الأسير صلاح حموري الفلسطيني الفرنسي العنيد

18/06/2022

للوهلة الأولى عندما ترى وجه صلاح، ستظن أنه سائح جاء مع وفد أجنبي للاطلاع على معاناة المواطنين المقدسيين ، لكنك إذا ما اقتربت أكثر ستكتشف أنه الفلسطيني الأكثر معاناة وتضرراً من المحتل، فقد خاض تجربة الأسر لتسع سنوات متفرقة، وذاق لوعة فراق أطفاله والحرمان من عناقهم لوقت غير معلوم، وسحبت هويته المقدسية بحجة تشكيله خطراً أمنياً على دولة الاحتلال.

ملامح فرنسية و عناد مقدسي:

المحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري الذي اعتقلته سلطات الاحتلال في الرابع من آذار المنصرم، وحكمت عليه بالسجن لأربعة شهور إدراي و في موعد الإفراج جددت اعتقاله مرة أخرى.
ذهبنا إلى منزل دنيس حموري وهي والدة الأسير والمحامي صلاح، تكتشف من جدران منزلها المحملة بصور ابنها، أنها لا تتقبل فكرة غيابه و تخلق مساحة له ولا تنفك عن ذكره.

تتمعن دنيس بملامح ابنها في الصورة المعلقة وبعربية مكسرة تشرح بإسهاب لحظة التقاطها، وإذا ما نظرت إلى عينيها سترى بريقاً يشي بألم الفراق وأمل العودة في آن، تقول دينيس حموري لوطن ان ابنها ذاقة مرارة السجن على فترات متقطعة و مرهقة، وهذه المرة أعيد اعتقاله مرة أخرى بدعوى تشكيله خطراً على أمن دولة الاحتلال، وتواصل: "صلاح محامي وكل نشاطاته تتمثل بالدفاع عن حقوق الناس وحمايتهم، إلا أن الاحتلال لا ينفك عن ملاحقته والتضييق علينا جميعاً، نحن هنا نبذل قصارى جهدنا للإفراج عنه وحاولنا إدخال وسطاء من فرنسا لكونه يحمل الجنسية الفرنسية إلا ان هذه الجهود لم تتكلل بالنجاح إلا أننا لن نستسلم".

حرمانه من أطفاله وهويته المقدسية:
صلاح حموري ولد في فرنسا لأم فرنسية و أب فلسطيني، ومتزوج من إلسا لوفور ابنة النائب الشيوعي السابق والرئيس السابق لجمعية التضامن الفرنسي الفلسطيني جان كلود لوفور، ومنعت زوجته في العام 2016 من دخول دولة الاحتلال وأعيدت إلى فرنسا من مطار تل ابيب وهي حامل، وسُلمت أمرا يحظر عليها دخول إسرائيل لمدة عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين، يعيش الزوجان منفصلين، ومع أن ملامح صلاح فرنسية إلا أنه مقدسي أصيل، يحمل على عاتقه هم البلاد، ولا يقبل بالظلم أبداً، وهذا ما دفعه للالتحاق بمؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.

تتابع دنيس حموري حديثها: "صلاح لا يرى أطفاله إلا عبر اتصال الفيديو، فممنوع على زوجته الدخول إلى فلسطين، وبعد سحب هوية صلاح المقدسية لن يتمكن من زيارتهم إلا في حال اتخاذ قرار بالهجرة وهذا الخيار غير قابل حتى للنقاش".
" تهمة صلاح الوحيدة هي الكلمة، فكل اعتقالات الاحتلال بحقه واجراءات الاحتلال التي منعت زوجته من القدوم للبلاد تأتي لخنقه وثنيه عن طريقه بالدفاع عن المظلومين " قال حسن الحموري والد صلاح.

توجهنا إلى مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وكانت مديرة المؤسسة المحامية سحر فرنسيس بانتظارنا، وفي جعبتها الكثير لتقوله لنا عن صلاح الإنسان وصلاح المناضل في الدفاع عن حقوق المستضعفين.
وحول سحب الهوية المقدسية لصلاح حموري، قالت فرنسيس لوطن، إن هذا الإجراء من بين السياسيات الخطيرة التي ينتجها الاحتلال في تصفية حساباته مع المقدسيين، وترمي في نهاية المطاف إلى تهويد القدس وتفريغ أهلها منها عنوة.


صلاح الطفل الكبير:

"الجميع هنا يحب صلاح و يعامله كصديق قبل أن يكون زميل" تقول سحر فرنسيس، التي أكدت أن كل المحاولات الساعية للإفراج عنه لم تكن مثمرة، لأن الاحتلال لا يلقي بالاً للقوانين والنظم والتشريعات الدولية".

الفلسطيني الفرنسي صلاح حموري في داخله طفل صغير يأبى أن يكبر، فبإجماع أصدقائه يعود طفلاً صغيراً فور التقائه بأبناء أصدقائه الصغار، وهذا ما أضضاف لشخصيته ميزة جديدة تضاف إلى قائمة طويلة يتحلى بها صلاح، الذي لا يعرف متى ستنجلي عتمة السجن لكنه مؤمن تماماً بأن الحرية قادمة لا محالة.