محمد أحمد سالم يكتب لوطن .. لا مؤاخذة .. الخيار الاستراتيجي؟!

19/05/2022

 -  هناك وجهان "لنكتة" واحدة، واحد بيسأل التاني: متعرفش دكتور أنف وأذن وعيون كويس؟. قال له: قصدك دكتور أنف وأذن وحنجرة؟ قال: لا، دكتور أنف وأذن وعيون، عشان اللي بسمعه غير اللي باشوفه!

- نكته كبيرة، وهناك حفرة كبيرة بين النظرية والتطبيق؛ مسؤول غير رفيع، أصيب بلحسة مبكرة في مخه، في لحظة تاريخية معينة قرر أن يستجيب لأماني الناس وأن يلتحف بالجماهير ، و يلتصق بالقاعدة العريضة،  ويرتفع كعضو فعال لمستوي أحلامهم، حين قال: خيارنا الاستراتيجي سوف ينفذ، ويكون للخيار الاستراتيجي قيمة إذا تزامن مع حالة ملموسة.. محسوسه من الحراك الكبير، من أجل الانفتاح السياسي، وتوسيع قاعدة الفعل العام/ الخاص!! الوقت قد حان لوضع الخيارات في نصابها الصحيح.

- لم يكن الخيار الاستراتيجي هو الشعار الغامض الوحيد الذي عرض من قبل، فمنذ بداية تنفيذ مخطط الانقسام. علا صوت مطالبهم وكان أهم هذه المطالب هو التمسك بالخيار الاستراتيجي. ولم يكتف اكثرهم برفع شعار الخيار الاستراتيجي وحده ، وإنما لوحوا بأن البديل لن يكون سوي إرهاق وإنهاك القاعدة العريضة، وليس أي إنهاك، إنما إنهاك حتي الموت.

- كله في سبيل الخيار الاستراتيجي يهون ؛ ومن أجل أن يكون للحوار والخيار الاستراتيجي قيمة، إذا تزامن مع حالة ملموسة .. محسوسة من الحراك والانفتاح السياسي، و توسيع قاعدة المشاركة الديمقراطية الناشفة، ساعتها يكون لمن يقبل الخيار قيمة عند البعض، كما يكون لمن يرفضه قيمة عند اخرين، وتكون الفكرة نفسها مصدرا للحيوية السياسية،  بما تعد به من احتمالات توسيع مفهوم القاعدة الديمقراطية، بدلا من الإنهاك العام في حوار ضيق لدرجة الارهاق.

- لم يتوقف واحد من المستمعين ليسأل نفسه عن الخيار الاستراتيجي وماذا يكون بالضبط؟! ومثاله: كيس جوافة.. حزمة الفجل او البقدونس.. كوز زرة، او زر خيار بلدى؟ يمكن.. قريب من بيع جوز حمام ثلاث فردات، او من وحدة قياس اللحوم بالمتر؟! على أي حال .. لقد ابتدع الشعار أحد الموالسة الذين هبت الجمجمة منه، وسخنت الدماغ معه، فالقي شعاره وسط القوم فإذا بهم يتلقفونه ويرددونه، دون أن يسأله أحدهم: استراتيجي .. وخيار كيف يعني؟ ولعل عدم تجاوب الناس وقلة الحيلة و "العين بصيرة واليد قصيرة". وماذا قد يفعل إذا لم يتم تنفيذ الخيار الاستراتيجي؟ قال المحللين: لو لم يطبق الخيار الاستراتيجي من أجل توسيع القاعدة الديمقراطية. تكون هناك مصيبة تتحدث بهولها الركبان .

- ومنذ بداية الانقسام سعي البعض لتحقيق وتنفيذ الخيار الاستراتيجي على الأرض، ولكن الأرض بتتكلم عربي.. "واستراتيجي" كلمة بعيدة عن لغة الضاد، فرنسي!! وقد نجد في خطب الاخر السعي السريع لوضع هذا الخيار على مائدة الحوار المستديرة ، كما أن نقاشات ومقالات في الداخل والخارج قد اشتملت على هذه الأمنية التي عبر عنها السادة بكل الصور ، ولا يكاد يوجد مغفلا لم يطو صدره على حلم عزيز بأن ينفذ هذا الخيار ولا يفشل. من أجل توفير الفرشة المناسبة لرفع حرارة الحوار، و توسعة قاعد المشاركة، مع التمسك التام بالخيار.

- و في غمرة الإنفعال بتنفيذ الخيار الاستراتيجي والرغبة في إعزاز الحوار والنهوض به، لم يتوقف أحد ليسأل نفسه: ما هو هذا الخيار الذي أريده من أجل نجاح الحوار؟ والحقيقة أن الناس وسط إحباطهم ويأسهم كثيرا ما سألوا أنفسهم عن سر الوكسة والخيبة التى يرفل فيها الخيار "بدون عذر طبي". رغم تعدد الأماني الطيبة، وكثيرا ما أبدوا الدهشة من أن الأمنيات لا تتحقق والوعود لا تنفذ برغم من تعدد الخيارات ومنها بالتأكيد خيارنا الاستراتيجي!.

- لكن وسط الظلام بزغ حدث مهم بدد الحيرة وغير قناعات الناس عندما أجري بعض الخبراء في"نيكاراجوا" أبحاثا مهولة ومأكولة مطولة، خرجوا منها بنتيجة مفادها أن الخيار الاستراتيجي هو" قلة أدب"!!. ولا ينبغي أن ينفذ. الإ فى "كوستاريكا". فقط .. وأخد بالك؟ وبالتالي فقد عشنا سنوات طويلة نطلب الخيار الاستراتيجي، ونحن لا نفهم أننا نرجو مطلبا بذيئا لا يصح أن نطلبه. ولو كنت فى" بوركينافسوا".

- ولعل كل ما لاقيناه من أهوال في حياتنا. وعدم اتمام فرحتنا بوحدتنا و"زيتنا في دققنا" يعود إلى أن الخيار الاستراتيجي الذي طلبنا،  قد تحقق بالفعل، وكنا نتصور أنه لا ينفذ فى قضايانا الهامة، وخاصة في قاعدة الحوار الاستراتيجي الضيقة، الآن .. يمكن أن نلمس أثر الخيار في كل الملفات والدوسيهات الشفافة، فمثلا كلما احتاج احد إلى خيار استراتيجي ذهب للسيد المسؤول " مسؤول غير رفيع" ليعطيه خيار يعود به للناس ويوزعه عليهم.

- ولماذا نذهب بعيدا .. أن كل جولات الحوار والاجتماعات والمؤتمرات، لم تكن سوي محاولة لطلب الخيار الاستراتيجي من أجل توسيع قاعد المشاركة. فالحوار كبير .. وقاعدة المشاركة ضيقة " كنا مزنوقين فيه حبتين" ومن الواضح أن السادة لم يطلعوا على ابحاث "نيكاراجوا". فذهبوا يطلبون بتنفيذ الخيار الاستراتيجي على قديمه، دون ان يدري احدا منهم أن ما يلتمسه في هذا الحوار لا يرضي الله ورسوله.

- عموما ينبغي في الايام القادمة أن يصدر قرار، يتم تعميمه يمنع السادة من طلب تنفيذ الخيار الاستراتيجي لآننا لم نعد نحتمل المزيد!