أنا المطّلع ادناه... لا تدعوا القلق يفقدكم صوابكم!! بقلم: نبيل دويكات

16/05/2013
لفت انتباهي مقال للدكتور جمال نزال بعنوان "أنا المديون أعلاه .محاولة سلخ الأحوال الشخصية عن الشريعة. مشروع مشبوه" والمنشور في وكالة معا الاخبارية بتاريخ 14/5/2013. لفت انتباهي العنوان في البداية، حيث كنت قد اطلعت قبل أيام على مقال الاخ عيسى قراقع بعنوان "انا المقتولة اعلاه بتهمة (جريمة شرف)". لكن حين بدأت في قراءة مقالة الدكتور جمال وجدت نفسي مشدود اكثر واكثر، وحاولت التركيز في مضمون المقالة، انسجاما مع عنوانها وتفاصيلها. ولكنني وجدت نفسي في حيرة من هدف ومضمون وتفاصيل المقالة، هل يريد الكاتب انتقاد "النسويات" ام اليسار ام "حكومة سلام فياض" ام "العادات والتقاليد" ام "المؤسسات الأهلية ام "الغرب" وعاداته وتقاليده ام ماذا بالتحديد؟! كما احترت ايضا في طبيعة النقد الذي يريده هل هو نقد هادف وبناء ام نقد سلبي وهدام او لمجرد النقد؟ ومن منطلق اطّلاعي "المتواضع" على الامور التي تناولها ومن منطلق حرية الرأي والتعبير فإنني أجد نفسي بحاجة إلى الكتابة رداً على الكثير من المغالطات والتناقضات التي وردت في المقالة المذكورة. وحتى لا نغرق في التفاصيل فإنني أود تركيز ملاحظاتي على القضايا التالية:

أولا: بناء الأحكام والتعميمات استناداً إلى نماذج وحالات فردية
تناسى الكاتب أو نسي خلال كتابته للمقالة كل الأسس والمبررات والمستندات التي يقوم عليها العلم والعلوم بشكل عام، وبنى مقالته على أمور وتوقعات وتكهنات وحالات ونماذج فردية ومشاهدات شخصية، وبنى استنتاجات لا يصلح القول عنها إلا أنها تناقض محتوى ومضمون ما عرضه في مقالته نفسها. وللتفصيل أكثر فإنه بنى معلوماته وتعميماته عن "الحركة النسوية"، "اليسار"، "المنظمات الاهلية"، "الفساد"، موقف حركة "فتح" وكتلتها النيابية في المجلس التشريعي.. وغيرها من الأمور على تحليلات شخصية ينقصها حتى الانسجام والتناسق المنطقي ، وسوف أعود لبعض التفاصيل لاحقا. كنت أتوقع من شخص يضع قبل اسمه لقب (د) أن يكون على الأقل ملتزماً تجاه اللقب ومستحقاته العلمية، ولكن للأسف لم أجد ذلك، وإنما وجدت ما يناقض ذلك.

ثانيا: في التعريفات والمفاهيم

- الحركة النسوية: ليست "حركة معادية للرجل والأديان" كما يقول، والمشكلة ليست هنا فهذا موضوع ينبغي أن يكون خارج النقاش والجدل العلمي، على اعتبار أن الجدل العلمي يقتضي ان نستند الى مراجع ومستندات علمية تدعم ما نقوله، وانما المشكلة هو اصرار د. جمال على تجاوز المنهاج العلمي والاعتماد على أسس غير علمية اطلاقا. وهذا الأمر تكرر ليس فقط في تعريفة للحركة النسوية، وإنما عند حديثة عن العديد من المفاهيم، وربما حتى عند حديثه عن مواقف حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي يدّعي أنه ناطق باسمها حيث يظهر على بعض الفضائيات. فمثلا الكثير من المفكرين والمفكرات يقدمون تعريفاً واضحاً للحركة النسوية يقوم على اعتبارها تيار فكري وسياسي أكثر منها حركة تنظيمية، وهم غالبون يرفضون فكرة أن الحركة النسوية حركة معادية للرجل أو للأديان أو غيرها، واقترح على د. جمال أن يبحث أكثر ويقرأ أكثر عن الحركة والنظريات النسوية من مصادرها ومنابعها الأساسية، تماما كما تقتضي الأصول والأسس العلمية.

- الحركة النسوية أيضا ليست حركة غربية، وهنا أيضا كتب العديد من المفكرات والمفكرين عن جذور ومنابع الفكر النسوي في ثقافتنا (واقصد العربية)، ومنذ زمن بعيد رفضوا فكرة ان بذور الفكر النسوي جاءتنا من الغرب او هي دخيلة على مجتمعاتنا. اذا لم يقرأ د. جمال كتابات قاسم أمين التي كتبها قبل أكثر من مائة عام فإنني ادعوه لقراءتها، بالطبع قراءة علمية. فلسطينيا وهنا اتوقف قليلا لاتساءل هل كانت النساء الفلسطينيات اللواتي شاركن في مسيرة النضال والثورة ضد الاستعمار والاحتلال بدءاً من الاستعمار البريطاني وحتى اليوم هن نساء ذات "هوى غربي"؟! لماذا لم يقرأ د. جمال تاريخ الثورات الفلسطينية بدءاً من ثورة البراق وثورة 36- 1939 وتاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة وصولا الى ايامنا هذه؟! وهل يعتقد د.جمال ان المناضلات طوال هذا التاريخ اللواتي وقفن جنبا الى جنب مع الرجل في كل معارك الثورة والنضال كن مدفوعات الى ذلك باغراءات او اموال او توجهات "غربية"؟! لن اطيل في الرد كثيرا لانني اقف خجلا حين اجد نفسي مضطرا للدفاع عن مناضلة شهيدة مثل دلال المغربي، وغيرها الآلاف من النساء المناضلات الفلسطينيات. ربما عدد كبير من اؤلئك الناشطات النسويات اللواتي يتهكم عليهن د. جمال عندما يتحدث عن لباسهن وحقائبهن قضين سنوات اطول من عمري او عمره في الثورة والنضال جنبا الى جنب مع الرجل، ولن يعيبهن ان يتسلق او يحاول التسلق على حركتهن ونضالهن عدد من الانتهازيين والوصوليين ذكورا واناثا.
- ال ان.جي. او وتمويلها وعلاقتها بالفساد

هناك في المقالة تهكم واتهامات وتعميم الاتهامات للمؤسسات الاهلية الفلسطينية، ومنها النسوية ايضا، بعدد من التهم منها تلقي اموال غربية وتنفيذ توجهات وسياسة غربية .. وغيرها من التهم التي وردت في المقالة وبصيغة اقرب الى صيغة "الردح"، ولا تمت للمنطق والعلم بصلة. هل تناسى او ربما لم يكلف نفسه عناء البحث العلمي عن جذور ومنابع العمل الاهلي في فلسطين، الكثير من المؤسسات الاهلية الفلسطينية تأسست خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي وعلى اسس تنظيم الفئات المختلفة من الشعب الفلسطينيى وتأطيرها من اجل العمل على تحقيق مطالبها ومصالحها الملموسة، وربط نضالها من اجل هذه المصالح مع النضال الوطني العام للشعب الفلسطيني. صحيح ان العديد وربما الكثير من المؤسسات الاهلية تأسست في الفترة التي تلت توقيع اتفاقية اوسلو، صحيح ان هناك العديد من مظاهر الخلل وربما الفساد وغيرها من المظاهر السلبية التي نجدها في بعض الهيئات والمؤسسات الاهلية، ولكن هذا لا يعطي الحق لأي كان بتوزيع التهم واطلاق التعميمات التي لا تخدم الا مصالح شخصية في احسن الاحوال. المؤسسات الاهلية هي جزء لا يتجزأ من حركة المجتمع الفلسطيني، والمجتمع الفلسطيني يخوض حالة من النضال ضد الكثير من المظاهر السلبية ومنها الفساد. واذا كان هناك من فساد وفاسدين في المجتمع ومؤسساته المختلفة فان هناك ايضا الكثير من المناضلين ضد الفساد والفاسدين، واذا كان هناك من يسير على اجندات غير فلسطينية "غربية او شرقية او غيره" فان هناك ايضا من يناضل من اجل الاجندات الفلسطينية وفقط من اجلها. لكن هناك من يحاول خلط الحابل بالنابل لكي يذهب "الصالح بعروى الطالح"، وهنا ادعو د. جمال لكي لا يقع في هذا الفخ اذا كان حريصا على مصلحة الشعب والمجتمع.

- اليسار والمنظمات اليسارية

لم ولن افهم كيف وما هي المبررات التي تدعو د.جمال لان يخلط كل الاوراق وقلب المعادلات ومن ثم توزيع التهم والاحكام دون تدقيق او حتى تكليف نفسه بالفصح. لماذا يصر على اتهام فصائل واحزاب اليسار وربطها بـ "التوجهات والاموال الغربية" وحتى بمفاهيمه الخاطئة حول الحركة النسوية وغيرها من الامور التي وردت في مقالته؟! ربما يثير استغرابي اكثر هو كيف يستطيع شخص اختيار هذا الكم والعدد الهائل من الأمور وربطها ببعضها البعض دون مبرر او سبب منطقي او علمي. وكانسان وناشط يساري التوجهات لدي من الافكار المنسجمة والمترابطة تجاه العديد من الامور والقضايا ومنها قضايا المرأة والاولويات والقضايا المجتمعية، وربما ادّعي ان لدي افكار وتشخيص للكثير من الامور والقضايا في مجتمعنا الفلسطيني وربما مجتمعاتنا العربية، ومنها تحليل الواقع الحالي, لكن ما لاحظته في المقالة المذكورة يدعوني للاستغراب من حقيقة ان يمتلك انسان ما هذا الكم المتناقض من الافكار والتوجهات تجاه العديد من القضايا، لدرجة ان التناقض يكشف نفسه حتى خلال مقالة مثل المقالة المذكور ( وسوف اعود لبعض التفاصيل في الفقرات التالية).

ثالثا: تناقض المواقف

لا استغرب ان يصدر عن انسان ما موقف تجاه قضية معينة مختلف عن موقفه السابق منها، ربما يعود ذلك علميا لان اي انسان قابل للتغيير والتطور. لكن ان يصدر عن انسان مواقف متناقضة تجاه نفس القضية في نفس الوقت فهذا المستغرب، وهو ما حصل فعلا في المقالة المذكورة، وربما اجد علي لزاما ان اوضح جملة من التناقضات التي وردت في مقالة د.جمال ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

- التناقض مع مواقف حركة فتح, التي يتحدث د.جمال باسمها احيانا، حيث يشرح لنا جملة من المواقف التي يدّعي انها تمثل موقف حركة فتح ومنها موقف الحركة من العلاقة بين الشريعة الاسلامية والقانون الاساسي او الدستور المستقبلي للدولة الفلسطينية. في اعتقادي ما يقوله لا يمثل مجمل موقف حركة فتح، ولا اقول هنا انني اعرف تفاصيل موقف حركة فتح تجاه هذا الموضوع، وانما على الاقل اعلم ان هناك اختلاف بين ما يقوله وبين موقف الحركة، وأدعوه الى الاطلاع اكثر على سلسلة مناقشات وجلسات المجلس التشريعي "الاول" حيث كانت حركة "فتح" هي كتلة الاكثرية في المجلس التشريعي منذ العام 1996 وحتى العام 2006. ولماذا لا يطّلع على مقالة الاخ عيس قراقع التي اشرت اليها اعلاه، والاخ عيسى هو وزير في الحكومة الفلسطينية وعضو منتخب في كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي واحد القيادات البارزة في حركة فتح.

- يتباكي د.جمال في مقالته من عسر حال الشباب الفلسطيني ويتحدث لنا عن بعض الشباب الذين قابلهم ومعاناتهم من بعض العادات والتقاليد. واستغرب كيف يصر على حشو كل تلك العادات والتقاليد البالية وربطها بالحركة النسوية. ارتفاع المهور وتكاليف المعيشة والزواج وعادات الزواج من مهر وحفلات وولائم العرس وغيرها ليست سوى عادات وتقاليد يعمل العديد من اصحاب الفكر والرأي والمؤسسات والهيئات على تغييرها. لكن ما نحن متأكدين منه هو ان العريس حين يدفع ثمنا البيت فانه يكون مخصصا لسكن العائلة الجديدة وليس للعروس فقط، والولائم حين تقام فان من يأكلها هم المدعوين الى العرس او الفرح وليس العروس هي التي تلتهم كل ذلك الطعام وغيرها ايضا تحدث عن اجور القاعات والحفلات وغيرها. اليس الاهل هم من يصرون على الكثير من مظاهر البذخ التي ترتبط بعادات الزواج في مجتمعنا؟ لماذا نحمل الفتاة مسؤولية كل ذلك؟ ومن ناحية ثانية اذا كانت الفتاة موظفة وتعمل جنبا الى جنب مع زوجها، الا تساهم في سداد هذه التكاليف؟ ام ان د. جمال يتصور ان كل النساء والفتيات العاملات في بلادنا يقلقهن فقط صرف رواتبهن لشراء الحقائب والمكياج والالبسة والشامبو المرتفعة الثمن؟! اذا كانت هذه الصورة التي يعرفها فانني ادعوه لزيارة بلدنا فلسطين والتعرف اكثر على مجتمعنا الفلسطيني للاطلاع اكثر على واقع النساء والفتيات الفلسطينيات ودورهن ومساهمتهن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبعد اطلاعه على تفاصيل الحقائق والواقع سوف نسأله اي مكان تستحق المرأة الفلسطينية في رأيه. هل تستحق قانون ينصفها ويساويها مع الرجل ويعطها حقوقها في مختلف المجالات؟ ام تستحق قانون مثل قانون الاحوال الشخصية الذي يدافع عنه د.جمال، وهو بالمناسبة القانون الاردني لسنة 1976 والذي تم تغييره في الاردن، ولكنه لا يزال مطبقا حتى اليوم في الاراضي الفلسطينية.

- ومن قال ان نصوص القوانين المقترحة فلسطينيا، ومنها المتعلق بالاحوال الشخصية، تخالف الشريعة الاسلامية؟ يبدو ايضا ان هناك نقص حاد في المعلومات لدى من يقول ذلك. انني ادعو من يقول ذلك الى الاطلاع على الواقع القانوني المتعلق بالاحوال الشخصية خاصة والمطبق في الاراضي الفلسطينية للاطلاع على حقيقة انه واقع معقد وهو خليط من انظمة وقوانين غير فلسطينية وتمتد جذورها الى مائة عام مضى، ربما حتى قبل ان تعرف النساء الفلسطينيات الشامبو والحقائب وغيرها، وحين كانت بعضهن يحملن السلاح دفاعا الشعب والوطن. ومن ناحية ثانية الاطلاع على تفاصيل عمل ودور القضاء الشرعي ومواقفه في القضايا التي تتعلق بالمرأة تتنافى مع ما وصل اليه د. جمال من تعميمات واحكام.

- التناقض الآخر يظهر ايضا في المقالة عند سرد حكاية المرأة والرجل في دائرة الطابو. هنا التناقض يظهر مزدوجا، او على الاقل يظهر ان هناك فهم سطحي للامور. ما حدث في دائرة الطابو يعكس حقيقة قائمة في مجتمعنا وهي حقيقة حرمان المرأة من الميراث، حتى الميراث الذي نصت عليه الشريعة، وبمعنى اخر فان جملة العادات والتقاليد المتبعة اجمالا في هذا المجال تخالف الشريعة، فضلا عن انها تتنافى مع ابسط الحقوق التي نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية والانسانية. قانون الاحوال الشخصية الذي تدعو اليه الحركة النسوية يهدف، من جملة ما يهدف، الى معالجة مثل هذه الاشكالات ووضعها في اطار قانوني واجتماعي مناسب بعيد عن الظلم وانتهاك او الاعتداء على الحقوق. لماذا اذن يظهر لنا د. جمال رفضه للقانون من ناحية، ومن ناحية ثانية رفضه للظلم الواقع بحق النساء في هذا المجال؟! هو يدّعي المعرفة احيانا، وفي احيان اخرى يظهر ان لا يعرف الكثير من الامور. وهنا التناقض غير المفهوم. فبعد ان "يسلخ" جلد المرأة في حديثه المطول عن عادات الزواج وتكاليفه ويحملها المسؤولية، يعود الى "التعاطف" معها حيث يكون شاهدا على محاولة احتيال على القانون للاستيلاء على حقوقها، ثم يعود بعد ذلك للقول في نفس المقالة " في القانون يشلحون الرجل كل شيْ" ويخاطب النساء بالقول " عليكن مغادرة وشاح الضحية. لا يجب ان تصير خزعبلة الضحية جزء من هوية المرأة والانطلاق لتصحيحها من انفعالات الانتقام من الرجل سرا وعلنا...".

والغريب الغريب انه بعد سطرين فقط يعود للقول " واما ظلم المجتمع للمرأة فله صور عدة، لا يمكن تصحيحها الا بالقانون وتحسين الاقتصاد". لم يقل لنا د.جمال ما هو القانون الذي يريده فقط اشار الى "الفزّاعة" التي يحملها دائما العديد من دعاة التخلف والفكر المظلم والسلفيين والتكفيريين وهي "مخالفة الدين او الشريعة". ولم يقل لنا ايضا شيئا عن كيفية تحسين الاقتصاد الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي، وهل يمكن لنا ان نقبل المساعدات الدولية في هذا المجال ام لا؟

هناك تناقضات اخرى لا اود الحديث عنها بالتفصيل لانني اعتبرها ثانوية كحديثه عن انه فوجىء من اصدار الكتاب الذي يتحدث عنه في الغرب وكأنه يعتبر ان الغرب نموذج مثالي لا يجب ان يصدر عنه الا كل ما هو ايجابي وجيد، في حين انه كان قبل ذلك بعدة فقرات ينتقد الحركة النسوية واليسار بانهم موالين للغرب ماليا وفكريا، وفي نفس الوقت فانه حتى عند كتابة بعض عناوين مقالته يعود الى الكتابة بنفس طريقة نمط حديث الاشخاص الذين يأخذون من الغرب القشور مثلا عند الحديث بلغة مكسرة ومخلوطة بالعربيةة والانجليزية.

خلاصة القول ان هناك فرق كبير بين المعرفة وادّعاء المعرفة، بين المعرفة السطحية و/او المشوهة وبين المعرفة الحقيقية، بين النقد البناء والنقد السلبي والهدّام، بين الانسجام والتواصل في الطرح وتشرذم الافكار بل تناقضها وعدم انسجامها، بين اصدار الاحكام وابداء وجهات النظر. هناك فرق كبير بين المنهج العلمي الذي يعتمد الوثائق والحقائق والمعلومات الموثقة ويحللها، وبين منهج يقوم على المعلومات المشوهة والسطحية والمجتزأة من سياقها. واقعنا الفلسطيني لا يحتمل كل ذلك، والاجدر بمن يريد ان يتحدث عن الواقع وتحليله وتقديم المقترحات والحلول ان يكون على قدر المسؤولية التي تقدم لنا حلولاً تساعدنا على الخروج من انفاق مظلمة تهددنا في كل لحظة، وذلك بدل ادخالنا في متاهات لا تسهم سوي بالمزيد من الظلمات التي نجاهد يوميا للخروج منها.

كذكر في هذا المجتمع فانني لست قلقا ان يلقى بي ذات يوم خارج المجتمع، خاصة من الحركة النسوية لانني على ثقة بان هناك الكثير من النساء والناشطات النسويات: كما الكثير من الذكور والناشطين المجتمعيين يفهمون فهما عميقا معنى النسوية التي تعني في احدى صورها العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، لان هذا الفكر يدرك معنى النهوض بالمجتمعات وتنميتها على قدم المساواة، فالرجال والنساء هم هدف التنمية مثلما هم ادواتها.