دعوى الإلغاء في القضاء الإداري الفلسطيني

04/05/2021

كتبت: أروى خليل أبو عرام (*)

بناء على رسوخ مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، وتماشيا مع مبادئ تحقيق العدالة تعد رقابة القضاء على أعمال الإدارة من أهم وأكثر صور الرقابة فعالية، حيث تتوافر فيها مزايا وضمانات لا توجد في أنواع الرقابة الأخرى، وذلك لما يتمتع به القضاء من الخبرة والنزاهة والاستقلال، وهو بذلك يشكل ضمانة أساسية، وصمام امان امام تعسف الإدارة، ويكفل التزامها بالقانون، وعدم الخروج عن أحكامه، وذلك من خلال مراقبته لمدى صحة العمل الإداري ونتائجه ومدى مطابقته للقانون، وتقويم ما أعوج منه في حالة مخالفة الإدارة لواجباتها.

تعتبر دعوى الإلغاء وسيلة مهمة من وسائل الرقابة القضائية على مشروعية القرارات الإدارية، حيث تكمن أهميتها في أنها تحقق المزيد من الضمانات المهمة والرئيسة للموظف العام من اجل حماية حقوقه، وبالتالي يوصف قضاء الإلغاء بانه حامي حمى المشروعية، حيث تتعدد التسميات التي تطلق على دعوى الإلغاء فيستخدم اصطلاح قضاء الإلغاء، أو الطعن بالإلغاء، أو طلب الإلغاء أو الطعن بسبب تجاوز السلطة، وهي عبارات مترادفة يقصد بها التعبير عن معنى واحد، وهو إلغاء القرار الإداري.

فما هي دعوى الإلغاء؟ وماهي موجبات الطعن بالإلغاء؟

يمكن تعريف دعوى الإلغاء بانها: الدعوى الموجهة ضد قرار اداري بقصد الغائه، وصلاحية محكمة القضاء الإداري في هذا النوع من الدعاوي ينحصر في نقطة واحدة وهي بحث مدى شرعية القرار الإداري فتقتضي بإلغائه اذا خالف القانون، وترد الدعوى ان لم يكن مخالفاً للقانون نصاَ أو روحاً، ولا تنسحب صلاحية محكمة العدل العليا في دعوى الإلغاء التي تعديل القرار المطلوب أو إلغاؤه أو الى اصدار أي امر الى الإدارة بالقيام بعمل معين او الامتناع عن عمل معين فصلاحية محكمة العدل العليا هي صلاحية إلغاء لا صلاحية انشاء.

فقد أشار قانون تشكيل المحاكم النظامية الفلسطيني رقم 5 لسنة 2001 في مادته 34 الى شروط تتعلق في  الطلبات والطعون المرفوعة  امام محكمة العدل العليا في أربعة عيوب حيث يجب في الطعن المقدم لمحكمة العدل العليا أن يتوفر واحد أو أكثر من هذه العيوب لتقبل الطعون أمام محكمة العدل العليا وهي: عيب عدم الاختصاص ويعني صلاحية عضو السلطة الادارية موضوعيا أو مكانيا وزمانيا للتعبير عن ارادتها الملزمة او في اصدار القرار الإداري، وتعتبر قواعد الاختصاص من النظام العام فلا يمكن تعديلها بالاتفاق او التنازل عنها، ويستطيع القاضي أن يثيرها حتى اذا لم يطلبها الخصوم، فيجوز للموظف العام أن يطعن في القرار الإداري اذا لم يراعَ شرط الاختصاص عند اصدار القرار الإداري، وأيضا كذلك عيب الشكل: ويعني عدم مراعاة الشكل والإجراءات التي اوجب القانون على رجل الإدارة مراعاتها قبل اصدار القرار الإداري، وتعني أيضا المظهر الخارجي للقرار الإداري نفسه، يعتبر الشكل جوهريا اذا ذكر القانون صراحة على أن القرار يكون باطلا اذا لم يراعَ الشكل في القرار أو الاجراء الذي تقوم به الإدارة، عيب مخالفة القوانين أو اللوائح او الخطأ في تطبيقها أو تأويلها: ويقصد بالقانون هنا الذي تؤدي مخالفته الى الحكم بإلغاء القرار الإداري القاعدة القانونية أياً كان مصدرها، الدستور أو المعاهدات الدولية أو التشريعية أو القاعدة الأعلى في سلم التدرج القانوني، أو المبادئ العامة للقانون أو حجية الامر المحكوم فيه، فإذا صدر قرار اداري مخالف لأية قاعدة قانونية يكون القرار مشوبا بعيب مخالفة القانون وحرياً بالالغاء، كذلك ما اذا فسرت الإدارة تفسيرا خاطئا للقانون فقد يكون هذا التفسير الخاطئ نتاج غموض النص وقد يكون متعمداً فقد نصت محكمة العدل العليا في قرارها بانه عند تفسير القاعدة القانونية يب التقييد بأساسين هما: لا يجوز عزل العبارة الواحدة عن بقية عبارات القانون، وكذلك يجوز عدم الأخذ بظاهر الصيغة القانونية والعدول عن مدلولها الظاهر، عيب: التعسف أو الانحراف في استعمال السلطة على الوجه المبين في القانون، ويقصد به استعمال رجل الادارة سلطته التقديرية لتحقيق غرض غير معترف به وذلك من خلال الانحراف لتحقيق مصلحة بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة المتوخاة من كل قرار اداري تصدره الإدارة، فإذا ما كان الهدف من عمل الإدارة تحقيق مصلحة خاصة او من اجل الانتقام فإن ذلك يعتبر انحرافا في استعمال السلطة الإدارية.

وبالتالي فإن أي قرار اداري يصدر مشوبا بأي عيب من العيوب الاربعة آنفة الذكر يكون القرار او العمل الإداري محلا للإلغاء، فعلى الموظف العام أن يكون عالما وملما بهذه النصوص القانونية وبهذه العيوب لكي يتمكن من رفع دعوى عدل عليا فيما اذا كان قد صدر بحقه قرار او عمل اداري مثل قرار بالتعيين، أو الترقية، أو العلاوات، او المرتبات، أو الإحالة الى المعاش، أو التأديب، أو الاستيداع، أو الفصل وسائر ما يتعلق بالأعمال الوظيفية هذا ما نصت عليه مادة 33/4 من قانون تشكيل المحاكم النظامية.

في نهاية المطاف يمكننا القول أن دعوى الإلغاء هي دعوى قضائية تهدف الى اعدام قرار اداري غير مشروع، وبالتالي إبطال الآثار المترتبة عليه، فالقضاء الإداري يوصف بانه قضاء موضوعي يخاصم القرار الإداري لعدم مشروعيته، فيقوم القاضي بإبطال الآثار المترتبة على القرار الإداري اذا تبين انه قد جانب القواعد القانونية النافذة وبالتالي الحكم بإلغائه.

 

(*) طالبة ماجستير-جامعة القدس