الإرادة القوية وصنع المستحيل

08/09/2021

 كتب فادي البرغوثي : قيل ان الثورة تكمن في كونها ذات الإمكانيات القليلة تجابه بها الشعوب حجم الإمكانيات الكبيرة وتنتصر عليها، بتعبير أدق؛ هي حرب الإمكانيات الضعيفة ضد الإمكانيات القوية.

هذا يتطلب قبل كل شيء ايمان راسخ بحتمية الإنتصار وقناعة صارمة بذلك، بالاضافة الى إرادة ذات عزيمة قوية لتصنع المستحيل.

واذا نظرنا عمليًا للإنتصارات التي تحققت بفعل هذه الارادات نلاحظ ان أسبابها كثيرة وليس بها ما هو مستبعد وقصة تحرير  ٦ اسرى لأنفسهم هي واحدة من تلك الإنتصارات المحققة التي ستكون في ذاكرة الشعوب المقهورة التي إنتصرت على عدوها، وكما يقال فان الانتصار على الاعداء لا يتحقق بالضربة القاضية إنما بفعل تراكمي تتعلم فيها الضحية كيف تتغلب على جلادها بالضربات المتتالية.
وتحرير المعتقلين هي ضربة نتوقع بعدها ان تحصل امور أُخرى مشابهة لها من هذا القبيل قد لا تكون تحرير اسرى إنما شيء لا نتوقعة وهي ما يمكن أن نصفه بضربات غير متوقعة ستنُهك العدو وتربكه كثيرًا.

كما ان الأمر قد يبدوا غريبًا وهو فعلًا كذلك حينما تنظر الى هذه الدقة المتناسقة  بطبيعة العمل المتقن بنسبة ترليون بالميه، ببساطة  لأن اي خطىء لا يحتمل في هكذا عملية ، لذا فإن الإبداع الحاصل يُنم عن جهد عظيم نرفع له جميعنا القبعات وهو ما قد يُعطي الشعب املآ أخر في انه صمن هذه الإمكانيات القليلة التي جعلت ست اسرى بالقدرة على تحرير انفسهم والإفلات من كل آلية الامن الصهيونية التي لطالما تغنوا بها عبر الزمن  وستكون درسًا لنا ومثال حي حصل امامنا بأن هزيمة الاحتلال ليست مستحيلة بل المستحيل هو الخضوع والاستكانة له والبقاء على ما نحن به، فهذه العملية سيكون لها ما بعدها في سلسلة المقاومة ومدها بالأمل الذي دونه يبُطل العمل كما يقال.

وكما إن هؤلاء الأسرى قدموا لنا درسًا ، ايضا وهو ما قد انكره حتى الذين من نظروا للثورات بأن النصر يُصنع من إمكانيات معينه كالتضاريس الجغرافية مثلًا ، كما وصف ماوستنغ الثورة الفلسطينية بالمستحيل مبررا ذلك بأن التضاربس ليست بيئة مناسبة يستطيع فيها الثوار من خلق  حالة التفاف على قوة العدو منطلقين  من ما هو موجود،  وهذا  ليس دقيقًا فالثورة ابتكار أيضًا، نعم ابتكار لأمور لا يدركها العدو ليصُدق المثل القائل ان الحاجة أم الاختراع ، فحاجة شعبنا الى الحرية دفعته للابتكار  واختراع الاساليب الجديدة فمثلا من ينظر الى ما فعلوه هؤلاء الأسرى يعرف عظمة اختراعهم الكبير والكبير جدأ جدأ فكيف حفروا دون أن يعرف أحد ذلك؟ أو كيف أخفوا التربة وهي كميات كبيرة؟ كيف اختاروا الوقت ؟.... الخ .

لذا فإن اختراعهم سيدفع الكثير من أبناء شعبنا من الابتكار الذي يتولد من الحاجة للحرية والتحرر متخذين الاسرى قدوة واسوة حسنه لهم كما اننا هنا بهذا الإنجاز  المهم والتاريخي ولا ننكر على شعبنا الانجازات الكبيرة التي كان أخرها معركة القدس ، اما الرسالة القوية والمدوية كانت للاحتلال بأن كل القوة والإجراءات التي يملكها لا تستطيع ان تكبح عزيمة شعب يريد ان يتحرر واذا انت تريد سلام حقيقي فعليك ان تقر بحقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف ، فإما الحقوق كاملة وإما بلا،  أما اذا أردت الحرب فانتظر الابتكارات الجديدة من شعب تواق للحرية والتحرير والاستقلال.