"كيمياء القهوة"

21/02/2021

وطن للأنباء- مي زيادة: من آداب شرب القهوة، استنشاق رائحتها وتركها تداعب خلايا دماغك النائمة صباحاً، وأيًا كان نوع القهوة التي تفضلها، جميعها تحوي على ما لا يقل عن 1000 مركب كيميائي في الكوب الواحد! والمسؤول الرئيس عن الرائحة التي تدمنها وانت تعد كوب قهوتك هي المركبات الأروماتية.

وتتكون المركبات الأروماتية من، كلوروجينيك اسيد (CGA)، وهو المركب المسؤول عن مرارة القهوة، يكون تركيزه عالي في البن قبل التحميص وله فوائد صحية كتخفيض مستوى السكر بالدم ومنع تراكم الدهون وزيادة عملية الايض فيقل الوزن، اضافة الى حمض الكلوروجينيك والذي يقل مستواه اثناء التحميص فيتحول إلى كافييك و كوينيك اسيد -ويعتبر مضاد للأكسده-.

وتحتوي القهوة على مضادات اكسدة بحدود 200 - 550 mg للكوب الواحد، اضافة الى الكافيين الذي يعمل على تحسين الذاكرة والمزاج ورفع مستوى الانتباه، مايجعل القهوة "أسلوب حياة" وصانعة للمزاج، وتختلف من شخص لآخر، فالبعض يتعامل معها كمفتاح يبدأ به يومه ولا غنى عنه.

محمود ازحيمان من القدس (33 عاما)، لم يجد طموحه وشغفه في دراسته للعلوم السياسية والدراسات الشرق اوسطية، فقرر ان يدرس ويتخصص أكثر في علوم وكيمياء القهوة، فهو يرى أن القهوة ليست مجرد فن إنما علم وبحر من التجارب والتذوق بشكل مستمر، فدخل مجال الاعمال مع والده في عام 2012 ولكن في عام 2013 فكّر بأن يذهب لتخصص الاعمال في مجال القهوة، وبدأ بدراسة القهوة والتعمق في هذا العالم الكبير.

يقول محمود لوطن للأنباء: درست كيماء القهوة بداية في تركيا Toper Coffee Academy، ثم تابعت دراستي في كل من اوروبا وأريزونا في امريكا، وآخر شهادة حصلت عليها عن طريق مدرسة في ايطاليا، وخلال ذلك كنت آخذ دروس لتذوق القهوة ومعرفة خصائصها وأمور اخرى تتعلق بها.

ويعرف بأن عائلة ازحيمان هي من اوائل من طحن القهوة في القدس.

وعن الدافع لدراسته "كيمياء القهوة"، هذا التخصص الجديد الذي ربما لم نسمع به من قبل، قال: "بعد فترة من الدراسة اكتشفت ان العلوم السياسية ليس لها مجال كبير للعمل في فلسطين، لذلك توجهت للعمل مع والدي، واكتشفت أنني سأكون عبئاً عليه ان لم آتي بفكرة ومجهود جديد ومجال جديد لأعمل به، فبدأت بدراسة القهوة."

ويتابع محمود حديثه، "تعلمت التحميص على اصوله، وكنت افكر بإدخال الطرق الاوروبية للتحميص، واكتشفت اننا لانعلم الخلطلة الاوروبية الاساسية للتحميص، وان مانتناقله هو إرث فقط وبعيد كل البعد عن العلم".

"خلال دراستي اكتشفت ان القهوة عالم كبير، وبها تفاصيل كبيرة يجب ان ندركها ونفهمها، من تفاعلات داخلية وخارجية مع الحرارة، وكم ممكن ان نبقيها على الرفوف دون ان يتأثر طعمها ومذاقها وجودتها، وماذا يحصل لها من تفاعلات من الممكن ان نستفيد منها في صنع القهوة، فوجدنا إقبالاً عليها من الناس بسبب التغير في الانتاج والخلطات والاطعمة التي كنا نقدمها للتذوق"، يقول ازحيمان.

ويردف، "اضافة الى ذلك تعلمت كيف يتم تركيب المحمص وصيانته، وهذا ساعدنا بتخفيف قدوم الطواقم التي تزورنا من الخارج للصيانة او تركيب خط انتاج جديد."

وعن تقبل والده في ادخال الحداثة في صناعة القهوة يقول محمود: كان والدي يدرك انه يجب أن يدخل العلم مع العمل احياناً، فاستحسن فكرة الدراسة وتطبيقها على القهوة، ولم يكن يمانع بإدخال اي شيء جديد عليها، فأحضرنا محمصاً صغيراً وبدأت أصنع الخلطة التي وجدتها الافضل من ناحية العلم، وبعد ذلك جعلت والدي يتذوقها وهو بدوره اجرى عليها بعض التعديلات الاضافية من ناحية الطعم ومدى تقبل المجتمع لها، لان الصحيح دائماً ليس ما يراه العلم فقط او الموروث فقط، فاجتمعنا لنخرج بمنتجاً يجتمع فيه العلم والإرث، ونجحنا بذلك.

وعن مدى تقبل المواطنين قال محمود " وجدنا اقبالا عليها من المواطنين رغم اننا رفعنا سعرها شيقلا واحدا عن سعر القهوة العادية في بداية الامر، ولكن لاحقا أدركنا كم أحبها الناس واننا بدأنا بالنجاح بعنوان جديد لتصنيع القهوة، بفضل التزاوج الذي حصل بين العلم والارث اخرجنا منتجاً جديداً في السوق أحبه الجميع".

وعن تطور العمل لديهم بعد هذه الخطوة، قال محمود: فُتحت أمامنا افاق انتاج قهوة الاسبريسو وهو عالم مختلف عن القهوة العربية من ناحية التحميص والاساس الذي يرتكز عليه اعداد الخلطة، وتعلمنا ان نعد خلطة قهوة الفلتر الامريكية وان نتحكم فيها كي لا تكون حامضة المذاق، كما اصبح لدينا توجه لصناعة اصابع القهوة التركية التي تذاب في الماء المغلي سريعا، ومن هناك اتسعت آفاقنا كثيرا، ودرسنا علم تطعيم القهوة بالبندق والكراميل واطعمة اخرى.

ويختم حديثه بسعادة بأنه أصبح مدرباً رسمياً لتخصص "كيمياء القهوة"، وخطوته القادمة هي إنشاء أكاديمية لتعليم اصول وفنون إعداد القهوة.