حركة تأسست على العنصرية لا يمكن أن تحقق أهدافها

06/05/2022

 كتب سامر عنبتاوي : الحركة الصهيونية اعتمدت أسسا بنت عليها مشروعها العنصري، و اعتمدتها كثوابت لتحقيق الكذبة الكبرى، بأرض الميعاد، و شعب بلا أرض لأرض بلا شعب، و لعل من أهم ما وضعت عليه اللبنة الأولى في هذا البناء، اعتقادها بغباء أنها تستطيع تذويب شعب بأكمله، ما بين الترويض والتركيع والأسرلة و كي الوعي و سياسة العصا والجزرة والتجزئة و الاستفراد، وغيره الكثير الكثير، واتبعت أساليب ثلاث أساسية إضافة لأساليب أخرى لتحقيق هذه الأهداف:

1- جلب الدعم والحاضنة الدولية لكل ممارساتها ما بين الحضن الأمريكي، والصمت الأوروبي والعجز الدولي.

2  الاختراق الإقليمي واعتماد المصالح واللعب في مجال خلق التناقضات والأخطار الإقليمية المزعومة بهدف نسج العلاقات الاقتصادية والأمنية في الإقليم والتطبيع لمنع أي إمكانية لوجود حاضنة عربية أو إسلامية للنضال الوطني الفلسطيني ضد مشروعها.

واعتمادا على الهدفين الأولين عملت على عزل الفلسطينيين والاستفراد بهم واستعملت لتحقيق ذلك الكثير من الأساليب من سياسات الفصل والعبث الداخلي والقمع والتخريب الاقتصادي والعقوبات الجماعية، إضافة للحصارات وإشعار الفلسطينيين بالعجز وعدم القدرة على مواجهة المشروع الاستيطاني، وإدخال القيادات بوهم السلام والمفاوضات حتى يتمكنوا من تحقيق مشروعهم.

وبناء على ما سلف اعتقدوا أن عملية الأسرلة لفلسطينيي ٤٨ والقدس وإغراقهم بثقافة المحتل واهتمامهم بالأعمال والاقتصاد سينسيهم امتدادهم وشعورهم الوطني مما يجعلهم يندمجون ويقبلون المواطنة ربما بالدرجة ما بعد الثالثة أو الرابعة.
وفي نفس السياق تحويل أبناء الضفة وجزء من أبناء القطاع إلى عبيد في سوق النخاسة ما بين المستوطنات والداخل في عبودية طوعية، واستمرار عزل قطاع غزة وتقسيم الضفة، كل ذلك بهدف القضاء على الفلسطينيين كشعب ومحو لأهدافه الوطنية.

ما صدم وأعاق هذا المشروع الشيطاني لهذه الحركة العنصرية أسباب متعددة وأهمها وفي مقدمتها أنها لم تسلّم بأنها تواجه شعب عنيد في دفاعه عن وطنه وحقوقه الوطنية، مما دمر كل هذه المحاولات على صخرة صموده وتحديه، فقطاع غزة المحاصر أصبح هاجسا أمنيا قويا لا يمكن تجاهله في حسابات المنظومة الأمنية والسياسية لحكومة الإحلال، والقدس وما أدراك ما القدس، أثبتت بسالة وعنفوان منقطع النظير وكل محاولات طمس الهوية والأسرلة باءت بالفشل.

أما الضفة فابتدعت أساليب في مقاومة ورفض الاحتلال أربكت أيضا المنظومة الأمنية والسياسية الإسرائيلية وأوقفت استخباراته عاجزة عن تحديد مكان وزمان الفعل المقاوم، ولا يقل عن ذلك صمود وتحدي فلسطينيو ٤٨ والتزامهم بأهداف شعبهم وانتمائهم  له.

تحاول دولة الإحلال تحويل الصراع الوطني إلى صراع ديني و خاصة في هذه الفترة، وتتبع بذلك أسلوب تقزيم النضال الوطني للشعب الفلسطيني منذ ما يربو على مائة عام بخلاف ديني على من يصلي في المسجد الأقصى المبارك، و محاولة إظهاره للعالم في إطار خلاف بين ( مواطنين) من دينين مختلفين على مكان للصلاة، و الحقيقة أن ما هو مستهدف هو الشعب و الأرض الفلسطينية بما فيها المقدسات الإسلامية و المسيحية، و ما حدث في كنيسة القيامة من منع المسيحيين من الصلاة في عيد الفصح، و محاولات التقسيم الزماني و المكاني للأقصى إرضاء للمتطرفين الدينيين من قبل الحركة الصهيونية العلمانية التي تستعمل الديانة اليهودية لتحقيق أهدافها العنصرية و سرقة وطن الفلسطينيين بمقدساته.

إن دولة الاحتلال الآن تشعر بالخطر الوجودي، بدءا بالتطورات العالمية بما فيها التراجع السياسي والأمني لأمريكا الحاضنة و الداعمة الأساس للاحتلال، و الضعف الأوروبي و ظهور و تطور قوى أقل ما يقال عنها أنها ترفض الاحتلال والسياسات الإسرائيلية، يضاف إلى ذلك شعور حكومة الاحتلال بالخطر من غزة إلى الضفة إلى داخل٤٨ إلى الشمال و المقاومة اللبنانية إلى تطور قوة إيران اللوجستية و النووية، كل ذلك يوحي ببداية فشل و تراجع المشروع الصهيوني، و بداية بشائر النصر الفلسطيني، لإعادة الحق لأصحابه.

لا يمكن لهذه الحركة العنصرية التي بنت مشروعها على الظلم و السرقة و الاحتلال أن تحقق مشروعها لأسباب كثيرة ذكرناها و في مقدمتها صلابة و صمود الشعب الفلسطيني في وجه هذا المشروع، فما حققه الشعب و يحققه هو صمود أسطوري لا يمكن إلا أن يتكلل بالنصر، و تجارب الشعوب و الوقائع على الأرض و المتغيرات المتسارعة ستساهم في تحقيق و تقريب ذلك.