المباني قيد الإنشاء.. رقابة هشة وإشراف في مهب الريح

04/06/2022

وطن للأنباء- عبد الباسط خلف: فتحت وفاة عاملين وإصابة آخرين جراء انهيار مبنى قيد الإنشاء في طولكرم نهاية آذار الماضي، الباب على مصراعيه حول غياب الرقابة على الأبنية، وعدم تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (15) لعام 2020 المُعدل لنظام الأبنية والتنظيم للهيئات المحلية رقم (6) لعام 2011، والبدء في تطبيق إلزامية الإشراف الهندسي على المشاريع الإنشائية.

تواكب "آفاق البيئة والتنمية" ملف فوضى المباني في فلسطين، وتتّبع مع نقابة المهندسين، واتحاد المقاولين، ووزارة الحكم المحلي، وبلديات، وشركات إنتاج إسمنت، ومهندسين، وترسم صورة لواقع الحال الذي ينذر بتكرار كوارث أخرى، ما لم يجرِ تفعيل القانون، وتشديد الرقابة.

إشراف خجول
يسرد مدير الدائرة الفنية في نقابة المهندسين، رجا الشافعي خلاصة سجلات 2021، وفيها وصل عدد المشاريع المتعَاقد عليها تحت الإشراف إلى 3577 في محافظات الضفة من أصل 10616 لأبنية مقترحة.
فيما وصلت مساحات الإِشراف المُتعاقد عليها في 2,666,649 مترًا مربعًا. ووصلت أذونات الصب للمشاريع قيد التنفيذ 1275، وتمنح لكل مشروع وفقاً لمراحل تنفيذه عند صبّ الأساسات والسقوف.

ووفق الشافعي، تخلو بيانات النقابة من مدى التزام المالكين بتطبيق الإشراف، فبعد إجازة المخططات منها، لا يتوفر معلومات حول ما بُدأ بتنفيذه، إلا في حال اشتراط جهات الترخيص الحصول على إذن صب من النقابة، كما هو الحال في بلديات نابلس، ورام الله، والبيرة، وبيتونيا، وسردا، وأبو قش، وحديثاً أريحا بشكل جزئي، وفيها يراجع المشرف على المشروع النقابة للحصول على أذونات الصب.

مقاولون خارج القانون
بدوره، حمّل نقيب المقاولين في المحافظات الشمالية، أحمد القاضي مسؤولية انهيار بناية طولكرم، للجهات كافة بما فيها نقابته ووزارتي الأشغال العامة والحكم المحلي، ونقابة المهندسين، مشيرًا إلى عدم وجود إشراف هندسي، أو مقاول مرخص، في المبنى المنهار.

وأكد القاضي أنه "لا يستبق عمل لجنة التحقيق" فيما يتصل بالبناية التي تتكون من 8 شقق، والتي كانت ستتضاعف خسائرها لو كانت مأهولة"، قائلًا: "تكررت حوادث انهيارات جزئية في الماضي، وحدثت انحرافات في المباني وسوء مصنعية، لكن مع الإشراف والمقاولين المرخصين لم يسبق وقوع انهيارات".

وأوضح القاضي أن الأمر ليس "توزيع اتهامات"، بل تأكيد على مطالبة الاتحاد بفرض إلزامية الإشراف على المباني من مهندسين، وترخيص المقاولين وتصنيفهم من الاتحاد، لإيجاد "مرجعية تعاقدية"، ولتأهيل المنفذين أصحاب الخبرة والدراية، والـتأمين على المشاريع، إلى جانب طواقم هندسية تراقب جودة المنشآت، وتضع حدًا للتجاوزات.

وواصل حديثه قائلًا: "الاتحاد ليس رقابيًا، ولا يملك سلطة ضبط قضائي، لكن صلاحيات إغلاق الموقع المخالف، وإحالة المقاولين غير الملتزمين بالأنظمة والقوانين إلى النيابة، مرتبطة بـــ "الحكم المحلي" والأشغال والبلديات".
واشترط القاضي وجود الرقابة والإشراف الهندسي والمقاول المرخص لضمان عدم اختراق القوانين الذي قد يودي إلى نتائج كارثية.
وأفاد بوجود 450 شركة مقاولات مصنفة ومسجلة، مؤهلة لتنفيذ مشاريع الإنشاءات والعقارات والبنى التحتية والكهرباء والمياه، وتوظف مهندسين.

وحذَّر نقيب المقاولين في المحافظات الشمالية، من العدد الكبير للشركات غير المؤهلة، وهذا يخالف القرار بقانون لمقاولي الإنشاءات المؤهلين، الذي يمنع تشغيل مقاولين غير مصنّفين أو مسجلين في الاتحاد الذي تأسس عام 1994، وصدر قانونه عام 2018.
وأشار القاضي إلى وجود "جهات مستفيدة كثيرة" من غياب تطبيق القانون، الذي وقعَّ الاتحاد ونقابة المهندسين تفاهمات لإلزامية الإشراف، وتفعيل المقاولين المرخصين.

وطالب بتوفير طواقم إشراف من البلديات على المباني كافة، وتفعيل أذونات الصب، والتقيد بالمقاولين المرخصين لمراجعتهم ومحاسبتهم عن أي تقصير، وتوفير تأمين يغطي الكوارث، والثقة بالتطوير العقاري، والمحافظة على حقوق المشترين الذي يلجأون لقروض طويلة لامتلاك منزل، يُفترض أن يكون آمنًا.

وقال إن التوفير المالي إذا ما غاب الإشراف والمقاول المصنف لا يتعدى 5% من قيمة المشروع، "لكن المشكلة تكمن في بعض الذين يفتقرون إلى الضمير للعمل بطريقة صحيحة، داعيًا إلى التوقف عن الإهمال، وعدم "غش أنفسنا"، تبعًا لحديثه.
وبحسب قوله: "أذونات الصب" تضمن جودة الإسمنت، وفي حال عدم اجتيازه الفحص، تتحمل مصانع الباطون خسائر المالك، لذا فالمصانع معنية بالجودة إذا ما وجدت الإشراف، لكنها تفعل ما يحلو لها عند غياب الفحص".
والمؤسف، وفق القاضي، تراجع فرص عمل المهندسين؛ لانتشار العمل دون إشراف، وبواسطة مقاولين غير مُصنفين، واستمرار غياب الرقابة، وعدم إنقاذ القوانين لضمان جودة المباني.

شركات إسمنت بلا رقابة
بدوره، كشف علاء الجلبوني، وهو مدير لمصنع إسمنت في جنين تأسس عام 1995، عن "فروقات كبيرة" في أسعار الباطون بين الشركات تصل إلى ( 30-35 ) شيقلًا في كل متر مكعب، سببه مكونات المنتج، واستعمال رمل الكسارات الأبيض (الشحنة بـ 900 شيقل) بدلًا من رمل البحر (تكلفة الشحنة الواحدة 4400).

وقال الجلبوني إن انهيار بناية طولكرم، كما أوضحت الصور، تعكس مشكلة في جودة الإسمنت، وكان يجب على الأقل صمود أجزاء منها، وليس انهيارًا شاملًا، مضيفًا: "كنا نرى في غزة ونشاهد اليوم في أوكرانيا بنايات تتهاوى، مع بقاء أجزاء صامدة".
وحسب رأيه الجلبوني، يتوجب فحص المصانع للمواد الخام، كما تجري فحوصات مخبرية للإسمنت في شركات خاصة، وبحكم التعامل مع مواد من الطبيعة كرمل البحر والحصى من الجبال، ذلك أن وجود أي دخيل يخلق مشكلة، وإذا ما حدثت في مشروع تحت الإشراف فهذا أفضل للمصانع.

وذكر أن المواطن العادي لا يفرّق بين أصناف الإسمنت (220) و(290) و(300)، التي تعني أن كل سنتيمتر مربع يحمل 220 أو 290 أو 300 كيلو غرام، وهناك قضايا فنية أخرى يجهلها غير الخبراء كأهمية التسليح ومساحة الأعمدة.
وعن غياب الرقابة على عمل المصانع، اكتفى بالقول: "أنت وضميرك"، لطالما طالبنا الجهات الرسمية بوقف الفوضى في هذا القطاع ولم يتغير شيء".

بلدية طولكرم: لا نتدخل في جودة المباني
من جانبه، قال رئيس بلدية طولكرم، محمد يعقوب إن البلدية تستقبل طلبات ترخيص الأبنية عبر مكتب هندسي مرخص، مع وجود عقد إشراف إلزامي على المباني المراد تأسيسيه، وتتابع البلدية الالتزام بالمخططات، والمساحات والارتدادات، وعدد الطوابق (يٌسمح بـ 6 طوابق دون الروف)، وفحص التربة، كما تدقق شروط السلامة والمرافق، فيما يشرف الدفاع المدني على المصاعد.
وأضاف أن عمل البلدية لا يتدخل في جودة المبنى، وكميات الحديد والإسمنت، بل عمل المهندس المشرف الذي ينفذ المخططات المرخصة، وفي حال نشوب خلاف بين المالك والمهندس المشرف على قضايا هندسية، يخاطب نقابة المهندسين، ويبلغها بعدم رغبته في إكمال المشروع.

وذكر أن لجنة التحقيق في بناية طولكرم المنهارة لم تباشر عملها، رغم مرور 8 أيام من وقوع الحادث، وينتظر أن تستخلص بالعبر.
فيما أوضحت سما أبو شنب، القائمة بأعمال مديرة دائرة التنظيم والتخطيط في "الحكم المحلي" بطولكرم أن المديرية عمّمت على الهيئات المحلية قرار مجلس الوزراء بتفعيل أذونات الصب، وعقدت لقاءات مع نقابة المهندسين، إلا أن بعض البلديات الصغيرة لم تنفذه؛ لعدم وجود طواقم، فيما تلتزم به بلديتا دير الغصون وصيدا.
وأفادت أبو شنب بأن الجولات الرقابية للوزارة، تطالب دائمًا بتفعيل أذونات الصب، وتحث البلديات على ذلك.

الإشراف وتفعيل أذونات الصب ضرورة
من جانبها قالت نقيبة المهندسين، نادية حبش إن التصنيف الراهن للإشراف على المباني ما هو إلا " كماليات" في ثقافتنا، فيما تراه النقابة أساسيًا لأي مشروع.

وأشارت إلى أن مجلس الوزراء عام 2020، ولخطورة الوضع، اتخذ قرارًا بتعديل قانون البناء والإشراف الإلزامي على المنشآت، وتفعيل أذونات الصب، مما سهل عمل النقابة، التي طالبت مراراً بذلك، لكنها ليست جهة تنفيذ أو محاسبة لغير الملتزمين، وتتواصل مع البلديات لإقناعها بالالتزام.

وتضيف في حديثها مع "آفاق البيئة والتنمية" "أذونات الصب جزء هام من التنفيذ، كونها تصدر عن المكتب المشرف، وبغيابها يُمنع صب أي منشأة، وبدأت النقابة باتفاقيات مع بلديات مثل رام الله ونابلس وبيرزيت وسردا وأبو قش لتفعيل ذلك".
وأكدت أن انهيار مبنى طولكرم يشكّل أرضية لأصحاب المشاريع للاقتناع بأهمية الإشراف، وعدم التعامل مع المهندسين في الموقع "مجرد ديكور"، والإدراك بأن الإشراف ضمان لاستمرارية المشروع، وإدخال تعديلات على التصميم إذا ما حدث أي خلل، كرسومات تنفيذية مُلزمة للمقاول ناجمة عن ظروف الموقع ومعطياته أو لتعديلات المالك.
وذكرت أن غياب الإشراف، وعدم تعاقد المالك مع مقاول مرخص، يحوّل السلامة العامة إلى مجرد احتمالات.
وقالت إن الإشراف منقسم إلى علوي أو جزئي، حسب المشروع، وأحيانًا لا يتطلب مهندس مقيم، على عكس المشاريع الكبيرة التي تشترط إشرافًا ومراقبين.

وكشفت حبش عن توقيع النقابة مع اتحاد المقاولين تفاهمات تضمن عدم عمل المقاولين بمشاريع يغيب عنها الإشراف، وألا تتعامل المكاتب الهندسية في مشاريع لا تتعاقد مع مقاولين مرخصين ومصنفين؛ لتقليل المشاكل، حسب قولها.

وذكرت أن الإشراف يعني تأمين موقع البناء والعمال، كما يجب على البلديات تطبيق قرار الإشراف وأذونات الصب، فيما تدّعي بعض البلديات عدم قدرتها على المتابعة، وتحيل المسؤولية إلى النقابة، التي تعجز عن ذلك، ويحتاج هذا إلى طواقم وإمكانات وهو دور البلديات والحكومة.
ودعت نقيبة المهندسين البلديات إلى تطوير آليات المراقبة والمتابعة للمشاريع قيد الإنشاء، مشيرة إلى صعوبة تحميل مسؤولية انهيار أي مبنى لجهة بعينها، فقد يكون الأمر نتيجة إهمال من عامل، أو خطأ في التصميم أو التنفيذ، أو الحفر في مكان مجاور.

غياب الإشراف كارثة قادمة
فيما بيّن نقيب المهندسين السابق جلال الدبيك، أن النقابة عملت وتعمل على "ضبط جودتي التصميم والإشراف"، ووظفت عددًا من المهندسين، وأبدت تشددًا في تدقيق المخططات، ووضعت خطة لزيادة التدقيق على التصميم.
وأكد الدبيك أن النقابة والحكم المحلي نجحا في إصدار قرار مجلس الوزراء بإلزامية الإشراف على المباني، ووضعت خطة لتنفيذه، مفصحًا أن "بعض البلديات لم تكن متعاونة".

وأردف حديثه بالقول: "عقدت النقابة دورات للمكاتب الاستشارية في الإشراف الشامل، وجرى شراء مركبة للإشراف في نابلس ورام الله، ولاحقًا تأسيس "ضابطة هندسية" حسب حجم الإنشاء، فإذا كان كبيرًا يكون الإشراف دائمًا، ويبدأ من مرحلة الحفريات".
وحث مراقبي البلديات على أداء واجبهم بمتابعة المنشآت في مواقعها، مضيفًا: "لا تتدخل النقابة إلا في الأبنية الخاضعة لإشراف مباشر من مهندس معتمد".

وأشار إلى أن "البنايات العشوائية" التي تتم دون ترخيص لا تخضع للقوانين والرقابة، وتكون اتفاق بين المالك والمقاول، "وهو ما سعينا إلى تغييره تدريجيًا".

وكشف أن مستوى الإشراف "متغير حسب حجم المباني"، وهناك إشراف جزئي للمباني الصغيرة، وإذن الصب أداة لضبط الإشراف يوقعها المهندس في الموقع، وتبين الالتزام بالاشتراطات.
ووصف الدبيك ما حدث في طولكرم بـ"جرس إنذار" يجب أن يلفت الأنظار إلى تفعيل الإشراف، ويؤكد "وجود كارثة مجهولة" قادمة لبنايات مماثلة قد تنهار لزيادة الاحمال، أو زلزال خفيف.
وقال إن المهندس المقيم يتقاضى 5 دنانير لتصميم كل متر و5 دنانير على الإشراف؛ للحماية وضمان الجودة وتحمل المسؤولية عن أي خلل، مشددًا على أن الإشراف "استثمار وليس تكلفة"، وهو ما طبقته النقابة في برامج إعلامية.

المطلوب جهاز تنفيذي
ومن جهة أخرى، أقرَّ مدير الإدارة الهندسية في بلدية الخليل أمجد عبيدو بـ"غياب المتابعة الشاملة على أذونات الصب"؛ بسبب حاجتها إلى قوة تنفيذية، فيما سبق أن طالبت البلدية بإجراءات صارمة على خلاطات الإسمنت والمضخات، وألا تتحرك دون إذن، خاصة مع عجز البلدية عن متابعة المنشآت والأذونات، ما يتطلب تدخل الشرطة، وفحص أي مركبة، ومصادرة موجوداتها في حال عدم حصولها على إذن.

وبيّن أن خصوصية الخليل مختلفة؛ لعدم قدرة الأمن على الوصول للمناطق كافة، وبوسع الحكومة اتخاذ إجراءات فاعلة للضبط أكثر من البلدية، التي يراقب موظفوها الأبنية، لكنهم يعجزون عن متابعة مركبات الباطون، خاصة في أطراف المدينة.
ودعا عبيدو الضابطة الجمركية والشرطة إلى تفعيل الرقابة على مصانع الإسمنت، فيما كشف أن البلدية طالبت النقابة بتخفيف أعباء الإشراف الإلزامي على المشاريع الصغيرة، كي تتناسب مع قدرات المواطنين، وتدفعهم للإقبال على الإشراف.
وأكد أن المشاريع الكبيرة والاستثمارية ملتزمة في غالبيتها، ولا يمنحها الدفاع المدني "إذن إشغال"، ما لم توفر إجراءات السلامة، لكن هناك ورش ومشاريع صغيرة غير ملتزمة.

وأشار إلى أن الالتزام بالإشراف ليس مثاليًا، لكنه أفضل من السابق، فيما تطبق البلدية نظام البناء الفلسطيني، وتسمح للأبنية على الشوارع ذات العشرين مترًا بـ 7 طوابق وأرضي و"روف"، إضافة إلى التسويات، وفي المناطق الأقل تسمح بـ 5 طوابق و"روف"، ولا تفصل بين المباني التجارية والسكنية في مخططها الهيكلي الاسترشادي.
الحل بيد "الضابطة" والشرطة

لكن مديرة دائرة التخطيط والتنظيم بـ "الحكم المحلي" في جنين، ميرفت غزال تصف التزام الهيئات المحلية في المحافظة بأذونات الصب بـ"غير الشامل، خاصة مع وجود مجالس جديدة تحتاج لتعريفهم بالقوانين والأنظمة، وهو ما تُحضر له مع 71 هيئة في المحافظة".

وأوضحت غزال أن الإجبار على تفعيل الأذونات مرتبط بالجهاز التنفيذي المحصور في الضابطة الجمركية والشرطة، ومن المفترض إيقاف شاحنات الإسمنت قبل وصول موقع البناء؛ لأنه بمجرد الوصول للمنشآت يستحيل وقفها، داعية الضابطة الجمركية إلى تفعيل دورها، خاصة أن صلاحياتها المصادرة والاتلاف، ودون ذلك سيبقى دور "الحكم المحلي" ضعيفًا.
وقالت إن الأذونات في جنين غير مفعلّة تمامًا، في وقت سيساعد تطبيق قرار مجلس الوزراء على ضبط البناء، ومنع العشوائيات، وتقليل المخاطر على سلامة الأبنية.

وأكدت أن تحرك أي مركبة إسمنت دون أذن صب، يعني أن الورشة لا تخضع للإشراف الهندسي، الذي يشترط أن الارتفاع المسموح 5 طوابق بما فيها الروف لمعظم الاستعمالات، و8 طوابق للأغراض التجارية، ويرتبط ذلك بالمساحة والارتدادات.

البلديات تتهرب من المسؤولية
تقول المهندسة المعمارية دينا حمدان، إن عدم تطبيق القانون يهدد النسيج المعماري للمدن، وينشر العشوائيات، ويشكل عبئًا على الهيئات المحلية، ويخلق وضعًا يخفي مسؤولية التقصير والخلل.
وانتقدت الهيئات المحلية بقولها: "لا تعمل بحزم مع الأبنية المخالفة، وهذا تقصير وتهرّب من المسؤولية، ويخلق التراخي في تطبيق الإشراف، وتعديات يصعب إزالتها، ما يعني عدم ضمان سلامة المباني، وغياب الجهة التي تتحمل مسؤولية الأخطاء فيها".
جدير بالذكر أن المهندسة حمدان هي أول مهندسة في جنين بدأت عام ١٩٨٦، وعملت في البلدية ٢٢ سنة رئيسة لقسم البناء والتنظيم، وحسب رأيها أنها لا تعرف أسباب العزوف عن الإشراف "الذي يعد ضمانة مستقبلية لسلامة المباني" لكنها أكدت تطبيق نحو 90% من القانون في أثناء عملها في البلدية، وجرى الالتزام حتى عام 2000.
ورأت أن توظيف مهندسين في تركيبة البلديات المنتخبة يُسهل تطبيق القانون، ويرد الاعتبار للإشراف، خاصة مع وجود رئيس مهندس صاحب قرار، يحيل الأمر إلى الفنيين.

تواكب "آفاق البيئة والتنمية" ملف فوضى المباني في مناطق السلطة الفلسطينية، في إثر وفاة عاملين وإصابة آخرين بانهيار مبنى قيد الإنشاء في طولكرم نهاية آذار الماضي، وتتّبع مع نقابة المهندسين، واتحاد المقاولين، ووزارة الحكم المحلي، وبلديات، وشركات إنتاج إسمنت، ومهندسين، وترسم صورة لواقع الحال الذي ينذر بتكرار كوارث أخرى، ما لم يجرِ تفعيل القانون، وتشديد الرقابة.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية