"عنب الورق" مشروع زراعي ريادي يقوده مزارع في قرية الزاوية

16/09/2020

وطن للأنباء- حسناء الرنتيسي: نجح المواطن يوسف شقير من قرية الزاوية غرب سلفيت في التحول في مهنته من الأعمال الحرة بما فيها التجارة الى استخراج رزقه من قلب الأرض، حيث قام بزراعة أشتال "عنب الورق" الذي يمتد موسمه من شهر أيار إلى تشرين أول من كل عام.

لم يقم شقير بزراعة أشجاره كاختيار عشوائي، فمن بين أعماله الحرة التي كان يمارسها العمل في مشتل بمنطقة الحمرا في الأغوار، حيث يتم زراعة هذا النوع من العنب الذي ينتج ورق العنب فقط بمساحات واسعة تصل إلى 40 الف دونم في الضفة، استهوته الفكرة وقادته رغبته في التحرر من العمل لدى الآخرين أو العمل في الداخل المحتل أسوة بمعظم شبان المحافظة؛ فقام بإنشاء مشتله الخاص ليكون مهندسه من مرحلة التشتيل الى مرحلة القطف.

أشتال "عنب الورق" لم تكن بذوراً جاهزة، إنما حصل عليها بأخذ "قصف" من الأشجار المزروعة في منطقة الحمرا، حيث كان ذلك في شهر آذار عند موعد تهذيب الأشجار.
أحضر شقير "القصف" من المنطقة وجهزها باستخدام هرمون التشتيل ووضعها أربعون يوما في الحضانة، حتى أصبحت جاهزة للزراعة.

تحديات ومعيقات
تقلبات الطقس كانت أول تحدٍ يواجه شقير، فقام بصنع بيت بلاستيكي من صنع يديه ليحافظ على هذه الأشتال ويوفر لها الأجواء المناسبة للنمو.

أول مجموعة أشتال قام بزراعتها كانت في شهر نيسان، حيث قام وشريكه بتجهيز الأرض التي تبلغ مساحتها دونمين وأربعمائة متر والواقعة في قرية الزاوية، تم غرس الأشتال بنجاح؛ ليظهر تحدٍ آخر يتمثل في شح المياه.
يقول شقير أن المشكلة التي يعانيها وشريكه في هذا المشروع هي حاجة هذا النوع من الأشجار للري بشكل مستمر، بينما المياه غير متوفرة بشكل دائم، ويصل سعر كوب المياه الى 3 شيقل ونصف، بينما يستهلك في الأسبوع أكثر من 100 كوب، أي بمعدل 400 شيقل كتكلفة ري.

يقول شقير أنه توجه الى البلدية في محافظة سلفيت، لطلب خط زراعي، فرفضوا وأخبروه أن يستخدم خطاً عاديا، فطلب خط "2 انش" بدلا من"ربع انش"، لكنهم أيضا لم يساعدوه حسب قوله، وأخبروه أن يتحمل كافة التكاليف.
ووصلت تكلفة مشروع شقير وشريكه الى أكثر من عشرين ألف شيقل، من حيث المواد الأولية كالحديد والأسلاك وما شابه، إضافة الى عمله بيده في المشروع، دون مساعدة أي جهة له.

كورونا رفعت الأسعار
لم يفلت المزارع شقير من قبضة كورونا التي ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة في العالم وفلسطين تباعاً، حيث أغلقت الشركات أبوابها ليصبح من الصعوبة توفير بعض المستلزمات الزراعية بشكل سلس وبأسعار مناسبة، إنما كانت ضريبة الحصول على بعض المستلزمات شراءها بسعر مضاعف في ظل إغلاق الشركات الخاصة بها، حيث حصل شقير على مستلزمات مشروعه من خلال موزعين حصلوا عليها بأسعار عالية ما انعكس على المزارع وأسعار مشترياته.

سماد عضوي
ولحرصه على أن يكون مشتله صديقا للبيئة وليكون انتاجه صحياً تماما قرر شقير استخدام طريقة أجداده التقليدية في التسميد، حيث يقوم بتخمير روث الغنم ليصبح سمادا عضويا طبيعيا.

وطريقة التخمير تكون بوضع كيس من روث الحيوانات في كل برميل، ويملأه بالمياه لمدة أربعة أيام، ثم يقوم بتصفيته بفصل المياه الناتجة عن العملية ووضعها في تنك خاص ليقوم بري المزروعات من هذا التنك، ويقوم شقير بهذه العملية مرة كل شهر.
النشاط الزراعي الأكثر اقبالا في قرية الزاوية هو قطف الزيتون، عدا ذلك تفتقر هذه المنطقة لتعدد الزراعات والمزارعين في مجالات شتى، لذا كان شقير صاحب دور ريادي في المنطقة بإنشاء مشروع زراعي جديد، قد يفتح شهية سكان القرية لتجربة مشاريع مشابهة كنوع من إحياء الأرض وعودة المجد للزراعة في المنطقة.

تكاليف عالية ودخل جيد
يقول شقير أنه استطاع أن يحقق دخلاً جيدا ضمن المتوقع من العمل في ورق العنب، حيث يبيع الكيلوغرام منه بـ15شيقل، ونظرا لجودة ورقه، يقبل عليه الناس من القرية ومحيطها.

ما يعيق شقير هو تكاليف إنشاء المشتل، حيث كلفهُ هذا المشروع نحو 20 الف شيقل عدا عما وفره من جهد ذاتي، وهو حديث العهد فيه أي منذ شهر نيسان حتى الان، وبالتالي يحتاج وقتا ليسترد رأس المال حتى يتمكن من حساب الجدوى من مشروعه.
زوج أخته شريكه في المشروع، كما تساعده والدته في العمل، ويشغّل مشتله 5 عمال لقطف أوراق الشجر وترتيبها، وهن من النساء. بعد القطف والترتيب يقوم شقير وشريكه بتوزيع الطلبات للمنازل، ومن يجرب ورق العنب من انتاج مشتله يصبح زبونا دائما ويطلب المزيد.

المرجع خبرة الوالد و"الزراعة"
من جهة أخرى أشار شقير إلى تواصله الدائم مع وزارة الزراعة في المحافظة التي زارته أكثر من مرة، حيث يلجأ لها في حال تعرض لأي مشكلة في مشروعه، كظهور أي مرض على مزروعاته مثلا.

كما أنه يلجأ لخبرة والده أيضا، والذي يعمل في مجال الزراعة في مشتل بالداخل المحتل. ويطّلع شقير بدوره على ما يتم استخدامه من طرق لتجنب الأمراض للأشتال بعيدا عن استخدام مباشر للأدوية والمبيدات.
رغم حداثة عهد مشروعه إلا أنه يقود طموحه مسرعاً نحو توسيع رقعة العمل، ورفع عدد العاملين في المشتل، حيث يخطط لضمان أرض أخرى لتصبح امتدادا لمشروعه.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية