وداعا وداد قُمّري .. بطلة "برقوق نيسان" ورفيقة وديع حداد

01/07/2022

وطن للأنباء: رحلت يوم امس الخميس 30 يونيو/ حزيران، المناضلة "وداد يوسف قُمّري" ابنة القدس ، على إثر مرض العضال في العاصمة الأردنيّة عمَّان، وذلك بعد حياةٍ حافلةٍ بالنضال كانت فيها مثالاً يحتذى به في الصمود والعطاء لكل رفيقاتها ورفاقها الذين بكوها حزنًا على رحيلٍ قامةٍ وطنيةٍ عزّ نظيرها.

الرفيقة وداد ترجّلت ملتحقةً بكوكبةٍ من رفاقها ورفيقاتها اللواتي سبقوها إلى علياء المجد، بعد أن قدّمن كل غالٍ ونفيس دفاعاً عن فلسطين وفي سبيل تحرير الأرض والانسان.

رحلت وداد، ولا زالت آثار التعذيب على جسدها، وهي التي اُعتقلت لسنواتٍ في السجون العربيّة، وكانت تعود في كل مرة أشد عنفوانًا وصلابة لتُدافع بكل الوسائل والأساليب عن معاني النضال والحرية والعدالة، ومن سيرتها استوحى الشهيد غسان كنفاني رواية "برقوق نيسان".

ونعت الجبهة الشعبيّة الراحلة قُمّري ممثلةً بأمينها العام الأسير أحمد سعادات، ونائبه جميل مزهر، وأعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزيّة، مُؤكدةً أنّها غادرتنا اليوم في أحلك الظروف وأصعبها على قضيتنا، ونعاهدها رفيقات ورفاق الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين بالاستمرار في المقاومة حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات النعي.

وكتب مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان مروان عبد العال عبر "فيسبوك": وداد قُمّري.. وداعاً. رفيقة مناضلة تاريخية من مواليد القدس، من طليعة النساء اللواتي أسسن بفعلهن بداية المشاركة النسائية في كفاح الشعب الفلسطيني المسلح. شاركت في تنظيم العمل الفدائي السري للجبهة ولم تعتقل في السجون الإسرائيلية، ونجحت في الهرب، فقام الاحتلال باعتقال أخيها بدلاً عنه لإجبارها على العودة لتسليم نفسها، لكنه قال إنه مستعد ليقضي عمره كله في السجن على أن تسجن أخته.. وكان الشهيد غسان كنفاني قد استوحى من حياتها قصة برقوق نيسان".

وتابع عبد العال: "عرفناها في بيروت حتى عام 1981، ثم اعتقلت في السعودية قبيل غزو لبنان عام 1982، وقد عزلت عن العالم تمامًا حتى أنه عند الإفراج عنها بعد مدة طويلة لم تكن تعلم أن الاجتياح قد حصل، ولم تكن تعلم أن المقاومة خرجت من بيروت، وعندما سؤلت إلى أين تذهب قالت لهم أنها تريد الالتحاق بقيادة الجبهة في بيروت. بطبيعتها لا تحب الكلام، تكره الادعاء وتمجيد الذات، لكن المخرجة عرب لطفي استنطقتها في فيلمها التسجيلي "احكي يا عصفورة" وجمعت فيه سبع نساء عربيات يحكين عن النضال من أجل فلسطين وهن المناضلات: ليلى خالد وتيريز هلسا ووداد قمري ورشيدة عبيدة وعائشة عودة وأمينة دحبور، وأشارت فيه أنّها لم تقابل وسائل الإعلام يومًا للحديث عن التجربة. لروحها السلام يوم أعطت بصمتٍ وشغف، ورحلت بكبرياءٍ ومجد وهدوء".

ومن جهته، قال محمد العبسي منسّق "تجمع اتحرّك لمجابهة التطبيع" في الأردن: الرفيقة المناضلة وداد قمري، ابنة القدس، صاحبة المسيرة النضالية الطويلة، والتي لم تتوقف حتى في سنواتها الأخيرة، سنوات مقاومتها للمرض، برقوق نيسان واحدة من أعمال الشهيد غسان كنفاني التي خصّها بها، لم يكتب القدر لغسان أن يكمل روايته قبل خمسين عامًا ويزيد، ولكن استمرت المناضلة لتخط بسيرتها روايات وقصص من النضال والمقاومة. تجربة الاعتقال وأقساها في سجون السعودية. وداعًا يا رفيقة الحكيم وأبو علي وأبو سمير وأبو ماهر اليماني، ويا رفيقتنا سنبقى على العهد".

أمّا الباحث والكاتب السياسي الفلسطيني مهند عبد الحميد فقال: "وداد قمري من أوائل المقاومات والرائدات الثوريات، اختارها غسان كنفاني رمزًا من رموزه الثورية، فكانت هي "سعاد" بطلة روايته التي لم تكتمل "برقوق نيسان". وداد امرأة المهام الصعبة التي شاركت في تحرير الحكيم من سجن عربي، والتأسيس للثورة في أكثر الأماكن خطرًا. كان النضال بصمتٍ ديدنها، وقد رفضت الإفصاح عن أدوارها طول الوقت، لا تحب الشهرة ولا الأضواء ولا قطف الثمار وظلت مخلصة لقيم الفدائيات والفدائيين الأوائل. وداد قمري بقيت في الظل صامدة إلى أن ترجلت فارسة شجاعة ونبيلة".

وأردف عبد الحميد: "في هذا اليوم الحزين توقف قلب وداد عن الخفقان، فكان أكثر الأيّام وجعًا. رحلت وداد قمري الرفيقة والصديقة والبوصلة والمرجعية، تاركة إرثًا جميلاً من النضال، ترجلت أهم حارسة من حارسات نارنا الدائمة، وداد قمري وداعًا سنبقى نحبك ونحن نسير في الدرب".

وفي ذات الإطار، قال الكاتب والباحث الفلسطيني د.فايز رشيد: وداعاً أيتها المناضلة الكبيرة وداد قمري التي رحلت عنّا جسدًا صباح هذا اليوم الخميس 30 حزيران/ مايو 2022 بعد حياةٍ حافلةٍ بالنضال في سبيل فلسطين, ستظلين مثالاً يُقتدى في التضحية والعطاء بلا كلل من أجل تحرير الوطن المحتل".

وتابع: "كنت لليلى ولي ولكلّ رفيقاتك ورفاقك وكل من عرفك، الأخت والصديقة والرفيقة. لن ننساك وداد، فحضورك أقوى من الغياب. سيظل كل من عرفك يذكرك دومًا بالتضحية من أجل الوطن".

من السيرة الذاتية للمناضلة وداد قُمّري:

-     المناضلة وداد يوسف قمري من مدينة القدس - فلسطين، ولدت عام 1939 في كنف عائلة مقدسية وطنية.

-     عملت في قطاع التعليم – مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين

-     آمنت بالفكر القومي العربي، وكانت من أوائل المناضلات اللواتي التحقن بحركة القوميين العرب – الفرع الفلسطيني، ومن خلال عملها في هذا الحقل عملت على تعبئة وزرع الوعي الوطني المقاوم لدى المعلمات والطالبات.

-     مزجت بشكل خلاق بين الوعي الوطني والاجتماعي وعملت على تبوء المرأة دورًا فعالاً في مقاومة الاحتلال الصهيوني.

-     انتسبت في العام 1965 للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، بعد انعقاد مؤتمره الأول في القدس.

-     عملت في مراحل التأسيس في أواسط الستينيات من القرن الماضي على إيصال السلاح للمقاومين في حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لاحقًا، والتي كانت تؤسس لانطلاق المقاومة المسلحة للعدو الصهيوني في فلسطين، وبسبب نشاطها هذا اعتقلت عام 1966 وأطلق سراحها إبان عدوان حزيران.

-     بعد نكبة حزيران اكتشفت قوات الاحتلال أمر مشاركتها في أعمال التحضير للمقاومة ما أدى لمطاردتها واضطرارها للتخفي ومن ثم الانتقال إلى الأردن باسم مستعار.

-     كانت من الرعيل المؤسّس للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين.

-     عملت في مركز الأبحاث الفلسطيني أمينة مكتبة.

-     من سيرتها استوحى الشهيد المبدع غسان كنفاني رواية "برقوق نيسان".

-     عملت مع الشهيد القائد وديع حداد وساهمت مع رفيقات أخريات في عملية فك أسر القائد المؤسّس جورج حبش عام 1968، واستمرت تعمل مع القائد الشهيد وديع حداد وتنفيذ العديد من المهمات لاحقًا.

-     اعتقلت عام 1982 في السعودية بتهمة الانتماء للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وأفرج عنها عام 1986، وعادت إلى دمشق، حيث أسست مع رفيقاتها اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في نفس العام 1986.

-     انتقلت إلى الأردن في عام 1990 واستمرت في عملها النضالي والمهمات الموكلة إليها إلى أن أقعدها المرض.

-     تميّزت الرفيقة وداد بعمق وصدق علاقاتها الرفاقيّة مع كافة رفيقاتها ورفاقها وحازت على محبتهم وثقتهم لما تميّزت به من إخلاص وتفاني والعمل بصمت.

-     كانت نموذجًا للروح الجسورة والارادة الصلبة والعزيمة الكفاحيّة التي لا تلين.

نقلا عن صحيفة الهدف