خبراء بيئيون: تجاوز التحديات البيئية والمناخية يتطلب تعزيز المعرفة والقدرة لدى المجتمع أفرادا ومؤسسات

11/11/2021

وطن: أكد مشاركون في الحلقة الثانية من برنامج "العدالة البيئية والمناخية"، من إعداد وتقديم سامر خويرة، وينتجه "ائتلاف المؤسسات الزراعية الأهلية الفلسطينية "ضمن برنامج "العدالة البيئية والمناخية في فلسطين" بالشراكة مع "وي ايفكت" ويبث عبر شبكة وطن الاعلامية، على أهمية تمتع المجتمعات عامة، والمجتمع الفلسطيني خاصة بـ “المرونة البيئية"، الأمر الذي يساعدها على تجاوز التحديات البيئية والمناخية.

واستضافت الحلقة الثانية التي كانت بعنوان "مرونة المجتمعات وقدرتها على التكيّف" المهندس عزت زيدان مدير البرامج والمشاريع في جمعية الإغاثة الزراعية الفلسطينية، و د. ايمن الرابي المدير التنفيذي لمجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين

وتُعرف المرونة البيئية بأنها قدرة النظام البيئي على امتصاص التغيير والبقاء والعودة إلى الوضع الطبيعي، إذا كان فعلا يمتاز بقدرة على التناسل بكثرة ضمن فترة زمنية قصيرة، ويستجيب للأضرار من خلال مقاومتها والتعافي بسرعة لتعويض النقص الحاصل.

وفي كثير من الأحيان يكون للأنشطة البشرية دور كبير في تقوض قدرة النظام الإيكولوجي على التكيف والصمود، لعل من أبرز تلك الأنشطة التخريبية للنظم البيئية نجد الاستغلال المفرط والعشوائي للموارد الطبيعية والتلوث بالإضافة إلى مشكل التغير المناخي.

من هنا تبرز حاجة ملحة نحو الانتقال إلى مرحلة متقدمة من إدارة الموارد البيئية، تقوم على مبدأ احترام البشر للنظم الإيكولوجية؛ من أجل تعزيز قدرتها على التكيف الإيكولوجي المرن.

وأكد زيدان أهمية تعزيز المعرفة والقدرة لدى المجتمع المحلي ليكون لدينا مرونة وقدرة على التكيّف كأفراد ومؤسسات والمجتمع، ليكون لديهم القدرة على التعافي حال حدوث موسم جفاف أو فيضانات أو ما شابه، وعلى أهمية المشاركة الفعالة في عملية التخطيط وصنع القرار القائم على الحقوق البيئية ووضع الخطط المجتمعية للتكيف مع تغير المناخي.

وقال "المزارعون يواجهون مجموعة من التحديات البيئية مثل الأمطار غير المنتظمة وارتفاع الحرارة. لذا على المزارع أن يكون حاميا لأرضه ليكون قادرا على التعافي، ولكن الأهم أن يكون النظام بمجمله داعما وممكنا له، لأن التكيف البيئي يتطلب أن تكون البنية التحتية تحد من هذا الخطر، من خلال اتخاذ مجموعة من الاجراءات على الأرض.

وتابع "مواجهة الفيضانات مثلا، يتطلب مثلا من الوزارات ذات الصلة أن تعمل وتهيئ الظروف لمواجهة هذا الخطر البيئي، وتساعد المتضررين على التعافي السريع".

أما الرابي، فقال "نحن نقسم أنفسنا لعدة مجتمعات من حيث المرونة، هناك مجتمعات فلسطينية مرونتها أقل من مناطق أخرى بسبب الظروف المناخية المختلفة. فعلى سبيل المثال الفيضان يؤثر على منطقة معينة، حيث يتعامل معها المجتمع المحلي بطريقة تختلف عن تعامله في مناطق تعاني من الجفاف المطبق.. فكل حادثة على حدا هي التي تقرر مدى المرونة، التي تتناسب مع قدرة المجتمع وطريقة حياته وثقافته".

وأشار إلى اختلاف الثقافات في التعامل مع الظواهر البيئية والمناخية، وهذا ترك تغييرا في طريقة تعاملنا مع الأحداث واختلف تأثيرها علينا، لأن الأدوات التي نستخدمها للتعامل مع الأحداث تغيرت أيضا عبر الأجيال، ولم تعد موجودة، فاختلف التأثير.

وطرح الرابي سؤالا، هل البنية التحتية في فلسطين قادرة على امتصاص أثر تلك المشاكل البيئية والتعافي منها؟ نحن صراحة لا نمتلك الأدوات والمقومات التي تجعلنا كمجتمع فلسطيني مجتمعا مرنا، قادرا على التعامل مع أي كارثة بيئية على سبيل المثال. وهذا يندرج على قدرة الحكومة للتجاوب مع هذه المشاكل، وإن كانت هناك بعض الخطط لكنها لا ترقى للمستوى المطلوب للتعامل مع الكوارث من إعداد الميزانيات وتهيئة الكوادر المختصة.

ووافقه الرأي المهندس زيدان أننا بسبب الاحتلال محرومين من التقنيات التي تمكننا من قياس الاستشعار والتنبؤ والرصد قبل حدوث فيضان أو ما شابه، وبالتالي "المنظومة" برمتها غير مستعد للتعامل مع الكوارث. وفي حال لم يكن الاحتلال موجودا يكون معدل توليدنا للغازات الدفيئة أقل بالنصف.

وأوضح زيدان أن ظاهرة التغير المناخي عابرة للقارات وهي مرتبطة بالسلوك الانساني قبل كل شيء، وهناك سهولة في التنبؤ، لكن قبل الاعلان عن اي حالة، يتطلب القيام بسلسلة اجراءات مثل الاستعدادات وربطها بالتعويضات، وهذا غير متاح.

وقال إن الاحتلال قطع 19 ألف شجرة، أفضل رد على ذلك هو "التخضير والتشجير"، لكننا لا نستطيع ان نصل إلى تلك المواقع بسبب الاستيطان والجدار.

بدوره، قال الرابي إن هناك بناء عشوائي في المناطق الحساسة، بسبب بناء المستوطنات والجدار والمناطق العازلة والطرق الالتفافية، وهذا أدى إلى استنزاف المصادر المائية أيضا، ما جعلنا نفقد التوازن البيئي في فلسطين، لذا فغياب بعض المكونات الرئيسية للنظام الحيوي يشكل خطرا في عملية تمكين المجتمع على قدرته على مواصلة الانتاج والتعافي.

وقال "علينا تطوير أنظمتنا حتى نستطيع الاستجابة للحد من التلويث المتسبب به الاحتلال. نحن لسنا ملوثين، لكننا ضحايا لما يقوم الآخرون".

وقال إن التشاركية من خلال التخطيط والتنفيذ يجب أن يكون هو النظام السائد، لذلك من خلال هذا البرنامج سنركز على أن يكون المجتمع المستفيد هو الذي سيطور من آليات الحد من المخاطر لأنه أدرى بمشاكله، وبالتالي هو شريك في التصميم والتنفيذ.

وقال إن المطلوب هو دمج المجتمع بكل فئاته عندما نتحدث عن التلويث والتغير المناخي وتدهور البيئة وكل ما يسبب فقدان المصادر، لأننا نتحدث عمليا عن انهاء مبرمج للحياة على هذه الأرض، وكل ما يتعلق بوجود الانسان على هذه الارض بات مهددا تهديدا فعليا.

وينوه م. زيدان إلى أن "هناك ضعف في توفر البدائل والامكانيات، والتأخر في اتخاذ القرار. لذلك فدور المجتمع يبرز هنا. لا نتحدث عن شيء صوري، بل شيء ممنهج ضمن الاستراتيجيات والسياسات والقوانين الوطنية، بأن هناك أدوار مختلف لكافة فئات المجتمع، ويجب أن يكون هناك قوانين رادعة وآليات لتطبيقها. وكل من يتعدى ويتجاوز سيكون القانون هو الفيصل".

ويشير إلى أن المؤسسات القاعدية المستهدفة في المواقع ستلعب دورا كبيرا في تطبيق وتنفيذ البرنامج، ولن نبخل عليهم بالعلم والمعرفة والدعم. هذه المواقع هي التي حددت المخاطر التي تواجهها، وآلية مواجهتها.

وعن المطلوب على المستوى الوطني استراتيجيا، قال الرابي إن المطلوب هو القدرة على تطبيق الاستراتيجيات التي تحاكي الواقع حتى لا تبقى حبرا على ورق. وهذا منوط بسلطة جودة البيئة وسلطة المياه ووزارة الزراعة.

وضرب مثالا على ذلك بالمياه المخصصة للزراعة التي تتناقص، هناك بدائل يجب اللجوء اليها حتى لا نواجه مستقبلا صعبا على القطاع الزراعي ومقومات الحياة المرتبطة به، والفئات المهمشة والريفية. مثل الاستفادة من مياه الأمطار في ظل التعقيدات القائمة من الاحتلال، واعادة معالجة المياه العادمة
من الجدير ذكره أن عددا من المؤسسات الفاعلة تقوم على برنامج العدالة البيئية والمناخية، وهي: الإغاثة الزراعية، اتحاد لجان العمل الزراعي، مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، مركز أبحاث الأراضي، مركز العمل التنموي ومعهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج).