مطالبات للسلطة الفلسطينية بالانسحاب الفوري من منظمة غاز شرق المتوسط

20/06/2021

وطن للأنباء: فراس الطويل

"شاهد زور"، هو الوصف الذي أطلقته اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل على انضمام السلطة الفلسطينية لمنظمة غاز شرق المتوسط. اللجنة اعتبرت أن مشاركة السلطة مع إسرائيل في منظمة الغاز تشرعن الاحتلال وتقوض حقوق الفلسطينيين في مواردهم الطبيعية. واعتبر منسق عام اللجنة محمود نواجعة أن "هذه المشاركة عبارة عن غطاء فلسطيني لتعميق علاقات التطبيع الإسرائيلية مع أنظمة عربية، وتؤسس لتحالفات عسكرية تكون إسرائيل في محورها مع دول أوروبية ومع نظام الإمارات العربية المتحدة".

الحكومة الفلسطينية صادقت في 30 يونيو/ حزيران 2020، على انضمامها إلى المنتدى، لكنها تغيبت عن المشاركة في حفل توقيع اتفاقية إطلاقه كمنظمة إقليمية، تضم 6 دول مطلة على البحر المتوسط والأردن.

وتهدف المنظمة التي أعلن عن تأسيسها في يناير/كانون الثاني 2019، لإنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية، حسب ما جاء في وثائق التأسيس.

المجتمع المدني يطالب السلطة بالانسحاب فورا

تداعى ممثلو المجتمع المدني الفلسطيني لعقد مؤتمر صحفي في نهاية نيسان الماضي طالبوا فيه الحكومة الفلسطينية، بإلغاء عضويتها ومغادرة منظمة غاز شرق المتوسط، بسبب "إعطاء شرعية لإسرائيل لسرقة الغاز الطبيعي قبالة سواحل البحر المتوسط".
وفي كلمة له خلال المؤتمر دعا عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، السلطة، إلى "الانسحاب فورا من المنظمة لتفويت الفرصة على إسرائيل لتصبح مركزا إقليميا للطاقة". كما طالب السلطة بموقف رسمي، "يتهم فيه إسرائيل بسرقة مقدرات الفلسطينيين في قطاع الطاقة، لفضح ممارساتهم أمام الدول وشركات الطاقة عالميا".

إسرائيل تمنع الفلسطينيين من استغلال حقل "غزة مارين"

يملك الفلسطينيون أول حقل اكتشف في منطقة شرق المتوسط نهاية تسعينيات القرن الماضي، المعروف باسم "غزة مارين"، ولم يتم استخراج الغاز منه حتى اليوم، بسبب رفض إسرائيلي لطلبات فلسطينية من أجل استغلاله.
ويقع الحقل على بعد 36 كيلو مترا غرب غزة في مياه المتوسط، وتم تطويره عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية "بريتيش غاز"، التي تخارجت منه لصالح شركة "رويال داتش شل"، قبل أن تغادر هي الأخرى في 2018.

وفي فبراير/شباط الماضي، أفادت وكالة "الأناضول" نقلا عن مصدر فلسطيني رسمي أن السلطة تلقت إشارات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، بشأن إمكانية تطوير حقل "غزة مارين" للغاز، قبالة شواطئ قطاع غزة على البحر المتوسط.
وفي نفس الشهر، أعلن صندوق الاستثمار الفلسطيني توقيع مذكرة تفاهم لتطوير حقل "غزة مارين" والبنية التحتية اللازمة له، مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "ايجاس".

انضمام السلطة لا يحافظ على الموارد الفلسطينية

بدوره، أوضح د. ممدوح العكر، مفوّض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن وثيقة الانضمام لمنظمة غاز شرق المتوسط، لا تحافظ ولا بأي شكل من الأشكال على حقوق الشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية. وأشار إلى جملة من الاجتماعات قد عقدت مع رئيس الوزراء الفلسطيني ووزارة الخارجية بهذا الخصوص.

من جانبها أوضحت عضو سكرتارية الحملة الوطنية للمقاطعة (BDS) ماجدة المصري خلال المؤتمر أنه في كل مرة تضغط حركة المقاطعة مع الشركاء الأوروبيين من أجل إقصاء إسرائيل وعزلها عن المشاركة والتوسع بمصادر الطاقة الأوروبية يكون رد الاتحاد الأوروبي أن السلطة شريكة في المنتدى، وأنها لم تقدم شكاوى ولا تحتج على نهب الاحتلال للغاز، وهو ما اعتبرته المصري محرجًا.
ودعت المصري اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة وحمل هذا الملف السيادي وتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي، وأن تطالب اللجنة السلطة بالانسحاب من هذه العضوية، التي اعتبرتها مهينة لفلسطين، وإرسال تقرير رسمي احتجاجي يؤشر إلى النهب الحاصل في الأراضي الفلسطينية للغاز والبحث عن بدائل أخرى تحفظ الحق الفلسطيني في الموارد الطبيعية.

تساؤلات عن سرية وثائق الانضمام الفلسطيني

من ناحيته، أكد مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين أن التوقيع الفلسطيني والانضمام للمنتدى يضعف الموقف الفلسطيني، وتابع: "كنا أقوياء قبل الانضمام، وجاء الانضمام كمسوغ لإسرائيل لمد أنابيبها في السواحل الفلسطينية لتصدير الغاز إلى مصر، ومن هناك إلى أوروبا، قوتنا بقلمنا وتجربة أوسلو قد تعاد بهذا الموضوع، عندما يتم التوقيع على اتفاقية أو مذكرة تفاهم فقد انتهى الأمر".

واعتبر جبارين أن "ما حصل يضعف الحرب على الجبهة القانونية وملاحقة الشركات التي عليها واجب أن تحترم معايير حقوق الإنسان، وموضوع الغاز والمستوطنات، حيث أن أي مذكرة تفاهم يجب أن تأتي على ذكر المستوطنات والاحتلال وانتهاكات القانون الدولي، دون ذلك، لا يجب أن نوقع على أي اتفاقية".

فيما أكد مستشار ائتلاف أمان للنزاهة والمساءلة عزمي الشعيبي أن الائتلاف كان طلب من رئاسة الوزراء وسلطة الطاقة الكشف عن محتوى الأحكام الرئيسية لتأسيس المنتدى، وما هي أسس عمله وحقوق الأعضاء فيه، لكن دون جدوى.
وكشف الشعيبي عن اطلاع أمان على الوثائق غير المنشورة، لكن دون مشاركتها مع الجمهور والخبراء، مؤكدًا أن سرية الوثائق جاءت بفعل وعود عربية وإسرائيلية باستفادة مالية للسلطة الفلسطينية مقابل الوعد بالبحث مستقبلاً عن الحقوق.

إسرائيل تزيف خرائط الحدود البحرية

وشدد منسق حركة المقاطعة محمود نواجعة على أن الاحتلال مستمر رغم مشاركة السلطة الفلسطينية بالمنتدى، بنهب الموارد الغازية ورسخت تطبيعها الاقتصادي مع الأردن ومصر من خلال اتفاقيات تصدير الغاز لسنوات طويلة.
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية لم تواجه تزييف الخرائط بعرض خرائط دقيقة للمنطقة الاقتصادية الفلسطينية الخالصة، وفشلت في خوض معركة دبلوماسية أو قانونية لوقف النهب، أو وقف شركات طاقة عالمية كبيرة من المشاركة في النهب الإسرائيلي للغاز الفلسطيني.

وأكد نواجعة أن أي اتفاق لاستيراد الغاز من دولة الاحتلال هو إنقاذ لمشروع توريد الغاز المسال الإسرائيلي الذي لم تتمكن إسرائيل من تصديره بأسعار منافسة للأسواق العالمية مضطرة لتصديره إقليمياً لضمان جدواه الاقتصادية.

وحذر نواجعة من أن الاحتلال يسعى منذ سنوات للتحول إلى مركز للطاقة في منطقة شرق المتوسط من خلال إبرام مجموعة من الاتفاقات الاقتصادية التطبيعية مع دول عربية كان أهمها هذا المنتدى، الذي تحول لاحقاً إلى منظمة إقليمية تضم الأردن ومصر وقبرص واليونان وإيطاليا والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، والإمارات كعضو مراقب.

دراسة فلسطينية: البترول والغاز طريق نحو استقلال اقتصادي وسياسي

أجرى م. عبد الله حرز الله، أستاذ الجغرافيا والهندسة في جامعة بيرزيت دراسة حول موارد البترول والغاز الطبيعي في فلسطين، خلصت إلى حقيقة وجود موارد بترول وغاز طبيعي جديدة، تتوزع جغرافيا على الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق المحتلة عام 48، وبكميات واعدة وتجارية تقدر قيمتها بآلاف المليارات من الدولارات وهي كافية ليتم توظيفها في بناء اقتصاد وطني فلسطيني قوي ونشط لمئات السنين القادمة، وهذا مؤشر واضح على كفاية هذه الموارد لإدارة عجلة التنمية والمساهمة في نقل دولة فلسطين من حالة التبعية للاحتلال إلى حالة الاستقلال الاقتصادي، الذي يمكن أن يؤدي إلى استقلال سياسي، يجسد السيادة الفلسطينية على الأرض.

وتقول الدراسة "البترول سلعة استراتيجية يمكن استغلالها للتأثير السياسي على المستوى الإقليمي في سياسات الدول الأخرى لصالح القضية الفلسطينية". مشيرة إلى أهمية أن تتفهم وأن تتنبأ القيادة الفلسطينية طبيعة التغيرات والصراعات الدولية الجديدة بعد اكتشاف موارد البترول والغاز الطبيعي في شرق المتوسط، والحاجة إلى أن تعمل القيادة على استغلال ذلك لصالح حماية الموارد الفلسطينية، من خلال بناء شراكات وتحالفات متينة إقليمية ودولية، وعلى الأقل في المجالين السياسي والاقتصادي مع الدول العربية والأجنبية الصديقة مثل مصر، لبنان، سوريا، تركيا، وروسيا وغيرها لتفويت فرص دولة الاحتلال في استنزاف هذه الموارد الفلسطينية.


اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وصفت انضمام السلطة الفلسطينية لمنظمة غاز شرق المتوسط بأنه "شاهد زور". واعتبرت أن مشاركة السلطة مع إسرائيل في منظمة الغاز تشرعن الاحتلال وتقوض حقوق الفلسطينيين في مواردهم الطبيعية. هذه المشاركة عبارة عن غطاء فلسطيني لتعميق علاقات التطبيع الإسرائيلية مع أنظمة عربية، وتؤسس لتحالفات عسكرية تكون إسرائيل في محورها مع دول أوروبية ومع نظام الإمارات العربية المتحدة.

السلطة لم تقدم شكاوى ولم تحتج على نهب الاحتلال للغاز، كما أنها لم تبحث عن بدائل أخرى تحفظ الحق الفلسطيني في الموارد الطبيعية.  ما حصل يضعف الحرب على الجبهة القانونية وملاحقة الشركات التي عليها واجب أن تحترم معايير حقوق الإنسان.  والمثير أن السلطة لم تكشف عن محتوى الأحكام الرئيسية لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، كما لم تنشر الوثائق الخاصة بهذا المنتدى ولم تشاركها مع الجمهور والخبراء. السرية المريبة للوثائق جاءت بفعل وعود عربية وإسرائيلية باستفادة مالية للسلطة الفلسطينية مقابل الوعد بالبحث مستقبلاً عن الحقوق.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية