صلاح الدين موسى يكتب لوطن: اوقفوا الكارثة القانونية لقرار المحكمة الدستورية، وماذا تقول المادة (41) من قانون انشاء المحكمة الدستورية

02/12/2021

الباب الثالث من قانون المحكمة الدستورية تحت عنوان "الاحكام والقرارات" نصت في  المادة (41) من القانون رقم (3) لسنة 2006 وتعديلاتة  من خلال القرار بقانون والذي  حمل الرقم (19) لسنة 2017  على " أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، إذا قررت المحكمة أن النص موضوع المراجعة مشوب كليًا أو جزئيًا بعيب عدم الدستورية توضح ذلك بقرار معلل يرسم حدود عدم الدستورية، والنص الذي تقرر عدم دستوريته يعتبر في حدود قرار المحكمة محظور التطبيق، إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جزائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص محظورة التطبيق، ويقوم رئيس المحكمة بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء المقتضى القانوني اللازم"
يتضح من النص ان الاحكام الدستورية الصادرة عن المحكمة الدستورية لا يجوز ان تكون نافذة باثر رجعي الا اذا تعلق الامر بقرار يتعلق بنص جزائي نتج عنه حكم بالادانة، عندها فقط يصبح قرار المحكمة الدستورية نافذ باثر رجعي.

دون ذلك وحسب ما ورد نصا لا يرقى اليه شك او تفسير، فان المحكمة وعندما تصدر قراراتها يصبح النص محل الطعن محظور النفاذ من تاريخ صدور القرار، سواء تعلق القرار بعدم دستورية النص جزئيا او كليا، ونلاحظ من خلال النص ان القرارات والاحكام الصادرة يجب ان تحكم بعدم دستورية النص دون ان تخرج عن تخوم هذه الحدود، فلا يجوز للمحكمة ان تقرر ان الطعن نافذ باثر رجعي او ان تنشأ قواعد جديدة او ان تحدد حدود عمل قانونية جديدة، حيث ان المحكمة مجبرة على اصدار قرار مسبب يتعلق بالمسوغات التي دعت المحكمة الى الوصول الى نتيجة بعدم دستورية النص جزئيا او كليا.

نلاحظ ان قرار المحكمة الدستورية بخصوص الفقرة (3) من المادة(54) من القرار بقانون بشان تشكيل المحكمة الادارية خرجت فيه عن حدود اختصاصاتها بل خالفت منطوق النص الوارد في المادة(41) من قانون المحكمة الدستورية. حيث ان القرار في الواقع لم يعطل فقط الفقرة 3 من المادة (54) بل عطل المادة(54) كلها من القرار بقانون، وذهب ابعد من ذلك راسما معالم عمل  جديدة ومشترطا في قراره على فخامة الرئيس ضرورة تشكيل محكمة ادارية على درجتين حيث نزع عن محكمة النقض بصفتها المحكمة الادارية المؤقته في النظر في أي طعونات لان القانون يشترط ان يكون الطعن على درجتين.وبذا تدخل في عمل سلطة اخرى وترك الدولة بدون محكمة مما يهدد حقوق المواطنين.

اذن ما هو المطلوب الان، ومن له الصلاحية لاستدراك هذه المجزرة القانونية ، وعليه نوصي بالاتى:
1. عدم نشر قرار المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية كما تنص عليه  المادة (53) من القانون حيث ان تاخير نشره سيساعد في بلورة تصور قانوني للتعامل مع هذا الخروج عن حدود اختصاصات المحكمة كما اشرنا اعلاه.

2. ضرورة تفعيل المادة (43) من قانون المحكمة الدستورية بخصوص تنفيذ قراراتها حيث ان المادة تنص على " تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها طبقًا لقانون التنفيذ بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

3. ان النص الوارد في المادة(43) يثير تساؤلات حقيقية حول الجهة التي ستطعن او ستثير منازعة فيما يتعلق بتنفيذ احكام وقرارات المحكمة الدستورية !

4. كما ان النص الوارد في المادة(43) يثير تساؤلا حول طبيعة المنازعات  التي يمكن اثارتها وفقا لقانون التنفيذ، وهل سيتم تعيين قاضي من قضاة المحكمة؟ ام سيتم تعين هيئة من قضاة الدستورية؟ وهل يجوز ان يكون من اصدر القرار عضو في هيئة النظر في المنازعات المتعلقة بتنفيذ القرارات والاحكام؟

5. يجب اعادة تشكيل المحكمة الدستورية وتحصين القرارات التي صدرت عن محكمة النقض بصفتها الادارية من خلال قرارات ادارية يتخذها سيادة الرئيس، ومن ثم يتم انشاء محكمة ادارية على درجتين دون المساس في الحقوق للمواطنين ممن صدرت احكام لهم.
6. ضرورة تشكيل خلية ازمة من نقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني والمختصين في المجال للمتابعة مع مجلس القضاء والنيابة العامة ومكتب الرئيس والحكومة لغايات الخروج من هذه الكارثة القانونية التي نتجت عن قرار المحكمة الدستورية المتعلق بعدم دستورية المادة(54 فقرة 3) من قانون تشكيل المحكمة الادارية.

بالمجمل اننا امام كارثة قانونية غير مسبوقة، تستدعي منا جميعا استدعاء كافة الوسائل والطرق المتاحة قانونا للتعامل مع هذه الكارثة لنتمكن من وقف تنفيذ هذا القرار، وقد تكون المادة(43) هي احدى هذه الوسائل، المهم ان تطوى هذه الصفحة وان تطلب الامر اعادة تشكيل المحكمة الدستورية لوقف قرارها الكارثة.