مختصون: تطبيق القطاع الخاص الفلسطيني للسياسات البيئية يزيد من انتاجه وأرباحه ويفتح الأبواب أمامه للوصول للعالمية

14/11/2021

وطن: أكد مشاركون في الحلقة الثالثة من برنامج "العدالة البيئية والمناخية"، من إعداد وتقديم سامر خويرة، وينتجه "ائتلاف المؤسسات الزراعية الأهلية الفلسطينية "ضمن برنامج "العدالة البيئية والمناخية في فلسطين" بالشراكة مع "وي ايفكت" ويبث عبر شبكة وطن الاعلامية، على الدور الملقى على عاتق القطاع الخاص الفلسطيني بكل تخصصاته وتفرعاته، في حماية البيئة واتباع السياسات السليمة للحفاظ عليها.

واستضافت الحلقة الثالثة التي كانت بعنوان "العلاقة مع القطاع الخاص - الاقتصاد الأخضر صديق للبيئة، د. ناصر أبو فرحة مدير شركة كنعان، ولينا فائق بركات نائب المدير العام للشئون الفنية في شركة القدس للمستحضرات الطبية، وغسان الجمل مدير برنامج التمكين الاجتماعي والاقتصادي في مركز العمل التنموي – معا.

وركزت الحلقة على مفهوم الاقتصاد الأخضر، والسبل لجعل القطاع الخاص صديقا للبيئة، والمسؤولية المجتمعية المترتبة عليه، ومدى استعداده للتوجه نحو التقنيات الخضراء والتي تحمي البيئة، وسبل تحقيق الشراكة بين القطاع الخاص والبيئة.
وكذلك بحثت في آليات تعزيز كفاءة استخدام الموارد، مع ضمان أن تكون الأسعار انعكاساً ملائماً للتكاليف البيئية، سعيا لإعادة تشكيل وتصويب الأنشطة الاقتصادية في فلسطين لتتلاءم مع التغيرات البيئية والمناخية.

وقال أبو فرحة إن المسؤولية البيئية باتت ركنا أساسيا من سياسة أي شركة تسعى لأن تكون جزءا من العالم الحديث. هذا يتطلب منها وضع سياسات بيئية واضحة وأن يكون نشاطها الاقتصادي الإنتاجي له ابعاد بيئية، وتصور واضح للتخلص من مخلفاتها بطريقة امنة.
وقال إن "بروفايل" أي شركة اليوم يجب أن يقدم تصورا عن نشاطاتها البيئية والاجتماعية إضافة لنشاطها الاقتصادي.

وأوضحت بركات أن الأثر البيئي للأنشطة الاقتصادي، الأصل أن يكون إيجابيا. لكن الأثر البيئي الصناعي خاصة والاقتصادي عامة للأسف سلبي، ونحن نرى انعكاس ذلك على التغير المناخي هذه الأيام.
وتابعت "الاقتصاد هو تعظيم استغلال الموارد لزيادة الربح وتعزيز الملكية الفردية، وهذا له أثر بيئي غالبا سلبي، والتحدي اليوم هو السهل الممتنع أن يكون هناك توازن بينهما. لذلك ظهر مصطلح الاقتصاد الأخضر القائم على التقليل من الاعتماد على الوقود الاحفوري "البترول"، وعلى مصادر الطاقة غير المتجددة، والاهتمام بتقليل التلوث البيئي، وتقليل الانبعاث الكربوني للنشاط الاقتصادي.

بدوره، أكد الجمل أن القطاع الخاص قادر أن يبني بيئة سليمة، والربح لا يتعارض مع الحفاظ على البيئة. لذلك على أي شركة أن تضع "الحفاظ على البيئة" ضمن برنامجها اليومي، وضمن خططها السنوية. وهذا يتطلب أن يكون النشاط الاقتصادي يراعي البعد البيئي، وأن يكون التعامل مع النفايات من خلال تحويلها من مشكلة إلى فرصة، هذا جزء اصيل في الخطة الاستراتيجية والميزانية للشركة لزيادة الدخل.

وشدد أبو فرحة على أن الرهان اليوم في كثير من دول العالم متوقف على مدى وعي المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة، وأن يكون ضاغطا على الشركات الكبرى لتغير من سياساتها وتكون "مسؤولة بيئيا"، بطلب مباشر من المستهلك الذي يريد منتجات نظيفة وسليمة بيئيا، وهذا يجبر القطاع الخاص حال استشعر بقوة الشارع على تغيير سياساته وسلوكه.
وقال إن التزام الشركات والقطاع الخاص بالمعايير البيئية انعكس في الخارج على ربحها، حيث ازداد الاقبال على منتجاتها النظيفة بيئيا، وارتفعت أسهمها في البورصة، وتلاقى رواجا كبيرا، على خلاف تلك التي لا تزال مصرة على العمل ضمن النهج القديم الذي لا يراعي المعايير البيئية.

وأوضح ان شركة كنعان تروج منتجات فلسطين بسعر اعلى من سعر السوق، وبالتالي ارتفع دخل المزارع الفلسطيني من خلال المسؤولية البيئية والمجتمعية.
التحدي الأكبر كان العمل على تقليل انبعاث الكربون بشكل كبير، من خلال اتباع سياسات علمية، وزيادة وعي المزارعين وتحديث الأساليب المتبعة في الزراعة. الأمر مرتبط بسلوك ونشاط المزارع، فقد يكون مشعا للكربون أو ممتصا له.
اعددنا دراسة عن "المزارع المسؤول" في فلسطين الذي يزرع محاصيل متداخلة في قطعة الأرض ذاته، ويزرع تغطية "فول عدس" تحت الزيتون واللوز. الأسلوب التقليدي هذا يعطي زراعة بيئية. كل كيلو زيتون يمتص 13 كغم كربون. 

ونوهت بركات أن القطاع الخاص يهتم بلا شك بزيادة الأرباح، وقد قاومت شركات كبرى هذا التغيير ورفضها في بادئ الأمر لأي تشريعات ناظمة للعمل وفق السياسيات البيئية الحديثة. لكن القطاع الخاص وصل الى مرحلة أدرك خلالها أهمية اتباع تلك السياسات لزيادة أرباحه، بالتزامن مع تعاظم الوعي المجتمعي تجاه هذا الموضوع، فحولت "التحدي" إلى فرصة.
لكن عملية التحول ليست عملية سهلة. تحتاج إلى خطط منهجية مدروسة، وتراعي القيم البيئية، وتؤهل موظفيها بالشكل الصحيح.

وعن ذلك يقول الجمل: "لنكون مقنعين، نحن نطرح بدائل وحلول اقتصادية مدرة للدخل تحمي المصنع وتزيد من دخله. ومن هذا الباب يدخل الناشطون لإقناع القطاع الخاص بأهمية وضع وتطبيق سياسات بيئية، وما يترتب على ذلك من خلال زيادة الأرباح وتعظيم رأس المال وزيادة الإنتاج".
وقال ان ذلك يعطي العلامة التجارية دعما على المستوى العالمي.

ولفت إلى أن الصناعات الكيماوية والجلدية وقطاع الطحينة يعد ملوثا للمياه التي تنزل إلى طبقات الأرض وتصل إلى المياه الجوفية. لكن الملوث الأكبر هي الكسارات والمحاجر المنتشرة في كثير من المناطق.

ورأى أبو فرحة أن الحضل يكمن في رفع مستوى الوعي للمسؤولية البيئية لدى المستهلك، بالتزامن مع رفع مستوى قدرة أصحاب المصانع والمنتجين لتغير في طرق المعالجة والتصنيع لتكون أكثر طبيعية وغير مضرة بالبيئة.
وتابع "المطلوب من الشارع أن يكون واعيا وهو الذي يضغط علينا لنتبع سياسات مطابقة للتوجهات البيئة، إضافة لأهمية الرقابة من الجهات المختصة".

أما بركات، فقالت إن الصناعات الدوائية من أكثر القطاعات التي تخضع للرقابة من الجهات الحكومية، وخاصة زارة الصحة. لأن الأمر يستلزم استصدار شهادات كثيرة، ومنها شهادة "التصنيع الجيد" بشكل سنوي.
مثلا: المياه العادمة تخضع للمعالجة، وفق نظام علمي.
كما أن الهواء الناتج عن التصنيع في كل مراحله، يمر بفلاتر. ما يضبط الاغبرة الصيدلانية، وفوق المصنع هناك مجمعات للغبار ويتم تبديلها وصيانتها بشكل دوري.
إضافة إلى أن التعامل مع التوالف الدوائية يتم بإشراف وزارة الصحة.

وأشارت إلى أن "الصناعات الدوائية قامت بأمور طوعية لتعظيم الأثر البيئي لها، ومنها حصولها على "ايزو إدارة نظم البيئية وأيزو السلامة المهنية وسلامة العاملين"، صحيح تزداد كلفة الإنتاج ولكننا لا نعكسها على السعر.