مآلات الحملات الانتخابية للهيئات المحلية

25/03/2022

 

‎كتب: محمود الشيخ

‎استمعت بتأني لمجموعة من القوائم المرشحة للانتخابات البلدية في مرحلتها الثانية، كما أعرتُ انتباهاً لمرشحي بلدتي المزرعة الشرقية؛ ووجدتُ أنَّ الشباب المرشحين في تلك القوائم لم يمروا بتجارب شبيهة في حياتهم العملية، وقد تطوعوا في هذه المرحلة لخدمةِ البلد دون تفكيرٍ بما تتطلبه العملية الانتخابية وسيرورتها وصولاً للهيئة المحلية من كل واحد منهم؛ وسأعرج على هذه النقطة في سياق المقال.

‎عودة على بدء فإن الانتخابات الحالية تعتبر من حيث المبدأ هامه جدا كونها جاءت بعد الغاء انتخابات المجلس التشريعي بحجج لا يقبلها عاقل، وشعبنا ينتظر الوصول الى صندوق الاقتراح غدا، ليقول كلمته التي حُرِم منها في انتخابات التشريعي. كما تنبع أهمية هذه الانتخابات كما قلتُ كونها تمنح المواطن حقه في التعبير عن رأيه من جهة، ومشاركة مختلف القوى السياسية كتعبير ايضا عن تنافس على تلك البلديات التي تعتبر جزءا من السلطة، خاصه بعد فوز اليسار في انتخابات جامعة بيت لحم اذ حقق اليسار "١٧" مقعد في مقابل "١٤" مقعد لصالح حركة فتح.

‎لقد ظهر جليا اهتمام قيادة حركة فتح في انتخابات عدد من المدن على رأسها مدن رام الله والخليل ونابلس، وذلك من خلال تكثيف الزيارات لقيادات الحركة، وواضح ان هناك ارتباك لدى قيادة الحركة من وجود قوائم تنافسهم ومحسوب لها حساب. ولذلك؛ اصرت قيادة الحركة على زيادة في حجم مؤيديها من خلال دعم تلك القيادات واعلانها الوقوف مع تلك القوائم، ثم ان تلك القوائم قامت بأنشطة غير عادية من خلال الفيديوهات التي بثتها وما قطعته على نفسها من تعهدات ربما لا تستطيع تحقيق الا الجزء اليسير منها، قد يكون الغرض من ذلك كسب صوت الناخب.

‎ومن الجدير بالذكر ان المنافسة حادة وزادها حدة الزيارات التي قامت بها تلك القيادات لمرشحيها، مما اشعر تلك القوائم بأمرين: الأول، وهو ان الزيارات ناتجه عن خوف هؤلاء من الاطراف المنافسة لها، والثاني، للابقاء على قاعدة اوسع للسلطة، وهذا أساساً ما تهابهُ حركة فتح والسلطة الفلسطينية، والان يزداد خوفهم بعد نجاح اليسار في بيت لحم بعد ان وحد اليسار صفوفه وكسب في المنافسة بالعرس الديمقراطي، مما يثير الخوف لديهم بشكل كبير.  ولذلك، تبدو معركة الانتخابات هذه المرة هامة وحامية جدا حتى ان الاحتلال تدخل فيها من خلال حملة الاعتقالات لبعض رؤساء القوائم.

‎واما ما يتعلق بالمرشحين في المزرعة الشرقية التي جاءت على خلفية التعقيدات التي مرت بها البلد بفعل دور عدد من الاشخاص الذين ارادوا تفصيل البلد على هواهم دون اخذ مصلحة البلد العامة بعين الاعتبار، الى ان توصل الناس الى انتخابات فردية الهدف منها تخليص البلد من عبث هؤلاء بمصالح البلد من خلال القوائم العائلية التي كانوا يتسابقون على تشكيلها  مما حرم عدد من العائلات من حقها في التمثيل وهذا المفهوم انا لا  اؤيده.

ثم حرم الاكفاء والمثقفين منهم من دورهم ولم يعطيهم حقهم في قيادة البلد، وبالتالي حرمت  البلد من حقها  في التطور الطبيعي بل توقف التطور وبشكل نهائي، وعندما وصلت البلد الى ان تجري انتخابات فردية يختار الناس من يرونه مناسبا لهذه المهمة، انطبق المثل علينا الذى يقول " جينا تانكحلها اعميناها". فعند استعراض اسماء المرشحين ليس لغالبيتهم غير عدد محدود لم يتجاوز اثنان او ثلاثة كحد أقصى لديه تجربه مؤسساتية وهي بحد ذاتها ليست تجربه غنيه، وهم شبان مندفعون، اما حبا في الوجاه او تمشيا مع المثل القائل "اللي بحضر السوق بتسوق". وقد يصل المرء الى هذا الاستنتاج عندما يحضر استعراض كل شخص فيهم لرؤيته وبرنامجه، بينما يتغيب آخرين، معظمهم ليس لديه رؤية ولا برنامج حتى لو من نقطة واحده، والبعض فيهم عرض قضايا ليس للبلدية علاقة فيها وبعضهم ليس له علاقه لا بالخطابة ولا بالكلمات. على سبيل المثال، البعض تغنى بالثورة والتي ليس لها علاقة بالانتخابات المحلية قد يكون ذلك بفعل عجزه عن تقديم شيئا عن دوره. والبعض الاخر جلس وقام عن مقعده ولم يقدم ما يستطيع ان يقنع احد بأسباب ترشحه.

‎لا أريدُ الاطالة لكني اعتقد ان المزرعة الشرقية لم تخرج من مشكلتها من خلال الانتخابات الفردية هذه كما اعتقد البعض بل ستزداد حدتها كون الذين سينتخبون لا صلة لهم بالعمل المؤسساتي من جهة وليس لديهم  فكرة عن العمل البلدي، مما يعني ان البلدية ستمر بأزمة معرفية، او ازمة مفاهيم  ستسقط عليها  من خلال هذه الوجوه فاقدة التجربة، يتحمل مسؤولية ذلك من سعى الى استمرار السيطرة على مقاليد  البلد من خلال  اختيار اشخاص بغض النظر عن ضعف وعيهم ومهاراتهم وقدراتهم على ادارة البلد وجلّ همهم السلطة والسيطرة، وأما مصالح البلد بالنسبة لهم "فإلى الجحيم". ومن جهة أخرى، فان من لديهم وعي من المثقفين  يتحملون مسؤولية كبيره لانهم تخلوا عن مسؤولياتهم في البلد لصالح عدد من الاشخاص يتلاعبون فيها كما  يشاؤون؛ ولذلك أرى أن البلد ستدفع نصيبها من الركود والاهمال والتراجع ليس الى "جيم" في درجتها بل الى ربما  "د" وان الزمن كفيل اما ان يثبت صحة استنتاجاتنا او نتمنى ان لا يصح منها شيئا.