على طاولة "رأي عام " ... حقوق الانسان وواقع الحريات العامة في فلسطين

29/06/2021

الهيئة المستقلة لـوطن: على النيابة أن تحقق في قضية "المدنيين" الذين اعتدوا على المتظاهرين

وزارة الداخلية لـوطن: أفراد الأمن تعرضوا إلى عنف لفظي من بعض المتظاهرين

الناشطة النسوية "أمل خريشة" لـوطن: الرئيس يتحمل مسؤولية ما يحدث، ويجب تشكيل لجنة وطنية مستقلة تعيد النظر بعقيدة ودور الأجهزة الأمنية بما يخدم أمن الناس دون التعدي عليهم

وطن للأنباء: سلطت الحلقة الجديدة من برنامج "رأي عام" الذي تنتجه شبكة وطن الإعلامية ضمن مشروع " قريب" للوكالة الفرنسية للتعاون الإعلامي الممول من الوكالة الفرنسية للتنمية، ويقدمه الإعلامي فارس المالكي" على واقع الحريات العامة في فلسطين ومدى احترام الجهات الرسمية لها.

وقال  اسلام التميمي مدير دائرة المناصرة و التوعية  الجماهيرية في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان  إن الشعب الفلسطيني بكل فئاته ومكوناته يعيش مشهدا مؤلما ومصاباً بالذهول سواء مؤيدين لنزار بنات أو مختلفين معه ، لان حادثة مقتل الناشط بنات تخطت فيه الأجهزة الأمنية كافة الخطوط الحمراء ، ومنذ اللحظة الأولى قامت الهيئة المستقلة بالتواصل مع عائلته وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة وانتداب طبيب مستقل للإشراف على عملية تشريح جثمان نزار الذي توصل إلى وجود أكثر من 30 إصابة في جسده وأن حادثة الوفاة هي لأسباب غير طبيعية بمعنى أنه قتل بفعل العنف خلال عملية اعتقاله.

وأضاف التميمي أنه لا يمكن عزل ما حدث لنزار في النهاية عما عاشه نزار قبل مقتله من مسلسل الملاحقات والتوقيف والتهديدات ومذكرة احضار ومداهمة وإطلاق نار على منزله وترويع اطفاله، حيث طالب نزار في حينها الجهات المختصة بتوفير الحماية وبالتحقيق الجاد بملابسات ترويع أطفاله.

وأوضح التميمي أن الاشكالية فيما تبع حادثة مقتل بنات فبدل من قيام السلطة والحكومة باحتواء الموقف كالاعتذار وتوقيف الافراد المتورطين وامتصاص غضب الشارع، بل اكتفوا بتشكيل لجنة على الرغم من أهميتها إلا أن المطلوب أكثر من ذلك.

وأشار التميمي إلى مدونة تنظيم العلاقة ما بين قوى الأمن والصحفيين التي أنشئت على ضوء العديد من الأحداث أهمها أحداث مجمع المحاكم، بناء على توصية من لجنة التحقيق التي تشكلت آنذاك، لكن تكرار الاعتداءات على الصحفيين تطرح تساؤلاً حول جدية لجان التحقيق فالشارع الفلسطيني لا يثق بمدى تطبيق توصيات لجان التحقيق.

وشدد التميمي على أن الحريات الصحفية محمية بموجب القانون والحماية للصحفيين يجب أن تكون مضاعفة لأن دورهم كشف الحقيقة وتغطية الأحداث هم ليسوا طرفا في هذه المظاهرات ويجب ألا  يكونوا عرضة للاستهداف، أما وفي ظل الحديث عن خطاب الكراهية يجب أن نعرف كيف يمكن للفظ عنيف أن ُيقابل بقنبلة غاز تصيب وجه صحفية. مضيفاً "نحن نرفض خطاب الكراهية على اساس الجنس والدين والهوية وغيرها ويدنا بيد وزارة الداخلية للتصدي لخطاب الكراهية، لكن نحن نضع تساؤلاً برسم الاجابة من يقوم باطلاق (المدنيين) للاعتداء على المتظاهرين؟"

وشدد التميمي أن على النيابة أن تحقق في وجود مدنيين يعتدون على المظاهرات. كما شدد على أن القانون هو الذي يحدد ما يسمى بالحيز المكاني للمسيرة السلمية والحدود الفاصلة وليس آمر القوة على ارض الواقع وأنه في زمن الرئيس ياسر عرفات وصل المتظاهرون إلى المقاطعة، فالأصل كان احتواء الموقف منعاً من الانزلاق نحو مربع النظام البوليسي أو الفلتان الأمني.

من جانب آخر قالت هيثم عرار رئيس وحدة الديموقراطية وحقوق الانسان في وزارة الداخلية أن الحكومة منذ اللحظة من الاعلان عن "وفاة" بنات اتخذت مجموعة من الاجراءات أهمها تشكيل لجنة التحقيق بطريقة شفافة لإيصال الحقيقة وسيتم الاعلان عن نتائج اللجنة، الثلاثاء.

وأضافت عرار أن دور الشرطة وأفراد من الأمن الوطني في مسيرة يوم الخميس الماضي كان تنظيم وحماية المسيرات السلمية للتعبير عن هذا الغضب لضرورة أن إعطاء مساحة للحرية ، وكون المسيرة في مكان عام فيجب تنظيم حماية المتظاهرين والمواطنين الآخرين، لكن المتظاهرين حاولوا الوصول إلى المقاطعة ولدى الأجهزة الأمنية تعليمات حول المناطق الممنوع التظاهر فيها ولا يجب عليهم تعدي المكان الذي كانوا قربه، وهو حوالي 500 متر قرب المقاطعة الأمر الذي دفع الأجهزة الامنية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى المقاطعة.

وأضافت "نحن دربنا الاجهزة الامنية في التدرج في استخدام القوة في حال كان عنف مضاد من المتظاهرين وقد كان في عنف لفظي وهجوم على  افراد الامن واحتكاك بين بعض المتظاهرين وأفراد الأمن، كما أن الأجهزة الأمنية  تلقت التدريب لكيفية فصل "العناصر" العنيفة عن المسيرة السلمية".

ورفضت عرار استخدام لفظ "قمع" المتظاهرين. مشيرة أن  بعض الاشخاص تجاوزوا سلمية المسيرة وبالتالي كان دور الاجهزة الامنية فصل "العناصر" العنيفة عن المسيرة السلمية لتستكمل عملها، وفق قولها.

وبالعودة لقضية نزار بنات، أشارت عرار إلى صدور مذكرة اعتقال بحقه ومثل أمام النيابة، وأن المسألة هي صدام ما بين حرية الرأي مقابل خطاب الكراهية الذي يتحول لتحريض فيما بعد.

ودعت عرار إلى ضرورة التركيز على قضية نزار بنات من أجل العدالة وعدم استغلال الحادثة لأغراض أخرى، مشيرة إلى أن الرئيس دعا عائلة بنات لزيارته.
فيما علقت عرار حول وجود عناصر من الأجهزة الامنية في المسيرات بزي مدني، قائلة: "أنهم إن كانوا متواجدين خارج عن إطار وظيفتهم فهم مواطنون يعبرون عن وجهة نظرهم، بالتأكيد على الحد الفاصل هو استخدام العنف من عدمه".

أما فيما يتعلق بالاعتداءات التي طالت الصحفيين بالمظاهرات المنددة بمقتل نزار بنات، دعت لعدم حصر الخلل وكأنه هو الشيء العام، وقالت إن الحكومة سعت إلى إزالة الحاجز ما بين الصحفيين والأجهزة الأمنية وتنظيم العلاقة ما بينهما، وأن الحكومة بصدد إعداد تقرير دولي يتحدث عن حقوق الصحفيين.

في ذات السياق اعتبرت أمل خريشة الناشطة النسوية والقيادية في الحراك الوطني الديموقراطي أن ما يجري حاليا على الصعيد الداخلي يشكل تهديدا كبيرا لتحقيق أماني الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال ودحر الاحتلال، واضافت "نحن نعيش في سياق استعماري يصعد هجمته ضد الشعب الفلسطيني وبدلاً من البناء على نجاحات في هبة القدس والمراكمة عليها عبر تعزيز الصمود وعبر الالتزام بالحريات، وحملت مسؤولية ذلك للرئيس محمود عباس.

وأضافت خريشة أن ما يجري هو ضمن مسلسل طويل للتعدي على الحريات تقوم فيه السلطة في الضفة الغربية والسلطة في غزة وهو انتهاك الحقوق والحريات واستمرار الاعتقال السياسي وصولاً لمرحلة الاغتيال السياسي حيث الاصرار على اسكات المواطن الذي انتقد أداء السلطة خاصة في صفقة اللقاحات، كما أن تراكم الانتهاكات والاعتداءات في ظل فشل سياسي واقتصادي اجتماعي وتنموي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني.

وشددت خريشة التي خرجت ضمن المسيرات المنددة باغتيال نزار بنات أن كل المسيرات في الشارع التي جرت في رام الله كانت كلها سلمية بمطالب شرعية متمثلة بحق العدالة واختيار الممثلين وفصل السلطات وسيادة القانون والمطالبة بتفعيل دور منظمة التحرير وعدم اختزالها بشخص الرئيس.

وحذرت خريشة من احتمالية الذهاب إلى اقتتال داخلي وتهديد للسلم الاهلي لوجود قوى دولية وإقليمية تحاول استغلال تأجج الشارع الفلسطيني، لذلك علينا تفويت الفرصة عليهم.

وطالبت خريشة بضرورة تشكيل لجنة وطنية مستقلة تعيد النظر بعقيدة ودور الأجهزة الأمنية بما يخدم أمن الناس دون التعدي عليهم.