حمدي فرّاج يكتب لـوطن: "الموت في أسناني"

14/09/2020

 

سقطت الدولة العربية الثانية في براثن اسرائيل خلال اسابيع ، وستسقط الثالثة والرابعة ربما خلال أيام ، وفي اقصى تقدير قبل الانتخابات الامريكية اوائل تشرين ثاني القادم ، اي بعد اقل من شهرين ، تحت شعار القرار السيادي للدولة ، ووفق ما قاله الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الابنودي باللهجة العامية " كل دولة ثلاثة متر ، عامله فريق / قال ده اخويا اللي لعدوي ، أعز صديق" .

وبمناسبة حضور الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي ، يحضر السؤال الملح ، لماذا لم تقرأ القيادة الفلسطينية هذا الشاعر الذي تنبأ باللحظة الراهنة الفاجعة بسقوط دولتين شقيقتين تبنينا الدفاع المستميت عنهما وعن موقفهما وشرفهما وعزتهما وعروبتهما .

لقد كشفت الوقائع المتسارعة ، أن المسألة ليست مسألة "سلام" مع اسرائيل ، إذ لم يكن هناك حربا بينهما ولا حدود مشتركة ، ولو كانت مملكة البحرين او الامارات فخذا في قبيلة ، لانتظرت قليلا لكي تطمئن الى أمان السلام مع هذا الكيان الغاصب لأراضي خمس دول عربية هي فلسطين والاردن ومصر وسوريا ولبنان منذ خمسن سنة. وإذا ما اعتبرنا ان فعل الاغتصاب لا يقتصر على المعنى الشائع فقط ، فهناك أفعال اغتصابات أخرى تعاني منها الكثير من دول العالم الثالث في قارات العالم المختلفة ، وكما عبر عنه احد زعماء افريقيا من ان الاستعمار خرج من الباب ولكنه عاد ليقفز من الشباك .

تشير وقائع "السلام" بين الدولتين الخليجيتين وبين اسرائيل ، الى انه تشكيل حلف عسكري حربي متشح بمئتي رأس نووي لإزالة ايران عن الخارطة ، ومعها حزب الله في لبنان ، وحركة حماس في غزة ، ولا بأس من الاجهاز على نظام الاسد الجريح في سوريا قبل ان يتشافى . بعدها يأتي من تبقى من الفلسطينيين خانعين راكعين تحت الشعارات المعهودة التي لجأوا الى بعضها وقت توقيع اتفاقية اوسلو .

واهم من يظن ان الحلف الاسرائيلي العربي "الصهيوني الرجعي" بما تعنيه المفردتان : الصهيونية العالمية ، والرجعية الاميرية ، سيستثني الفلسطينيين من أهدافه ، "فالضم" على الطاولة كما صرح نتنياهو أكثر من مرة حتى بعد اعلان الاتفاق مع الامارت التي ادعت انها لجأت الى السلام من اجل إلغائه ، أما اللاجئون والقدس فقد طويت صفحتهما وأزيلتا عن الطاولة .

الابنودي ، الذي صور "العروبة" ، على حقيقتها بأبشع وأغلظ الصور ، يوم قال : القدس قدسي / فاكراني شايل صراخ اليتامى ولوعة المساكين / فاكراني كفن الشهيد وخيمة اللاجئين / تجيني وتبوسني / وتملّس على خدودي / هاربة بـ حدودها ، تتحامى بحدودي / تبكي على صدري ، وتنزف على عودي / لّمي جناحك وارجعي تاني / لا تصدقي قولي ، ولا تأتمني أحضاني / نامي في حضن العدو ، هوّه العدو الاول / وخافي قوي من العدو التاني / الافعى ورا ضحكتي والموت في أسناني / يا قدس ، قولي لحيطانك اثبتي بقوة / حيخلصك ابنك ، اللي انا منيش هوّ / لا تبحثي عن حلول ، الحل من جوّا .