روح التحرير- بقلم: عوديد غرانوت/ معاريف

11/09/2011

        من الصعب جدا الاستخفاف بخطورة اقتحام مبنى السفارة الاسرائيلية في القاهرة يوم الجمعة. من السهل جدا الوقوع في لجة التفكير الاسود حول مستقبل العلاقات الاسرائيلية – المصرية ومستقبل السلام بين الدولتين. ولكن من المهم جدا ايضا أن نفهم بان ما حصل في نهاية الاسبوع حول مبنى سفارتنا في حي الجيزة كان فقط جزءا صغيرا من الانفجار المتجدد للبركان في ميدان التحرير في المواضيع الداخلية، التي ليس بينها وبين العلاقات الاسرائيلية – المصرية شيء.

        كما يجدر بنا أن نتذكر بان مطلب طرد السفير الاسرائيلي من القاهرة، والذي سبق الهجوم على السفارة، كان فقط واحدا من قائمة طويلة من المطالب، تقدم بها يوم الجمعة متظاهرو الميدان الى المجلس العسكري الاعلى الذي يدير مصر: فقد طرحوا هناك شكاوى شديدة ضد رئيس المجلس، المشير طنطاوي الذي "يحمي مبارك" ويتردد في نقل الحكم الى اياد مدنية، وفضلا عن السفارة الاسرائيلية فانهم اقتحموا أيضا وزارة الداخلية ومحطة شرطة وأحرقوا سيارتين لقوات الامن.

        ما حصل في القاهرة في نهاية الاسبوع كان جزءا من الغضب الذي انفجر من جديد في ميدان التحرير، على ما اعتبر في نظر المتظاهرين بأنه "سرقة الجيش للثورة"، ووجه أيضا الى مبنى السفارة الاسرائيلية.

        في نظرة اسرائيلية، لا ريب أن الحكم المصري المؤقت، الذي يجد صعوبة في الاستجابة للمطالب المختلفة التي يتقدم بها المتظاهرون لدفع أهداف الثورة الى الامام، أثبت عجزا في الدفاع عن مبنى السفارة، بالضبط مثلما لم يمنع العملية ضد الاسرائيليين في شمالي سيناء. ولكن يجدر بالذكر أن الكوماندو المصرية هي التي انقذت في نهاية المطاف الحراس الاسرائيليين من الخطر على حياتهم. فضلا عن ذلك: فان مصدرا مصريا رفيعا للغاية هو الذي ناشد اسرائيل، في ظل الاحداث الدراماتيكية، ان تبقي "بكل ثمن" مندوب دبلوماسي في القاهرة "كي لا تخدم اهداف المتظاهرين".

        ليس المجلس العسكري الاعلى في مصر وحده يفهم بان وجود معاهدة السلام مع اسرائيل، والمساعدات الامريكية المرافقة له حيوية لانقاذ الاقتصاد المصري من السقوط في الهاوية. بل ان محافل ليبرالية وعلمانية في مصر تحفظت أمس من التسلل الى السفارة. وحتى الاخوان المسلمون، الذين لم يشاركوا في احداث السفارة، يفهمون بانه محظور شد الحبل اكثر مما ينبغي.

        ولكن الحرب على صورة مصر بعد الثورة لم تحسم بعد وأحد لا يعرف كم من الوقت ستستغرق وكيف ستنتهي. هذا الفهم في أن الحديث يدور هنا عن صراع أوسع، يلزم اسرائيل بتفعيل الكثير من الحكمة، برود الاعصاب وضبط النفس في سلوكها تجاه الحكم الحالي، على أمل أن الا ينتهي هذا الصراع بانتصار المحافل الاسلامية المتطرفة.

        ومثلما في كل قصة دراماتيكية، تنتهي بمعجزة، كان لهذه القصة ثلاثة ابطال على الاقل: يونتان، ضابط الامن في السفارة، الذي بدلا من أن يمتشق مسدسا ويطلق النار على المشاغبين نجح في أن يصدهم لدقائق غالية الثمن من خلال عبوة اطفاء النار؛ قائد كوماندو مصري صرخ للحراس الاسرائيليين المحتجزين في الطابق الـ 18 "تعالوا اليّ، أنا أسيطر على الوضع، لن أسمح لاحد بان يمس بكم"؛ ورئيس امريكي واحد وضع جانبا الشقاق حول المستوطنات، تجند للمساعدة، بل واقترح فتح بوابات السفارة الامريكية في القاهرة كمدينة لجوء لعائلات الدبلوماسيين الاسرائيليين عند الحاجة