حمدي فراج يكتب لوطن: ماء الزيت وزيت الماء

11/06/2021

هل لم يكن نصرا، هذا الذي تحقق في فلسطين خلال الاسابيع الماضية ، فحال دون لقاء الفصائل في القاهرة لكي يبنوا عليه ويواصلوا الطريق ؟ أم انه كان وهما او حلما "شبّه لهم" انه انتصار؟

كانت القاهرة حتى وقت قريب، سرعان ما تدعو، سرعان ما يلبون، لا يتخلف أحد، بما في ذلك فصائل صغيرة بالكاد ترى أثرها بالمجهر ، وفصائل اخرى "عقائدية" ترفض التقدم للاحتلال بطلب الحصول على التصريح ، اما اليوم فإنك لا تعرف كيف جاء الفشل أوالافشال.

لقد تغير الظرف الموضوعي تغيرا دراماتيكيا شاملا ، لم يعد بالامكان خلط الماء بالزيت للحصول على مركب جديد اسمه الماء الزيتي او الزيت المائي ، اي محاولات للتماهي بينهما ستفقدك المركبين ، الزيت والماء .

صحيح انه في الآونة الاخيرة، لم نعد نسمع عن مطالب شبه تعجيزية ، من على شاكلة تسليم اسلحتك لي ، ووقف التنسيق الامني كشرط لجلوسي معك، لكن هذا لم ينطل على الناس رغم انطلائه على فصائل وازنة ذات مصداقية ومسمع .

كانت آخر محاولات التماهي، الاتفاق بين الحركتين الكبيرتين الحاكمتين خوض الانتخابات في قائمة موحدة برئيس واحد ، كطريقة اختراقية من اجل الوحدة وانهاء الانقسام المستعصي عقدان من الزمان ، واستضافتهما عواصم عربية وغير عربية وازنة ، وحين اصطدمت الحركتان بجماهيرهما، رفض هذه التوليفة الالتفافية، ممثلة في حركات انشقاقية، أعلن عن تأجيل الانتخابات ، ريثما توافق اسرائيل على اجرائها في القدس رغم انها لم تعلن رسميا عن إلغائها . من أبرز تجليات الرفض جاءت من السجن ، مروان البرغوثي الذي قرر خوض الانتخابات في قائمة خاصة ، ورسالة ابراهيم حامد الصارخة :  لا نريد برنامجا متصالحا مع عباس  يمحي رايتنا وروايتنا، لماذا تم التغاضي عن انتخابات متزامنة وعدم اشتراط وقف التنسيق الامني  ، فهل وافقتكم على التنسيق ضمنيا اي منظمة تحرير نريد ، ما حاجتنا لعبئها ؟ وهل نريد ان نحكم ام نحرر.

قرار تأجيل الاجتماع، كان تحصيلا حاصلا لوقف مواصلة محاولات خلط الماء بالزيت، وهي محاولات في اغلبها تفتقد للبراءة وحسن النية ، بل تقف وراءها امريكا وحلفاؤها العرب، لدق اسافين جديدة بين مكونات الشعب الواحد ، كمنع اموال الاعمار عن طرف بعينه بدعوى الارهاب ، وائتمان الاقل أمانة عليها، جماعة ماء "الحياة مفاوضات" مع جماعة زيت "إن الحياة عقيدة وجهاد".  الهرتسيلي مع يد الضيف المبتورة.

في أقل تعديل، ان يتفق طرفا الخلاف على ماهية ما تحقق وتسميته بوضوح ان كان نصرا ام شيئا غير ذلك ، وان يقر هذا بفضل ذاك وبدوره في تحقيق ما تحقق ، لا بأن يتنكر له وان يستأثر لنفسه ما ليس له، وحين ترى ان كل هذا لم يتجسد، بل ان كل طرف ينتمي الى محور اقليمي عالمي ، ويفاخر بانتمائه ، فاعلم ان اجتماع القاهرة سيتأجل الى اجل غير مسمى ، هكذا مع الانتخابات .