإبداع في كيفية تناولها ما يعطي طعما للكاتب الذي يجعله مختلفا عن الكتاب الآخرين، وثمة أطعمة كثيرة دخلت على عنصر الكتابة لكن غسان يبقى الطعم ذات النكهة الأصلية وعندما تريد ان تضيف شيئا تبقى طبيعة الأصل هي الغالبة على كل النكهات.

غسان اصل الرواية الفلسطينية ومذاقها الأجمل وكل ما كتب عنه يجعل من يريد أن يبدع يدور في فلكه ثم ينطلق بإضافة "هنا وهناك" وتبقى الفكرة اساسها غسان.

ربما هذا ما يجعلني ان اقول بعد قراءة كثير من الأدب والنصوص التي درستها عن الأدب الفلسطيني  المختص بالرواية على وجه التحديد والادب العربي الثوري كان "غساني"  ومثلما تفرع كتاب  بالفكر الماركسي  كان ماركس اساس فكره وغسان اساس أدبه ومصدر فخر  بان نطلق على إدباء الرواية الفلسطينية والعربية الثورية بانها "غسانيه" خاصة ان اجاباته هي نفسها الإجابات التي ما زالت قائمة وان الاختلاف على هذه الاستخلاصات واللتفاف عليها بالفعل هو الذي اوقعنا في حفرة ما زلنا فيها ولن نستطيع الخروج منها الا اذا كان الأدب هو من يحدد طبيعة الاستراتيجية والتكتيك فالطريقه هي نفسها التي تحدد الهدف وتحقيقه ما يجعل النضال غاية وهدف ووسيلة في حد ذاتها وهي التي ركز عليها غسان في ادبه.

ففي رجال الشمس مثلا والتي ارتكز عليها في هذه السطور أو عائد إلى حيفا  بالرسالة الخالدة التي اطلقها " لماذا لا تدقوا جدران الخزان " وهي دعوة صريحة لقرع الجرس وسماع الصوت وهي كذلك توضح بان الثورة حياة وتجدد وفي السكوت موت وغيرها وغيرها من الروايات التي جعلت من الأدب المبدع يمتزج في ادب غسان كفاتح ومجدد واجابة ورساله وطريق لا مناص منه.

او"الإنسان القضية" تلك الطريقة في إثارة سؤال التكوين الإنساني بالاصرار الأكبر بان فلسطين لا تأتي بدون مقدمات وان الزمن يتغير من زمن سعيد إلى زمن ابنه الفدائي "خالد" بينما "خلدون" هو من ما جرى عليه التغيير في ملامه واضحة "انا هيك في تربيتي اذا وضعت في مكان اخر كنت مختلفا  ؟؟؟ ولا يرى في اختلافه مشكلة  وهو ما استدل عليه بان كنفاني سبق عصره باجابته على سؤال  ماذا يمكن أن نجنيه من فكر التعايش " التطبيع "؟؟؟ وهو محو التاريخ لصالح طرف على حساب طرف وهو ما يعطي المشي في طريق واحده فقط النضال ضد الفكر المتصهين بالإضافة ان القضية نفسها تنطلق من مادة فكر استعماري لصالح فكر إنساني دون أن يكون بينهما تصالح  وان التشوهات الناشئة بتعاطف مع الجسم الغريب بحد ذاتها انحراف عن البعد الإنساني.

اخيرا ربما هذا جزء صغير ما كتبه غسان لربما حاولت ان اعطي شيئا عن رواية رجال في الشمس وعائد إلى حيفا ولم يسعفني الوقت لفتح أسئلة كبيرة  ما زالت باقية في ادب غسان كنفاني أطلقها في روايات متعددة تصلح لذات الزمن الحالي لتؤكد بان الرؤية والخطة والطريقة ذاتها التي صاغها غسان في ادبه الرائع.