في ختام المؤتمر الدولي "تدابير الوقاية من الفساد في القطاع العام": التوصية بإقرار مجموعة سياسات فعّالة تتضمن تدابير وقائية طاردة للفساد

07/12/2021

وطن للأنباء: اختتمت هيئة مكافحة الفساد اليوم الثلاثاء 7 كانون أول 2021، فعاليات مؤتمرها الدولي الثالث "تدابير الوقاية من الفساد في القطاع العام، حوكمة .. فاعلية .. امتثال"، والذي عُقد عبر منصة زووم في بلدية رام الله برعاية فخامة السيد الرئيس محمود عباس، بمشاركة محلية وإقليمية ودولية واسعة.

وشهد المؤتمر تقديم العديد من أوراق العمل المهمة والقيّمة بما احتوته من أفكار وعرضته من تجارب إقليمية ودولية فضلى.

وقال رئيس الهيئة معالي الأستاذ رائد رضوان أن المؤتمر وفر فرصة حقيقية للاطلاع على نماذج مختلفة من أدوات امتثال المؤسسات الحكومية لبرامج النزاهة والحوكمة، انسجاماً مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لاسيما وأنها تروج وتدعو الى دعم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة كفؤة وناجعة، والعمل على تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون والممتلكات العامة، كما ان الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد تحث الدول الأطراف على التعاون فيما بينها على تعزيز وتطوير هذه التدابير عبر تبادل المعرفة والتجربة وأفضل الممارسات بالخصوص.

وأجمع المؤتمرون على أن المواطن والبرامج التي تخدمه هما الضحية الأولى للفساد، وعلى سعي الفاسد والمُفسد لتطوير وابتكار اليات تعزز من بقائهم وسيطرتهم وافلاتهم من العقاب مستفيدين من التقدم التكنولوجي والرقمي الهائل. وعليه، تبقى التدابير الوقائية هي السلاح الأكثر نجاعة في محاربة الفساد، وهي تدابير سامية إن لم تكن الأكثر سمواً في إطار جهود الدول على هذا الصعيد، حيث أن الحكمة تقتضي ألا ننتظر وقوع أفعال وجرائم الفساد في الوقت الذي يمكننا التعلم من تجارب الاخرين وسد الثغرات وتقليل فرص الفساد وجعل أفعاله أكثر صعوبة على الفاسدين، مما يوفر أموالاً طائلة لأعمال التنمية وتحسين الخدمات الأساسية.

وأوصى المؤتمر بما يلي:

التوصية الأولى، أهمية اعداد وإقرار مجموعة من السياسات الفعّالة التي تتضمن تدابير وقائية طاردة للفساد تعزز من الردع الاستباقي وسيادة القانون وحسن إدارة المال والشأن العام ووضع خطة شاملة للتنفيذ وبما يضمن تحقيق النتائج المرجوة خاصة في مجالات اصلاح الوظيفة العامة وبما تشمل التعيين والترقية والتقاعد، والأنظمة المالية ومدونات السلوك والشراء العام وتبسيط الاجراءات وتحقيق الرقابة الفعالة عليها.

التوصية الثانية، ان تشخيص الفساد ووضع التدابير الكفيلة بمنع وقوعه لن يكون مجدياً دونما برامج امتثال توضع قيد التطبيق والمتابعة والتقييم، وان من الأهمية بمكان تفعيل وتقوية المؤسسات والأجسام الرقابية وتنفيذ توصياتها كأحد أدوات التعبير الحقيقي عن الإرادة السياسية الداعمة لجهودها.

التوصية الثالثة، ان عملية وضع التدابير الوقائية من الفساد توصف بالمعقدة الى حد ما لما تنطوي عليه من سلسلة عمليات دقيقة تهدف للكشف عن مكامن الفساد المتخفي خلف مجموعة من النصوص والإجراءات والممارسات، وان انتهاج هذا الطريق يتطلب بلا شك موازنات معقولة تمكن جهات الاختصاص من التدخل والتدريب والتعلم وتعزيز القدرات المؤسسية الاحترافية للقيام بالأعمال العامة بسلاسة وسهولة لتحقيق النتائج الفضلى.

التوصية الرابعة، أهمية المضي قدماً في الترويج والتوعية والتدريب والمتابعة والتقييم والتصويب لنظام الإفصاح عن تضارب المصالح ونظام الهدايا الذي ما زالت باباً يسهل الدخول منه لارتكاب أفعال فساد باعتبارها جزء من الممارسات الاجتماعية المقبولة بالعديد من الأوساط.

التوصية الخامسة، إن الحماية التي تقدمها الدول لمواطنيها المبلغين/ الشهود على وقائع وأفعال الفساد تعتبر أحد الأدوات والآليات التي تشجع على الإبلاغ، وهي بذلك تتطلب وبالضرورة مزيداً من التمحيص والتطوير وبما يحقق فعّالية أكثر لها وتأثير إيجابي على واقع الإبلاغ عن الفساد.

التوصية السادسة، أهمية العمل على إعداد مؤشر للنزاهة بالمؤسسات العامة، قادر على تقديم تقييم لمستوى النزاهة في أعمالها واجراءاتها وتدابيرها.

التوصية السابعة، أهمية العمل على تدعيم وتحصين منظومة التعيين وتقلد الوظائف العامة لاسيما العليا منها بالمزيد من الضوابط والمعايير والضمانات التي تكفل إعمال حقيقي لمبدأ تكافؤ الفرص في اشغال الوظائف، والتوجيه بانتهاج مبدأ التدوير الوظيفي لموظفي الدوائر الحكومية شاغلي الوظائف العليا وتلك التي تنطوي على مخاطر فيما بين الدوائر الحكومية حيثما أمكن، الى جانب التوجيه بالاستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة.

التوصية الثامنة، ان محاربة الفساد تعتبر وبلا ادنى شك مسؤولية وطنية، و إن تحقيق النتائج الفُضلى في مكافحة الفساد تتطلب تظافر وتعبئة جهود عموم المؤسسات العامة والأهلية والخاصة وتكاثفها انطلاقاً من أن محاربة الفساد هي ضرورة ومصلحة مجتمعية تتطلب بناء تحالف وطني لمواجهته بكل تمظهراته، تماماً كما الحال القائم في محاربة جائحة كورونا على المستوى الدولي والتي قدمت درساً للعالم اجمع بأن وضع السياسات واتخاذ الإجراءات وإقرار التدابير الهادفة لمحاربة الفايروس لن تحقق النتائج المطلوبة ولن تحاصر هذا الفايروس وتقضي عليه ما لم يتم التعاون والتنسيق بين عموم الدول وبين المؤسسات جميعها داخل الدولة نفسها.

التوصية التاسعة، ان محاربة الفساد الانطباعي وتلك الصورة الذهنية القاتمة التي ترسخت في اذهان الناس يتطلب إقرار سياسات والقيام بإجراءات على ارض الواقع يلمسها عموم المواطنين قائمة على مبادئ العدل والانصاف واحترام كرامة الناس في تلبية احتياجاتهم.

التوصية العاشرة، يعتبر مبدأ اشراك أصحاب المصالح والمواطنين على حدٍ سواء في اقتراح ووضع السياسات لمكافحة الفساد عامل مهم جداً من عوامل نجاح الدول في تطبيق السياسات من خلال خلق حالة من التبني المسبق لها.

التوصية الحادية عشر، أهمية حوكمة الإجراءات الحكومية عموماً وحوكمة قطاع تكنولوجيا المعلومات خصوصاً، لضمان التوظيف والاستثمار الأمثل لتكنولوجيا المعلومات، والحفاظ على الموارد، وذلك من خلال استحداث منظومة تشريعية داعمة وممكنة لإعمال الرقابة عليها، وتؤسس لمراحل التحول المتدرج من مستوى لآخر، وترسم له خطط المتابعة مع الإدارات العامة لتكنولوجيا المعلومات في المؤسسات الحكومية.

التوصية الثانية عشر، هنالك رابطاً قوياً بين الفساد وانتهاك حقوق الانسان، وان المجتمعات والدول التي تولي ملف حقوق الانسان الاهتمام المطلوب هي الأقل عرضة للفساد والعكس صحيح، ما يستوجب إيلاء هذا الملف مزيدا من الاهتمام واتخاذ مجموعة من الإجراءات ووضع مجموعة من التدابير التي تعزز حقوق الانسان خاصة في مجال تلقي الخدمات العامة الأساسية.

التوصية الثالثة عشر، التأكيد على ضرورة السير قدما في إقرار قانون حق الحصول على المعلومات واهميته في تعزيز فاعلية التدابير الوقائية ونجاعتها 

التوصية الرابعة عشر، اعتماد سياسة الباب المفتوح امام تظلم او شكوى او طلب أي مواطن من أي من الدوائر الحكومية بما يكفل كرامة المواطن مع وضع اليات فعالة للاتصال والتواصل مع المواطن واعلامه برد الدائرة الحكومية على طلبه او شكواه واستخلاص العبر والدروس واكتشاف مكامن الضعف من هذه الشكاوى.

التوصية الخامسة عشر، أهمية توجيه الدوائر الحكومية بضرورة تكريس طاقاتهم وتسخير موازنات دوائرهم المقرة نحو تحقيق الأهداف المخطط لها من خلال برامج عمل محددة بإطار زمني مقترن بنظام للمتابعة والرقابة والتقييم.

التوصية السادسة عشر، إيلاء الدوائر الخدماتية التي تتعاطى مع المواطن مزيد من الاهتمام ووضع اليات وخطط حكومية لاستكمال الاتمتة للخدمات المقدمة للمواطنين ورقمنتها (الحكومة الالكترونية/ برنامج حكومتي) والمتابعة على اعمالها وتقيميها وتحصينها من خلال دراسات تقيم مخاطر الفساد بشكل دوري بهدف التحسين والتطوير.

التوصية السابعة عشر، تسريع عمليات استكمال الإطار التشريعي الناظم لعدد من الدوائر الحكومية والعامة العاملة في الدولة (قوانين، أنظمة، تعليمات)، مع اهمية التركيز على تقنين عمل واعمال الدوائر الحكومية في إطار تعليمات وادلة إجراءات معلنة للجميع لتشَكل أساس لضبط العلاقة بين متلقي الخدمة ومقدمها على أسس من العدالة والانصاف والشفافية واحترام الكرامة للفرد.

التوصية الثامنة عشر، العمل على تعزيز التعاون المشترك ونقل التجارب والخبرات الناجحة في مجال الحوكمة والتدابير الوقائية بين الدول الشقيقة والصديقة، وبما يحد من الملاذات الآمنة ويسهل عملية ملاحقة جرائم الفساد العابرة للحدود.

التوصية التاسعة عشر، عدم الاكتفاء بأعمال هذا المؤتمر والنقاشات التي دارت على ضفافه، حيث سيتم المباشرة بتعميم الدروس والتوصيات، والنضال في سبيل تحقيقها من خلال كافة الوسائل والطرق المتاحة، متسلحين بعنصر الإرادة السياسية التي تحققت من خلال تشكيل اللجنة الوطنية للإصلاح لنضع بين أيديهم كافة مخرجات المؤتمر وأوراقه وتوصياته.