سفير بولندا يحذر من الانجرار وراء وعود الهجرة الى اوروبا عبر بولندا ويؤكد متانة العلاقات بين فلسطين وبلاده

14/10/2021

رام الله - وطن للأنباء:  أكد سفير جمهورية بولندا في فلسطين على العلاقات القوية والتاريخية بين فلسطين وبولندا، موضحا أن العلاقات بين الجانبين لم تكن أفضل في هذه المرحلة من أي وقت مضى، مشيرا الى ان هناك المزيد من الجهود التي تبذل لتعزيز العلاقات الثنائية على أكثر من صعيد.

وجاء تصريح سفير جمهورية بولندا في فلسطين بشمسواف شيش خلال زيارته لشبكة فلسطين الاخبارية PNN حيث كان في استقباله الزملاء منجد جادو مدير عام الشبكة ومسؤولة قسم الاخبار باللغة العربية آلاء حمد والذين وضعوا السفير البولندي في صورة عمل الشبكة وخدماتها الاعلامية الى جانب المعوقات التي تواجه الاعلام الفلسطيني المستقل سواء على صعيد ممارسات الاحتلال أو الإنقسام الداخلي أو آثار جائحة “كورونا” على الإعلام الفلسطيني.

وتناول اللقاء مع السفير البولندي العديد من العلاقات التي تهم البلدين والشعبين وعلى رأسها العلاقات الثنائية والدعم السياسي والاقتصادي البولندي لفلسطين في مختلف المجالات الى جانب واقع الجالية الفلسطينية في بولندا، وملف محاولات بعض عصابات المافيا إغراء العرب والفلسطينيين بالهجرة الى اوروبا و استغلالهم ماليا ومن ثم القائهم على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا.

علاقات وإعادة بناء على العلاقات التاريخية 

وحول العلاقات الفلسطينية البولندية، قال السفير بشمسواف شيش “لم تكن أفضل حالا من أي وقت مضى مما هي عليه اليوم”، مشيرا الى أن بولندا اعترفت رسمياً بإعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988 في اطار مجموعة الدول التي تعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية وتدعمها.

وأضاف أن لكلا البلدين تقاليد عريقة من التعاون والاتصالات الوثيقة والتاريخية حيث تم افتتاح أول سفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية في وارسو في الثمانينيات في ذلك الوقت، كما درس العديد من الفلسطينيين أيضًا في بولندا،  موضحا أن البعثة البولندية في رام الله أصغر سنا، لكنها على أي حال تعمل منذ أكثر من 15 عاما.

وحول العلاقات الثنائية بين البلدين قال السفير البولندي لدى فلسطين إن علاقاتنا الثنائية الحالية واعدة للغاية، مشيرا الى زيارة  وزير الزراعة الفلسطيني للتو معرض POLAGRA للأغذية في مدينة بوزنان البولندية وهو أكبر حدث تجاري من هذا النوع في منطقتنا في أوروبا وعلى الرغم من معوقات الوباء، فقد رافقه مجموعة من المصدرين الفلسطينيين.

وعبر السفير البولندي عن أمله أن تتمكن بلاده في غضون بضعة أشهر من شراء زيت الزيتون الفلسطيني في وارسو،  مشددا على “أن ما يوحد بلادنا لدى الفلسطينيين ثقافة زراعية مشابهة للثقافة البولندية اعتمادا على رؤية مشتركة تقوم على أساس اننا لا نستخدم الأرض فقط لكننا ننمو خارجها ولذلك فهي تقرب شعبينا أكثر فأكثر”.


كما أضاف السفير البولندي انه وفي إطار هذه العلاقات وكجزء من برنامج التوأمة للاتحاد الأوروبي، تدعم بولندا تعزيز الرقابة الفلسطينية وإدارة التدقيق حيث تحاول بلاده دعم تلك الأنشطة التي تساهم بشكل مباشر في بناء الدولة الفلسطينية، كما أشار الى أن هناك تفكير الآن بجدية في تعاون مماثل في إطار خدمات الجمارك والدفاع المدني.

أزمة الحدود ونشاط بعض مافيا الهجرة

وفي اللقاء حذر السفير البولندي الشعب الفلسطيني عموما وفي المخيمات الفلسطينية بالدول العربية على وجه الخصوص الى جانب تحذير شعوب الدول العربية من إنتشار ظاهرة مافيا الهجرة الى اوروبا عبر دول الاتحاد السوفياتي سابقا، حيث تقوم هذه المافيات بأخذ أموال طائلة من المواطنين العرب في العراق وسوريا وتعدهم بحياة رفاهية في أوروبا وفي نهاية المطاف يجدون أنفسهم على حدود بولندا في مخيمات اللاجئين.


وأضاف:” حتى الآن، لا تهم هذه المشكلة الفلسطينيين، لكنها بالتأكيد تستحق تحذير الناس، خاصة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والعراق الى جانب الفلسطينيين في قطاع غزة، من الوقوع في وعود النقل السهل إلى الاتحاد الأوروبي مقابل المال من خلال “المسار البيلاروسي” “، مؤكدا أن هذا الطريق لا يسير في أي مكان.

وفي تفاصيل هذا الموضوع قال السفير البولندي “إن بولندا لاحظت خلال الأسابيع الأخيرة تزايد المحاولات لعبور الحدود البولندية البيلاروسية بشكل غير قانوني، حيث تم إجراء محاولات مماثلة على الحدود بين ليتوانيا وبيلاروسيا وفجأة، ظهر الكثير من الناس، وخاصة من العراق، ولكن ليس حصريًا على أراضي النظام البيلاروسي. وهذا غريب للغاية، لأنه على عكس أزمة السنوات السابقة، لا يمكنك الانتقال من الشرق الأوسط إلى بيلاروسيا سيرًا على الأقدام و اتضح أن هؤلاء اليائسين ينقلون بشكل رئيسي من العراق مقابل المال مؤكدا أن هذا عمل منظم على غرار المافيا يحاول النظام البيلاروسي استغلاله سياسيًا”.

وأوضح أن تكلفة هذه الخدمة التي يخدع فيها المهاجرون تبلغ حوالي 15000 دولار أمريكي لكل شخص، ثم يتم نقلهم إلى حدود الاتحاد الأوروبي ويعلق العديد منهم لأن حرس الحدود البولنديون لن يسمحوا لهم بالدخول ولن يسمح لهم الجنود البيلاروسيين بالتراجع وبالتالي يبقون في المخيمات التي تم إنشاؤها بظروف معيشية قاسية.

وقال السفير البولندي إن بلاده تعتبر هذا الوضع بمثابة جهد أوسع من قبل الحكومة البيلاروسية لخلق أزمة هجرة لعموم أوروبا كوسيلة لممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي ومن المحزن أن نقول إن النظام البيلاروسي، الذي ينتهك بشكل متكرر حقوق الإنسان ويحتجز الأبرياء في السجون، يستخدم المهاجرين ببساطة كأدوات وربما مصدر ربح.

وأكد بولندا والاتحاد الأوروبي عازمان على إبقاء تدفقات الهجرة تحت السيطرة وحماية حدود الاتحاد الأوروبي وهذا هو السبب في أننا بذلنا عددًا من الجهود الدبلوماسية والتواصلية للإشارة إلى الحكومات والمجتمعات أنه يمكن أن يقعوا ضحية لسياسات بعض الدول.

وقال لحسن الحظ  لا يقتصر رد فعل الاتحاد الأوروبي على هذه الأحداث فحسب، بل نشعر بالامتنان الشديد للسلطات العراقية لتعليقها جميع الرحلات الجوية إلى مينسك، مشيرا الى أن العمل الجماعي يحقق نتائج أفضل.

مشاريع وأنشطة لدعم الفلسطينيين في عدة مدن فلسطينية

وأكد السفير بشمسواف شيش على أن  المساعدات البولندية ظاهرة في فلسطين من الخليل إلى نابلس حيث أطلقت السفارة هذا العام خطة مساعدات لمدة عامين لزيادة جودة وكفاءة الخدمات الطبية والوصول إليها بين سكان الضفة الغربية الذين، بسبب مكان إقامتهم (ما يسمى “المنطقة ج”)، الوصول المحدود إلى الخدمات الصحية الأساسية.

وأشار الى أن “المشغل الرئيسي للمساعدات البولندية لفلسطين هي المؤسسة البولندية للمساعدة الدولية التي لديها خطة طموحة لتحديث 30 نقطة قبول للمرضى وإطلاق عيادة متنقلة في محافظة جنين. بالإضافة إلى ذلك سنفتتح هذا العام روضة أطفال في البلدة القديمة في الخليل وفي غزة، حيث نساعد في إعادة بناء مدرسة ابتدائية بعد القصف الأخير ودعم الصيادين الفلسطينيين حيث نسعى لتقديم مولدات للقوارب من اجل تجديد قوارب الصيادين”.

“ولكن على نفس القدر من الأهمية هناك دعم بولندا السياسي لفلسطين كونها تنتمي إلى البلدان الصديقة لفلسطين ونعتقد أن للشعب الفلسطيني الحق في العيش في بلده لأننا في بولندا، نعلم جيدًا ما يعنيه العيش تحت الاحتلال”.


وقال “إن الشيئ المشترك بيننا في هذا الإطار أن بولندا اختفت من خريطة أوروبا لمدة 123 عامًا، لكن مع ذلك نجت الأمة ولم تتوقف أبدًا عن النضال من أجل حقوقها ومستقبلها”، مضيفا “عندما أخبر الطلاب الفلسطينيين بتاريخ بولندا وانتفاضاتنا العديدة أثناء الاحتلال، أرى أنني لست بحاجة إلى شرح أي شيء بعمق”. كما وصفت أوروبا ذات مرة البولنديين بالمتمردين الأبديين والإرهابيين. نحن نعلم أيضًا معنى العيش في الشتات. لدينا مثل: “تأكد من أنك لن تكسر رأسك عبر الجدار، لكن استمر في المحاولة”، لدى كل من بلدينا الكثير من الأشياء المشتركة بالفعل.

منح دراسية ودعم لتعليم الفلسطينيين

وحول برامج المنح الدراسية قال السفير البولندي في فلسطين “ان بلاده تقدم العديد من الفرص للدراسة ويجب أن أقول إنه بصرف النظر عن الطقس، تعد بولندا اختيارًا ممتازًا للدراسات الجامعية”.

وأوضح أن من أهم هذه البرامج هو برنامج Ignacy Lukasiewicz للمنح الدراسية وهو مبادرة مشتركة بين وزارة الشؤون الخارجية والوكالة الوطنية البولندية للتبادل الأكاديمي حيث يقدم دراسات الدورة الثانية بدون رسوم دراسية (دراسات درجة الماجستير) في الجامعات العامة في بولندا، مسبوقة بدورة تحضيرية في مجالات الدراسة المختلفة وأهمها العلوم الهندسية والتقنية، العلوم الزراعية، العلوم والعلوم الطبيعية.

وعبر عن سعادته شخصياً لأن مجموعة من الطلاب الفلسطينيين بدأت للتو دراستهم في بولندا وآمل أن يكون هناك المزيد منهم في  العام المقبل من خلال هذا البرنامج، مشددا على أن الفلسطينيين وفلسطين يحظون بأولوية عالية في هذا البرنامج، مشيرا الى راعي البرنامج هو Ignacy Łukasiewicz، وهو مخترع بولندي بارز ورائد في صناعة النفط ومن اخترع مصباح الكيروسين في القرن التاسع عشر.

كما أكد على أن هناك العديد من برامج المنح الدراسية الأخرى. في الوقت الحاضر، جميع المعلومات موجودة على الإنترنت ويمكن لمن يرغبون الدراسة في بولندا أيضًا العثور عليها على الموقع الرسمي للموقع البعثة البولندية في فلسطين.

 

الجالية الفلسطينية هي الأكثر احتراما في بولندا 

وأضاف “أن ما يقوي علاقات بلدينا هي العلاقات بين الناس أي بين الشعبين مباشرة حيث يعيش العديد من الفلسطينيين في بولندا منذ سنوات وأصبحوا أعضاء محترمين للغاية في المجتمع البولندي حيث درس العديد من الفلسطينيين في بولندا في السبعينيات والثمانينيات بناءً على طلب منظمة التحرير الفلسطينية، أنشأت بولندا برنامجًا دراسيًا للطلاب الفلسطينيين الذين لم تتح لهم هذه الفرصة في فلسطين كان الفلسطينيون هم الطليعة والسفراء غير الرسميين للعالم العربي في بولندا”.

واشار “الى ان الطلاب تعرفوا على الفتيات البولنديات و كان هناك العديد من الزيجات المختلطة، بقي بعضهم في بولندا، لكن جزء كبير منهم انتقل إلى فلسطين، لذلك حتى قبل 15 و20 عامًا كان لدينا عدد كبير جدًا من البولنديين في الضفة الغربية وغزة، وفي العديد من المنازل كان يتم سماع اللغة البولندية. الآن نحن نشهد الاتجاه المعاكس”.

وأوضح “انه وبسبب الوضع السياسي والاقتصادي، يعود الأزواج البولنديين الفلسطينيين إلى بولندا، وخاصة من غزة. نحن نرحب بهم بحرارة بالطبع، لكن من الواضح أنه ليس من السهل مغادرة المنزل بعد 30 عامًا وبناء حياة جديدة من جديد”.