شتان ما بين اغلاق اليوم وإغلاق الأمس

07/12/2021

 كتب فادي البرغوثي: ما يحدث في الجامعات الفلسطينية هذه الأيام من الاعتداء المتواصل ما بين الطلبة أنفسهم يعتبر سابقة خطيرة، فلم يحصل أن أغلقت الجامعات الفلسطينية يوما على إثر المشاكل الداخلية بل إن إغلاق الجامعات كان دائما بسبب أعمال بطولية خاضتها الحركة الطلابية بكافة الوانها ضد الاحتلال.

بل يمكن لنا أن نقول إن الطلاب هم طليعة الحركة الوطنية الفلسطينية بل مؤسسيها، يعني أن الوعي الوطني الفلسطيني تبلور في الجامعات.

فعلى سبيل المثال تأسست الجبهة الشعبية والتي كانت امتدادا لحركة القوميين العرب على يد الرفيق جورج حبش في وقت الدراسة أي وهو طالب وكذلك اتحاد طلبة فلسطين الذي تأسس على يد الرئيس ابو عمار والشهيد ابو جهاد والشهيد أبو إياد الذين تزعموا حركة فتح فيما بعد والثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وكذلك الدور الكبير للرفيق بشير البرغوثي ومساهمته في تأسيس الاتحاد سالف الذكر مع صديقة ياسر عرفات والذي شغل فيما بعد أول أمين عام للحزب الشيوعي الفلسطيني (حزب الشعب الفلسطيني حاليا).

اما على صعيد الأراضي الفلسطينية المحتلة، لعبت الجامعات في قيادة الحركة الوطنية ضد الاحتلال وبخاصة جامعة بيرزيت والنجاح فمن منا لا يعرف الدور الكبير الذي لعبه مروان البرغوثي الذي على أرض الوطن لقرار عسكري صهيوني عام ١٩٨٧ م قبل (الانتفاضة الكبرى) نتيجة النشاط المستمر ضد الاحتلال وكان مروان رئيس مجلس اتحاد الطلبة لها، والذي أصبح فيما بعد رمزا وطنيا بامتياز قاد الانتفاضة الثانية بكل جسارة.

ولا يجب أن ننسى المهندس يحيى عياش خريج جامعة بيرزيت وأحد أهم قيادة الكتلة الإسلامية الذي شكل حالة نوعية جعل الكيان الصهيوني عاجزا عن محاربة ظاهرة المقاومة آنذاك مما دفع رابين رئيس الوزراء ووزير الحرب معا أن يقول لا علاج حقيقي لما يقوم به يحيى عياش.

وفي هذا الإطار نفسه كان الدور الكبير الذي لعبه فتحي الشقاقي بتأسيس حركة الجهاد الإسلامي الذي كان ناشطا في صفوف الطلاب في جامعة بيرزيت ... الحركة التي تلعب دورا كبيرا على صعيد النضال ومقاومة الاحتلال

اما جامعة النجاح الوطنية كانت دائما في مقدمة الصفوف خاصة في الانتفاضة المشتعلة عام ١٩٨٧ م فمن منا لا يذكر ايام الحصار المشهودة لقيادة الفهد الاسود في الجامعة مما حدا بقوات الاحتلال حصارها محاولا اقتحامها لكن الطلبة شكلوا جدارا أمام القرار الإسرائيلي مما أبطل القرار في اقتحام الجامعة إدراكا لقوة الحركة الطلابية داخل الجامعة والالتفاف الطلاب حولها .

وعلى صعيد المبادرة الوطنية الفلسطينية فقد لعب أمينها العام مصطفى البرغوثي كمسؤول لطلبة فلسطين في أوروبا في أواسط السبعينيات من القرن الماضي دورا كبيرا في النضال في الخارج مهد له في تأسيس وقيادة المنظمات الجماهيرية حينما عاد إلى أرض الوطن كبديل لمشروع روابط القرى المدعوم من الاحتلال.

لقد كان الاحتلال يدرك الأهمية والدور المميز للطلبة، فكان الطلاب هم من يتحركون في البداية أو الشرارة لكل هبة أو انتفاضة ثم تمتد إلى كل الضفة الغربية وقطاع غزة فكان مباشرة يقوم بإغلاق الجامعات ليوقف الشرارة الدائمة والامتداد الواعي للانتفاضات والحركات، ففي الانتفاضة الأولى ومن أيامها الأولى قام الاحتلال بإغلاق كافة الجامعات الفلسطينية لكن الطلبة لم يوفقهم هذا العقاب فكانوا هم طليعة الحركة في الانتفاضات

أما على صعيد هبة النفق حينما اعطى أوامره بنيامين نتنياهو كرئيس للوزراء في تلك الفترة بإقامة حفريات تحت المسجد الأقصى بادرت طلاب جامعة بيرزيت لمظاهرة كبيرة امتدت إلى كل الضفة الغربية وقطاع غزة أدت إلى اشتباكات عنيفة.

وهكذا فإن إغلاق الجامعات كان محاولة لإيقاف الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الحركة الطلابية الفلسطينية كامتداد للحركة الوطنية الفلسطينية بل إنها كانت العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية كما أن الموقف للحزب أو التنظيم الفلسطيني كان يؤخذ من موقف الطلاب مباشرة.

وبين الإغلاق الذي يحصل في الفترة الأخيرة والذي يشي بتحولات خطيرة جدا تبشر في أيام صعبة تستدعي الحذر والاهتمام كثيرا.