أسماء سلامة تكتب لـوطن: هل سيتبع سبوتنك 2020 مسار سبوتنك 1957؟

14/08/2020

بوتين (الرئيس الروسي) يعلن بشكل رسمي عن تسجيل أول لقاح لفيروس كوفيد-19 ، وأطلق عليه اسم سبوتنك ، تيمنا باسم أول قمر صناعي روسي أطلق عام 1957 ، وشكل سبقاً وتقدماً على الولايات المتحدة الأمريكية أأبان فترة الحرب الباردة بين القطبين ، والذي أعلن من خلاله بداية حرب الفضاء بين القوتين العظميين ، فهل سينجح هذا اللقاح فعلاً ، ويشكل سبقاً لكل العالم ، ويفرض روسيا كمنقذ للعالم من هذا الوباء ... أم أن الرئيس الروسي قد استعجل في الإعلان عن اللقاح قبل التأكد من نتائجه وقدرته على مقاومة الفيروس ، لأهداف سياسية واقتصادية .. فقد قامت عشرون دولة حتى الآن بحجز مليار لقاح لم يتم البدء بإنتاجه رسمياً...

منظمة الصحة العالمية التي تشكل المرجعية الرسمية لهذه الأمور ظهرت تصريحاتها متحفظة حول الإعلان ، حيث أن اللقاح لم يجتاز المرحلة الثالثة من مراحل اعتماد اللقاحات عالميا وهي مرحلة التجارب البشرية على نطاق واسع ، حيث أن روسيا قامت بتجربة اللقاح على مائة متطوع فقط ( من ضمنهم ابنة بوتين ) ، هل يكفي هذا التحفظ لإثبات عدم فعالية اللقاح ، ويدفع بالدول إلى التأني قبل حجز حصتها من اللقاحات وتزويد مواطنيها بها ، أم أن اللقاح فعلا فعال وسينقذ العالم من هذا الفيروس الذي أدى إلى انهيار العديد من الدول اقتصاديا  وفي الطريق ليحصد مليون حالة وفاة ، في حين تجاوزت الإصابات العشرين مليوناً...

هل يحق للمواطنين في كل أرجاء العالم الاحتفال بهذا الإنجاز الروسي ، والتأمل بالخلاص من الفيروس والعودة للحياة الطبيعية ، أم هذا التفاؤل عليه أن يكون حذرا ، ويعتبر استباقا للأحداث ، وعليهم الانتظار ثمانية عشر شهراً ، حسب ما تقول منظمة الصحة العالمية ، لحين اجتياز اللقاح للمرحلة الثالثة من الاختبارات لنتأكد من مدى فعاليته وقدرته على إعطاء المناعة للجسم ضد الفيروس ..

هل يمكن أن يكون التنافس السياسي والاقتصادي قد وصل إلى حد المجازفة بحياة مليار شخص قد يأخذون اللقاح ، في سبيل تحقيق سمعة السبق وإحراز المركز الأول ، وجني المليارات ثمناً للقاح غير فعال ، أم أن روسيا بالفعل قد استحقت هذا السبق ببحوثها وأن اللقاح بالخطوات التي مر بها هو اللقاح الأول الذي سيقف في وجه كوفيد 19 ، وسيجعل العالم يرفع القبعات لها كمنقذ للبشرية ، وسحب البساط من تحت أقدام الدول الأخرى التي قطعت أشواطا لا بأس بها في البحوث والتجارب للتوصل للقاح لهذا الفيروس .. وهي من أول المشككين في فعالية اللقاح الروسي ، وأن أمر الإعلان الرسمي جاء مستعجلاً ، وحذرت الدول من الانجرار وراءه والمغامرة بإعطائه لمواطنيها...

كل الأنظار والآمال كانت باتجاه المختبرات العالمية التي أعلنت عن إحراز أي تقدم في بحوثها ، في سبيل التوصل للقاح ضد الفيروس ، وبمجرد الإعلان عن اللقاح ، باتت الأغلبية مشككة فيه ، ونحن في الدول العربية والنامية ، نحتفظ بمقعد المشاهد الذي ينتظر الآخر ليقدم لنا الحل والعلاج ، فنتهافت على شرائه ، ونمارس سلوكنا الاستهلاكي لأبعد الحدود ، ونجيد الانقسام حول مؤيد ومدافع عن اللقاح الروسي ، أو مشكك فيه ، بل وربط ذلك بالسياسة التي تتبعها روسيا في سوريا والدول العربية ، وأن دولة بتلك السياسة لا يمكن أن يكون إعلانها حقيقي ، بل هو كذب وافتراء ومحض سياسة واقتصاد .. لم هذا القدر من التشكيك باللقاح الروسي ، هل هي المرة الأولى التي يتوصل فيها الروس لاختراع أو علاج ؟؟ ولم تكون السياسة الروسية في العالم سبباً في الإعراض عن اللقاح أو التشكيك في مصداقية روسيا ، هل هذا اللقاح هو الشيء الوحيد الذي تنتجه روسيا ونستخدمه كعرب ؟؟؟ وهل سيكون الصلة الوحيدة لنا مع روسيا ؟؟ وهل ننكر وجود الآلة الروسية إلى جانب الصينية في مواجهة الأمريكية كقوة ردع ... مع ادراكنا للهدف منها في توازن القوى وتحقيق المصالح...

ما ينشر على الإعلام من أخبار متضاربة أصاب الجميع بالحيرة ، لا نعرف مدى دقة المعلومات المتداولة ، ومدى نجاعة اللقاح ، قسم من المواطنين غير متأكدة حتى الآن من خطورة الفيروس ، وأنه فعلا جائحة أدت إلى هذا الإرباك العالمي ، وقسم آخر يعتقد بوجود اللقاحات سابقاً ولكن الإعلان عنها سيأتي وفق مخططات معينة لتحقيق أهداف خفية ، وفي توقيت خاص ، وقسم يصدق كل ما يسمع ، هناك فيروس خطير ، وينتظر اكتشاف اللقاح ، وشعر بالارتياح للإعلان الروسي ، أما الحقيقة فلا يعلمها أحد ، ولا نملك سوى الانتظار لنعرف نتيجة اللقاح على من سيحقنون به ، وربما ننتظر الدور للحصول عليه ، أو ربما الإعلان عن لقاحات أخرى من دول أخرى ، السؤال الذي يتبادر لذهني الآن ، هل لو تم الإعلان من دولة أخرى غير روسيا عن أول لقاح لفيروس كورونا ، كانت الآراء الدولية ستكون بالمثل ؟؟ سؤال لن تتم الإجابة عليه ، لأن روسيا أول من أعلن بكل بساطة .... سنتتبع مسار سبوتنك كوفيد19 ، لنرى كم سيصمد وينجح ، ونأمل أن يكون بنجاح ذلك القمر الصناعي .. ليس لأنه روسي المصدر ، بل لأن أرواح البشر هي المقصد .. ماا لمانع أن يكون العلاج روسيا ، بدلا من أن تكون فقط ...الأسلحة روسية...