الإرادة المسلوبة

24/10/2020


كتب: نبيل مصري

الصديق العزيز الابن البار، ربما اختلف العلماء والمؤرخون على حقيقة الدور الريادي للعلامة والباحث والمؤلف في علم الاجتماع (ابن خلدون )لكن أبحاثه  وكتبه ومؤلفاته هي الأساس واللبنة الأولى بل المفتاح والمرشد  فكانت مقدمته (مقدمة ابن خلدون) إن الإنسان مدنيا بالطبع شملا للحضارات الإنسانية وتاريخها بالبناء والعمارة والتقدم بل عنوان التفاعل الايجابي بين الشعوب والبيئة  ضمن شرط القوت (الأمن الغذائي ).

بما إن الحضارة مرتبطة بالإنسان بشكل مباشر دون الكائنات الحية الأخرى لان الحضارة مرتبطة بالأفكار الإنسانية والناتجة عن (الإدراك) بل إن الإنتاج عبارة عن سلسلة تربط الماضي والحاضر بشكل تكاملي ورغم اختلاف الحضارة بين المجتمعات إلا أنها تشترك معا بصفاتها الإنسانية.

أليس من حق أبنائنا توجيه سؤال للإنسانية جمعاء ( هل الإنتاج الحربي ) بكافة وسائلها وأدواتها علميا وتكنولوجيا وابعد من ذلك هو إنساني ) أنساني الإنتاج لارتباطه بالمنتج إلا وهو الإنسان  ولكن استخدامه بعيد كل البعد عن الإنسانية  لأن العلماء الذين دأبوا على صنع الانشطار النووي بهدف التدمير وإلغاء كل ما هو أنساني يهدف إلى أغراض أخرى تخدم الإنسانية وهل غزو الفضاء من اجل حرب النجوم أم البحث عن حلول لخدمة الإنسانية ورفاهية المجتمع  لان المفاعل النووي الذي صنع القنبلة الذرية وجعل هيروشيما ونيكزاكي تعيش في ظلام دامس مدمر للحجر والبشر والحيوان وكل ما هو كان حي ولوث البيئة هو نفسه المفاعل النووي الذي ينتج الطاقة الكهربائية التي تضيء العالم وتعمل على إنقاذ البشر والحيوان ومعالجتها , إن العيب يكمن بالاستخدام والمستخدم  وبالضرورة إن يسمى حضارة إنسانية  (فسم الأفعى القاتل جعل منه العلماء دواء) يشفي بعض الإمراض  لكن الإنسان الذي نشاء على صراع مع الطبيعة انتقل إلى صراع تناحري من اجل الملكية والتملك واستغل كافة الانجازات العلمية والحضارية بهدف السطو والسيطرة وبذلك يكون قد سخر هذا الانجاز أدوات تخدم بالأساس أطماعه ورغباته  ونزواته الجامحة  قد حرف السمات  الإنسانية والحضارية  للفكر الإنتاج الحضاري.

وبعد اطلاعنا على حروب الجيل الرابع والمحاضرة التي ألقاها الجنرال (ماكس) والتي تعد بالضرورة إعلان العدوان والحرب ضمن عملية الصراع الدائر بالعالم والهادفة بالأساس للسيطرة على العالم وخيراته المادية والأسواق العالمية بما تشمله الجغرافيا من ممرات مائية وهو الموقف السياسي المعلن , لقد أطلقوا على الحروب (الأجيال) من الأول  إلى؟؟؟؟؟؟؟؟؟
  يختلفون فيما بينهم على المسميات والهدف واحد (الجيل الرابع المتقدم " الحرب الخامسة ") استهتارا بالإنسانية  والإنسان بحيث قالوا بأنه (احتلال عقول وليس احتلال ارض؟) وماذا يحصل بعد احتلال العقل أنت المتكفل بالباقي، سلب الإرادة فتتخذ قرارا بالقتل دون إن تعرف خصمك الحقيقي .

ما العمل إذن ؟؟؟؟ نفتح حوار أما نشكل لجان تخصصية واجتماعات ومناظرات ومنتديات إنها حرب(مستخدمك يكلفك بقتل) ذاتك وروحك وقبل السؤال الأول  دعونا نلقي نظرة على ما يحصل في سوريا والعراق وليبيا واليمن والية وظواهر ما يحصل:

تشكيل مجموعات عقائدية مسلحة  بالمعنى الأدق العنف المسلح.

تشكيل تنظيمات دولية ومحلية مشتركة تعمل بالتهريب المنظم تتشارك مع دول مجاورة لتهريب النفط والآثار والتراث والأموال وتبيضها حتى المصانع والأدوات الصناعية لم تسلم منهم  والهدف واضح تجويع الناس.
         
تشكيل  تنظيمات صغيرة تمتلك كفاءات عالية في الخبرة والتدريب تمتلك أسلحة  متطورة ومحرمة دوليا وتوكل لها ادوار ممنهجة حرق مزروعات وضرب محطات وقود وأبار مياه واغتيال رموز وطنية ودينية.

استغلال الفضائيات التكنولوجية والعلمية ووسائط التواصل الاجتماعي من خلال البرامج والأفلام  والألعاب العنيفة لخلق التنصل الاجتماعي والعائلي والانتماء إلى النخب التي لتقهر.

استغلال  الفضائيات والتطور في التواصل الاجتماعي  من خلال التزوير والتضليل  لحشد قطاع من السكان  بهدف الدعم الشعبي والمعنوي تحت عناوين الديمقراطية  والحضارة والجوع والقهر الاجتماعي .

والفرق بين الجيلين الجيل الرابع والخامس التزاوج والاندماج  فالأولى تعتمد على اللاعنف  أما الخامس  فتعتمد بالأساس على التقنيات المتقدمة ضمن عمليات مركبة بين اللاعنف وأنماط العنف المجتمعي ضمن مصالح وتكتلات متصارعة بمعنى أدق الصراع الداخلي  (حرب داخلية سياسية, اقتصادية, اجتماعية) (لقد سموها التفكيك الساخن) الذي يقوم على العنف بإشكاله المتعددة حيث يتم استبدال الشعارات الوطنية والديمقراطية وحقوق الإنسان بالفتن الطائفية وحقوق الأقليات  إضافة للعشائرية والقبلية وتفتعل صراعات فيما بينها وصراع مع الدولة والمؤسسة ولا يستثنى منها التفجير الداخلي ... بهدف الوصول إلى الحرب النفسية وتدمير القيم والإنسان، وليس من قبيل الصدفة إن يصف الجنرال الصيني (صن تزو) الخبير العسكري في كتابه فن الحرب أن تخضع العدو دون قتال (ذروة المهارة).

ليس هناك اصعب من تدمير الذات بايدينا والعيش بين الاغتراب والغربة معا حيث يتنكر الإنسان لذاته ويلعن تراث أجداده بل يلعن ذاته ويسير هائم  يشك في ماضيه وحاضرة أباه وأمه ولا يؤمن بحضارته وإنتاجه بل إلى ابعد من ذلك يتنكر لتاريخه  وتراثه حتى يكاد ينسى عذاباته وألمه ويشك في ملكيته ومزروعاته  وقيمه ورموزه وقادته يكد إن يقع في فخ الماسوشية ويتلذذ لعذاباته  والكثير يرتقي إلى السادية  أنت بالضرورة مسلوب الإرادة  تضيع في دهاليز المناظرات والمؤتمرات وصالونات السياسيين والساسة.

إنها حقا الحرب الخامسة بلا قيود ولا محظورات أنها خليط في توظيف جميع الأدوات المتاحة التقليدية وغي التقليدية لقد أطلقوا عليها(الحرب الهجينة) التي تدمج كامل الوسائل العسكرية وغير العسكرية  لتحقيق هدف سياسي ومن قبيل التذكير ( الثورة الخلاقة:, شرق أوسط جديد, الربيع العربي,  صفقة القرن,وأخرها التطبيع, والحبل على الجرار.

يقول الكاتب(سمير فرج) إن الجيل الخامس يعتمد على  إستراتيجية– احتلال العقول—لا الأرض وبعدها سيتكفل المحتل (بضم الميم) بالباقي حين يستخدم العنف غير مسلح مستغلا جماعات عقائدية مسلحة وعصابات التهريب المحلية والدولية والمنظمة  وتنظيمات صغيرة مدربة من اجل صنع حرب داخلية تتنوع ما بين اقتصادية,سياسية, اجتماعية في الدولة المستهدفة وذلك لاستنزافها عن طريق مواجهتها لصراعات داخلية بالتوازي مع مواجهة التهديدات الخارجية العنيفة التدمير الذاتي المنهج.