الباحث معز كراجة لـوطن: الإعلام العمومي الفلسطيني تابع ومتبني بشكل كامل للرواية الرسمية على حساب الروايات الأخرى

13/09/2021

وطن للأنباء: أكد د. معز كراجة الباحث والمدرب في قضايا الإعلام والمحاضر في جامعة بيرزيت، أن الورقة التي أعدها حول الإعلام العمومي والتي جاءت تحت عنوان "ادارة الاعلام العمومي ونزاهة الحكم "وعرضت في الجلسة الثانية للمؤتمر السنوي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" 2021، أظهرت تماهيا كبيرا بين الإعلام العمومي والنظام السياسي بمؤسساته المختلفة، وتماهيا مع الحزب الحاكم في هذا النظام السياسي، وكأن دوره الأساسي الدفاع عن النظام السياسي ومؤسساته المختلفة والحزب الحاكم وقياداته.

وقال كراجة إنه من الناحية النظرية الإعلام العمومي ليس هو الإعلام الحزبي، لكن في سياقنا الفلسطيني وفق مؤشرات التقرير ما هو نظري (الإعلام العمومي يجب أن يعبر عن كل مكونات وفئات المجتمع وآرائهم ووجهات نظرهم) غير موجود في الواقع الفلسطيني، وللأسف الإعلام العمومي تابع للنظام السياسي ومؤسساته وشخوصه.

وأضاف خلال برنامج "شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه الزميلة ريم العمري عبر شبكة وطن الإعلامية: الإعلام العمومي هو متماهي ومدافع وتابع ومتبني بشكل كامل للرواية الرسمية على حساب كل الروايات الأخرى.

وأوضح أنه "تمت مراجعة المواقع الالكترونية للإعلام الرسمي خلال القضايا التي أثارت الرأي العام المحلي خلال الأشهر الماضية، وكان هناك إهمال تام للأحداث التي تقع في الشارع وعدم تناولها حتى في سياق أخبار، حيث لم تتناول أخبار تتعلق بمظاهرات تندد بمقتل بنات، وبدلا من ذلك كان الإعلام العمومي يركز على التصريحات والمواقف الرسمي للأشخاص في النظام السياسي في رد فعلهم على الحدث".

وقال: حتى تقارير المؤسسات الحقوقية فيما يتعلق بالحدث لم يتم الأخذ بها من قبل الإعلام العمومي، وهذا نوع من الإهمال التام للأحداث، وحتى شهادات الصحفيين الذين تعرضوا للانتهاكات لم يأخذها الإعلام العمومي.

واعتبر كراجة أن إعطاء الإعلام العمومي الفرصة لاتهام أناس كمتظاهرين اتهامات معينة دون اعطائهم المساحة للرد على تلك الاتهامات، يصبح تحريضا عليهم.

وحول مخاطر تحوّل الإعلام العمومي إلى إعلام خاص بالنظام السياسي الحاكم، بيّن كراجة أن النظام السياسي سيكون مطمئنا بأنه لا يوجد سلطة رابعة في الرقابة عليه، وبالتالي سيتوغل اكثر في حرياتهم وأمنهم، بالتالي غياب إعلام حر لا يمارس دوره في تعزيز مبادئ الحرية يدفع النظام السياسي نحو الاستبداد، والتخلي عن وسائل الاحتكام والحكم الديمقراطي.

وحول الخلط بين الإعلام العمومي والحزبي، أوضح كراجة أن هذا الخلط موجود أيضا في سياق عربي وليس فلسطيني فقط، وكأن إعلام الدولة، إعلام الحزب الحاكم، حيث تفتتح النشرات الإخبارية بأخبار عن الرئيس، مما أدى إلى الخلط بين الإعلام الرسمي والحزبي .

وأشار إلى أن الإعلام العمومي هو لعموم المجتمع ولكافة أطياف المجتمع، وبالتالي مطالب وملزم قانونيا وأخلاقيا بالتعبير عن كل مكونات المجتمع وكل وجهات النظر، وعن النظام السياسي والأحزاب السياسية المعارضة، لأنه ممول من ضرائب المواطنين على عكس الإعلام الحزبي الممول من حزب معين.

ولفت إلى أن دور الإعلام العمومي ليس فقط التعبير عن كل مكونات المجتمع، وليس مهمته فقط نقل الأخبار وتقديم المعلومات، وإنما له أدوار أبعد من ذلك في المساهمة بنقل كل ما هو مشترك في المجتمع كتعزيز الهوية الجمعية والقيم المشتركة وغيرها.

وحول التقرير الذي أعده حول الإعلام العمومي وعُرض في مؤتمر "أمان" السنوي، قال كراجة إنه بحث دور الإعلام العمومي ومدى قيامه بدوره في تعزيز آليات الحكم الديمقراطية وفق مبادئ النزاهة بشكل أساسي.

وأضاف: طرحنا في التقرير قضيتين أولهما البيئة القانونية التي تدار من خلالها مؤسسات الإعلام العمومي، وهل تضمن الاستقلالية عن الحزب الحاكم والجهة الحاكمة. ثانيا، قمنا بتحليل المضمون لبعض الأخبار والمواد المنشورة في الإعلام الحكومي، وقمنا بالتركيز على قضايا أثارت الرأي العام المحلي مؤخرا مثل قضية اللقاحات ومقتل نزار بنات، وهذه القضايا تمس حقوق وأمن الناس وحرياتهم، وهنا يأتي اختبار الإعلام العمومي إن كان سيعبر عن كل وجهات النظر في كل هذه القضايا وهل سينحاز للموضوعية في تناولها أم لا؟

وحول صدور مرسوم يمنح الرئيس تعيين رئيس وأعضاء مجلس أمناء هيئة الإذاعة والتلفزيون بناء على تنسيب من المشرف العام للهيئة دون الإشارة لمجلس الوزراء الذي تمنحه المادة 69 من القانون الأساسي هذه الصلاحية، قال كراجة إن هذه المراسيم بدأ صدورها بشكل أساسي في عام 2010، وقبل ذلك كانت المؤسسات الإعلامية الرسمية تعاني من نوع من الفوضى في إدارتها والمسؤولية عنها، لكن الإشكالية في هذا المرسوم هو مخالفته الواضحة لمواد في القانون الأساسي والتي تفتح الباب في إعطاء صلاحيات ضمنية لمؤسسة الرئاسة في كيفية إدارة هذه المؤسسات وفي توظيف المناصب العليا فيها بالتالي يخلق تبيعة ضمنية لمؤسسة الرئاسة.

وأضاف: هذا لم يختلف كثيرا عما قبل الانقسام، لكن بعد الانقسام زادت حدة الاستقطاب بين فتح وحماس مما خلق نوع من الرغبة ونزعة السيطرة اكثر في الإعلام عند كل طرف وفتح المجال لدى كل طرف لخطاب كراهية.

وطالب كراجة بتشكل مجلس استشاري يجمع شخصيات من مختلف مكونات المجتمع لوضع البوصلة الموضوعية لكل توجهات الاعلام العمومي.

ودعا كل قوى المجتمع الأهلية والرسمية للحظة مراجعة وتأمل نقدية لكل ما يحصل في الإعلام العمومي والإعلامي المحلي أيضا. كما دعا لإخراج الإعلام العمومي من هذا المأزق، لأنه إذا بقي على هذه الحالة سيفشل في الخروج من مأزق ومواجهة قضايانا التحررية.

وأوصى بضرورة إزالة التعارض ما بين القانون الأساسي والمراسيم وضمان الاستقلالية الإدارية والمالية حتى يستطيع القيام بدوره الموضوعي.