حماس والازمة المصرية السيناريوهات المتوقعة- عصام بكر

11/07/2013
تداعيات الازمه المصرية اذا اتفق عن تسميتها " بالأزمة " لأن نتائج ما جرى من تنحية محمد مرسي وحكم الإخوان المسلمين الذي استمر زهاء العام ، وبمعزل عن اية ملاحظات حول استبداديه تلك الفترة أو ما سمي باختطاف الدولة المصرية لصالح جماعة أو حزب سياسي ، هذه التداعيات التي استخدم مصطلح "الزلزال " لتوصفها والترددات التي من المتوقع أن يمتد صداها ليشمل ما هو خارج حدود مصر الدولة إلى الدول العربية ومن هنا فان هذا التوصيف قد يكون مؤقتا ولا يخدم سيرورة العملية ككل واستشراف معالم الصورة الكلية بعد ، وما قد تتمخض عنه على المستوى المصري الداخلي او الاقليمي بشكل عام .
ولو عدنا قليلا للوراء على مدا الايام الماضية فاننا سنرى بوضوح ان الكل استل قلمه وخاض في صورة ما ستؤول الايه الاوضاع في مصر ، كما سنجد ان التباين في التحليل بين من يرى فيما حدث بانه استمرار لثوره 25 يوليو ، وباعتباره إجراء إجباري لتصحيح مسار الثورة وانقاذ البلد الغارق في ازمات متتالية على مستوى الاقتصاد ، والعلاقات الخارجية ، والامن الداخلي ، وحتى طبيعة العلاقات الداخلية التي تدهورت بشكل لافت في الاونة الاخيرة لتصل الى حافة الفوضى ، ومن يدعي ان ما جرى هو انقلاب على الشرعية الدستورية وصندوق الاقتراع الذي اوصل جماعة الاخوان الى سدة الحكم ، ومابين الشرعية الثورية المستمدة من الشارع ورغبة الناس في التغير بقوة الملايين التي خرجت ( اكثر من 20 مليون) وقوة ( القانون) او الدستور بون شاسع لكن المؤكد في هذا الجانب مسألتين ان ما جرى لم ينتهي باسقاط حكم الاخوان اولا ، وان الامتداد والانعكاس سيطال دولا في الاقليم والمحيط العربي وتحديدا الفلسطيني .
وهنا مربط الفرس كما يقال فالتأثيرات المباشرة والملموسة ستنعكس على مسألتين ايضا ، تتعلق بالشأن الفلسطيني الاولى قضية المصالحة فالخروج من الدوامة التي تعيشها الشقيقة مصر ستشغلها عن الجهود لتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الفلسطنينة ولن يكون باستطاعتها على المدى المنظور ان تولي الاهمية الكافية رغم وجود الرغبة الاكيدة للعب الدور الطبيعي بما يمثله ثقل مصر في انجاز المصالحة لكن الظروف الموضوعية و الذاتية معا ستجعل الامر في غاية الصعوبة ، بما في ذلك تأثيرات زوال حكم الاخوان على طرفي الصراع فتح وحماس في معادلة التوازن والحفاظ على المسافة الواحدة بين مواقف الفرقاء في الساحة الفلسطينية ، لكن الاهم برايي هو ما يتعلق بالحدود مع قطاع غزة من جهة ومستقبل العلاقات الفلسطينية المصرية من جهة اخرى فمنطقة سيناء وما تشهده من ازدياد الهجمات في الايام القليلة الماضية ربما وامل لا يحدث ستترك تداعيات ربما تمس الجغرافيا القائمة في تلك المنطقة على المدى البعيد .
حركة حماس امتداد الاخوان المسلمين التي ربطتها مع حكم المرسي علاقات وطيدة رغم بعض الاختلافات الشكلية من فترة لاخرى ومع جماعة الاخوان في الاردن ايضا ستكون اكثر المتضررين بالنتائج الناجمة عن التغير الذي شهدته مصر بعد 30 حزيران ، وهي اي حركة حماس لا تعيش في افضل حالتها ولم تكن كذلك حتى قبل التغير الذي اطاح بحلفاء الحركة في القاهرة ، فنظام الحكم او سلطة الامر الواقع في في غزة المحاصرة والاوضاع اليومية كلها مؤشرات واضحة على تصدع ما في بنيان حماس كحركة حاكمة هذا لا يعني انها تنهار او تهوي قريبا فسواء ازمة البنزين والمحروقات ، معدلات الجرائم وعمليات القتل شبه اليومي، مرورا بقرارات الاعدام والقوانين التي تسنها الحركة في غزة وهامش الحريات ، ووصولا للتصريحات حول جدلية المقاومة والحكم ونظام الحكم بحد ذاته من قبل مسؤولين في حركة حماس كلها مؤشرات تشير الى اختلال الموقف الواحد واتساع الموقف فيا يتعلق بالحكم والمقاومة من جهة ، او دخول حلية السياسة واستحقاقه المحفوف بالمخاطر من جهة اخرى .
السيناريوهات المتوقعة على ضوء ما يجري في مصر ووفقا لكل تطور ميداني فيها ويمكن حصرها في ثلاثة سيناريوهات ارتباطا بالتحولات الاقليمية عموما اولها ان يجري ارغام حماس امام ضغط القيادات العسكرية (حلبة المواجهة ) مخرج لكل الحالة الراهنة وللطراف كافة - اي الى ما تريده اسرائيل وتبيت له عبر تصريحات قياداتها ومنهم ليبرمان وغيره حول اعادة احتلال قطاع غزة ، والمناورات المتواصلة التي تجريها دولة الاحتلال استعدادا لاي مواجهة قادمة على الحدود الجنوبية او الشمالية او كلاهما معا بالاضافة لجبهة الجولان ايضا لكن قد تكون غزة هي الملعب المفضل في هذه المعادلة ، ودلالة على ذلك علينا قراءة ما صرح به احد ابرز القيادات العكسرية في جيش الاحتلال من ان حماس تعمل بصمت لتطوير صواريخ بمقدورها ضرب العمق ومنطقة الوسط وهو ما يندرج في اطار المساعي والدعاية المتواصلة للتحضر لعملية عسكرية ضد قطاع غزة - بمعنى ان تقوم اسرئيل باختلاق مناوشات محدودة برا او بحرا يتسع نطاقها الى حالة الحرب والمواجهة المفتوحة مرة اخرى ، وبميزان الربح والخسارة فان خارطة تحالفات حماس التي تقلصت بعد ازاحة مرسي ستعود باتجاه المحور ايران سوريا حزب الله بعد القطيعة التي سادت هذه العلاقات في اعقاب الموقف من الملف السوري ، وبذات الحساب فان حماس معنية برفع اسهمها في الضفة الغربية عربونا لاية انتخابات قادمة قد تجري في الاراضي الفلسطينية في اطار الحفاظ على مكانتها في الشارع الفلسطيني الذي شهد بحسب الاستطلاعات الاخيرة تراجعا ملحوظا في حجم تأييدها ومناصرتها .
السيناريو الثاني هو الذهاب عكسا اي بالاتجاه الاخر والنقيض فالحركة التي تمر بمخاض وربما التي شارفت على ان تكون جاهزة للسير نحو البرغماتية بحسب بعض التصريحات بما فيها للسيد خالد مشعل نفسه وما تناقلته وسائل الاعلام عن لقاءات جرت مع جهات اوروبية وامريكية وحتى اسرائيلية لادخال الحركة في القفص الذهبي للعملية السلمية ، وتصريحا ت اخرى تشير بصراحة الى استعداد حماس للتفاوض في اطار عملبة سلمية – بمعنى اخر المقايضة على غض الطرف عن ابقاء حكم حماس في غزة ورما توسيع منطقة النفوذ وفق ترتيبات مستقبلة لتضاف للامارة الناشئة لاستدامة هذا الحكم الى ما يشاء الله ، وتكون بذلك بديلا للاستقلال الوطني الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهضا له طوال سنوات ، وهو سيناريو بات متوقعا ولا يبنى على تنبوءات واوهام وانما تحليلات وطروحات حقيقية يرجي نقاشها في اروقة صنع القرار في اسرائيل من مدة طويلة وهي في نهاية المطاف تضاف الى ما يجري من تغيرات تطال خارطة دول عديدة ضمن التقسيمات المتوقعة للوطن العربي تقسيم المقسم والبحث عن انشاء دول اثنية او عرقية على انقاض الدول القومية القائمة
واما السيناربو الثالث فهو ان تذهب حماس تحت ضغط ماجرى وامام التطورات الراهنة والوضع في غزة على وجه الخصوص الى استخلاصات جريئة وعميقة لصورة الوضع ومدى خطورتها فتبادر الى اخذ زمام المبادرة وان تتحرك فعلا وبشكل جدي وسريع لعقد لقاء مع قيادة منظمة التحرير لانهاء الانقسام بخطوات جدية ، العودة للطاولة ليس للحوار وانما لخطوات ووضع اليات انهاء الانقسام والذهاب للانتخابات العامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني حيثما امكن ، وهي خطوات ينتظرها الشارع الذي لوعه الانقسام بشغف منذ زمن بعيد لاسدال الستار على صفحة الاتقسام البغيض ، والوصول ولو متأخر انه ليس لنا في هذه المرحلة وامام التحديات انغلاق الافق والمساعي للعودة للمفاوضات التي جربت وانتهت بكارثة اخراج القدس واستباحة الارض بالمستوطنات والجدار العنصري ، وقضم الارض امام هذا كله وامام نداء العقل لا مناص ولا ثمة اي امل الا باستعادة الوحدة التي هي الممر الاجباري الذي لا خيار غيره لمواجهة خطر التفتيت وضرب وحدة الاراضي الفلسطينية والنوايا المبيته للقضاء على الهوية الوطنية الموحدة للشعب الفلسطيني واستكمال ما جرى في العام 48 ، وربما خطر اندثار القضية الوطنية امام ما تشهده المنطقة من عاصفة هوجاء تقتلع من امامها دولا وتنشئ اقاليم وكيانات جديدة ولا مجال الا بتحصين البيت الداخلي الذي هو السبيل الوحيد للحفاظ على البقاء .
من السابق لاوانه التكهن الى اين تتجه الامور في الشقيقية مصر التي يتمنى لها الشعب الفلسطيني كل الخير والمنعة وانهاء ما يجري بصورة تحفظ لها دورها القومي والاقليمي ، بما فيها استمرار دعمها للقضية الوطنية للشعب الفلسطيني ، لان الامواج ما زالت عالية في بحر هادرلا يهدا ولكن المؤكد ايضا ان هناك مسألتين تم حسمهما بالارادة الشعبية الاولى لا عودة لحكم الاخوان المسلمين ، وليس ثمة امكانية للتراجع عن قرار التنحية ، والتنصيب للرئيس المؤقت الجديد ، والثانية ان ذيول ما جرى تتعدى نزول عشرات الملايين للشارع او المياديين وانما هناك ما وراء ذلك هناك ضمن محاولات حرف الامر عن مسارها هناك ايادي وقوى وسياسات دولية تعلب بمصر ومستقبل مصر واستقرارها الداخلي لاشغالها عن همها القومي ، وتهميش مكانتها وقوتها عربيا واقلميا وليس خافيا على احد مواقف الادارة الامريكية بهذا الاتجاه ، الجماهير المصرية المتعطشة للتغير لم ترغب باستمرار مبارك واستنساخ صورة اخرى يغلب عليها حكم الفرد والحكم الاستبدادي المطلق والاستئثار بالحكم ، هذه الجماهير تعيد تأكيد توقها للديمقراطية ، وتداول السلطة ، والانتخابات حكق كلفه القانون ، حقها في بلد يسوده التعددية ، ودولة المؤسسات والحكم المبني على الشرعية الثورية من الناس من البسطاء وعامة الشعب ، والعبرة الاساس ان الحراك يمكن ان يغير وان الجماهير الصامتة بمقدورها عمل مفاجات وما لا يمكن توقعه ، الناس المقهورة والتي تتوثب للدفاع عن حقوقها وكرامتها لا يمكن قهرها وهي تريد ببساطة الكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم .