اللجنة الوبائية لـ"وطن": هذه الموجة تختلف عما سبقها بشراستها وسرعة انتشارها والفئات التي تصيبها والضغط الذي تشكّله على المشافي

25/02/2021

وطن للأنباء- وفاء عاروري: أكد عضو اللجنة الوبائية ورئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى المطلع د. علي سباتين، أن هذه الموجة من الوباء تختلف عما سبقها بشراستها، وسرعة انتشارها وامتدادها، ودخول فئات أكثر إلى دائرة الخطر كالأطفال والحوامل، وهي أيضا مختلفة من حيث درجة الضغط الذي تشكله على المشافي.

وأوضح سباتين لبرنامج "شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه ريم العمري عبر شبكة وطن الإعلامية، أن السلالات أو الطفرات الجديدة المنتشرة في هذه الموجة أسرع انتشارا وأشد فتكا بفئات معينة، مبينا أن الصغار دخلوا دائرة الخطورة، وطالما تم تسجيل أكثر من 360 إصابة بهذه الطفرات فهذا يعني أن الإصابات الحقيقية أكبر بكثير من ذلك، والأكثر قلقا هي الطفرة الجنوب إفريقية، وهناك طفرات أخرى نرجو ألا تصل فلسطين.

وحول ما يعينه القول بإن الطفرات الجديدة سريعة الانتشار، قال: إذا كان الفيروس الأصلي الصيني هو أساسا سريع الانتشار، والدليل أنه بدأ بمريض واحد في ووهان الصينية وانتقل الى العالم كله، ونحن نقول أن الأسرع منه انتشارا هي الطفرة البريطانية، والأسرع منهما هي الجنوب افريقية، اذا نحن نتحدث عن فيروس سريع جدا بالانتشار.

وبين سباتين أن الطفرة البريطانية تزيد سرعة انتشارها عن السلالة التقليدية 7 مرات، أما الطفرة الجنوب افريقية فتصل إلى 10 مرات.

وأوضح أن ما يميز هذه الطفرات هو سهولة الارتباط بالمستقبلات الحسية في جسم الإنسان، حيث من غير الضروري أن يكون هناك عددا كبيرا من المستقبلات الحسية حتى يتم إصابة المريض بكورونا، وهذا يختلف عما كنا نعرفه عن الفيروس القديم الذي كان يصيب كبار السن والبالغين بشكل أكبر، بينما الصغار لقلة عدد المستقبلات الحسية لديهم كانت إصابتهم أقل.

وقال: ولكن حاليا نتحدث عن دخول الأطفال للفئات التي يظهر عليها المرض والأعراض، وأيضا دخول الحوامل الدائرة بقوة بسبب سهولة اقتراب الطفرة للمستقبلات الحسية لجسم المريض.

وحول آلية وصول هذه الطفرات وانتشارها في مجتمعنا بيّن د. سباتين أن العالم كله أصبح قرية صغيرة بوجود الاتصالات والمطارات والحدود، والمؤكد أن هذه الطفرات وصلت إلى الداخل المحتل أولا، ثم وصلت إلينا من خلال العمال أو التجار، أو عبر الاحتكاك اليومي بين الضفة والداخل المحتل، فطالما أنها وصلت الداخل إذا من المتوقع والطبيعي أن تصل إلينا، وهذا ما حدث فعلا.

وقال إنه ليس غريبا أن يقطع الفيروس الحدود ويصل إلينا عبر فسحة صغيرة في المطار، أو نقطة حدودية واحدة، فلو دخل مريض واحد حامل لسلالة معينة من الفيروس ستنتشر بفترة زمنية وجيزة وتصيب أعدادا أكثر...

وحول الطفرة البرازيلية التي اكتشفت في الداخل المحتل، ولم تسجل لدينا، قال: باعتقادي وللأسف ستصل إلى فلسطين قريبا، وهي مسألة وقت مثلها مثل أي طفرة أخرى، مشيرا إلى أن الفيروس قادر على عمل طفرات أخرى جديدة من فترة إلى أخرى.

وحول مدى قدرة وزارة الصحة على إجراء الفحوصات الخاصة بالطفرات وتحديد نوعها، أكد سباتين أن الصحة قادرة على ذلك، موضحا أنها حاليا ترسل العينات المشتبه بها إلى مختبرات الجامعة الأمريكية، ويتم تحليلها جينيا ومعرفة السلالات عن طريق التحليل الجيني للفيروسات، ومعرفة إن كان هناك شيء غير متعارف عليه من ناحية السلالة القديمة والتسلسل الجيني.

وأشار إلى أن مستشفى المطلع أيضا قادر على إجراء هذه الفحوصات والتمييز بين كل أنواع الطفرات من العينات الواصلة من أنحاء الوطن إلى مختبراته.

وأوضح أن اللقاحات تفيد في حالة الطفرات ولكن بدرجات متفاوتة، فإذا كان الفيروس الأصلي تغطيه بعض اللقاحات بنسبة 94%، فإن هذه النسبة تقل في حالة الطفرات، مشيرا إلى أن الطفرة البريطانية تُغطى بشكل ممتاز عبر هذه اللقاحات، لكن الجنوب افريقية أقل، وقد تصل تغطيتها إلى (60-70%)، وهذه نسبة ممتازة أيضا، ويمكن أن تخفف من الحالات المرضية ودخول المشافي وأيضا أعراض المرضى تكون أقل والوفيات أقل.

وحول الحل أو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الموجة التي نعيشها حاليا، قال سباتين: المشكلة كبيرة جدا وتتعلق بسلامة وحياة المواطن، ومن هنا يجب أن  نخاطب كل مواطن على حدة، ويجب أن يعرف المواطن أنه هو أيضا عليه مسؤولية كبيرة لاتخاذ الاجراء الصحيح لحماية نفسه وأحبائه.

وأوضح أن الحل إما أن يكون مجتمعيا أو على مستوى الفرد، والحل المجتمعي يكون عن طريق اللقاحات وتوفير الأدوية وتوفير أماكن في المشافي ومساعدة الأفراد على تخطي هذه الأزمة قدر الإمكان.

واستدرك: ولكن إمكانياتنا ضعيفة وحتى اليوم لم تصلنا اللقاحات، إذاً الحل يعود للفرد نفسه، والفرد يجب أن يعي أن عليه مسؤولية كبيرة.

وتابع: بالتالي نحن مقدمون على مشكلة كبيرة جدا، ويجب أن نكون واعين إلى أين نحن ذاهبون ونحافظ على الكمامة وعلى التباعد، ونعزل كبار السن عن أي اختلاط أو تجمع، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ممكن أن تخفف الوباء، ولكن لا يوجد وسيلة يمكنها أن توقف الانتشار إلّا بإعطاء اللقاح لـ (60-70%) من الشعب.

مؤكداً أن الوسائل التي نتحدث عنها أصبحت ضرورية وحتمية لأنها تخفف انتشار الفيروس، وهذا مهم حتى نخفف الضغط الكبير على النظام الصحي الفلسطيني، الذي هو بالأساس متهالك بسبب الضغوطات خلال السنة الأخيرة، وكذلك بسبب الاحتلال ومشاكله وقلة الإمكانيات.

ووجه سباتين رسالة للمواطنين، يؤكد فيها أننا مقلبون على شيء كبير للأسف، ويمكن أن نصل إلى مرحلة لا يوجد أي مكان للمرضى في المشافي، وبالتالي يجب أن نقف عند مسؤوليتنا كأفراد والالتزام بإجراءات الوقاية.

وأكد أن أي إجراء يتخذ يؤدي إلى تخفيف الاختلاط، يحقق نتائج إيجابية، لأن تحقيق التباعد هو الهدف، واللجنة الوبائية ليس هدفها الإغلاق على الشعب، ولكن عندما تغيب الحلول توصي بالإغلاق حتى لو كان جزئيا، فهو يخفف الضغط على المشافي، وإذا كان شاملا يؤجل المشكلة إلى حين إيجاد الحل.

وبين أنه لو كان هناك تعايش صحيح داخل الجميع، لما كنا سنضطر إلى اتخاذ هذه الإجراءات، فالإغلاق وهو الخيار الأخير، ولكن مشكلة التعايش هي أن الإجراءات التي تعلنها الحكومة لا تطبّق بشكل صحيح من المواطنين، ما يضطر اللجنة الوبائية لرفع توصية بالإغلاق.