عائلات رُحّلت من "بتّير" على خلفية جريمة قتل.. تناشد الرئيس عبر "وطن" إعادتها للبلدة

15/07/2020

بيت لحم-وطن للأنباء: بين ليلة وضحاها، تحولت مجموعة من المباني والبيوت في بلدة بتّير في محافظة بيت لحم الى كتلة من النار الملتهب، بيوت حرقت وعائلات هجرت، وذلك بعد مقتل الشاب مالك قطوش في الثامن عشر من آب/أغسطس عام  2018.

على إثر الحادثة شردت عائلة "عوينة" بعد اتهام أحد أبنائها بإطلاق النار، وأحرق عدد من منازلها وهجّر نحو 86 فردا منها.

وفور توقيع "صك الصل " بحضور عشائر المحافظة والجهات الرسمية تقرر إجلاء تسع أُسر من عائلة "العوينة" من البلدة لمدة عامٍ ودفعٍ دية مالية لعائلة المغدور، مضى أكثر من عامين على الجريمة ولم تعد سوى أُسر فقط  للبلدة فيما بقيت سبع أُسر خارج البلدة.

عائلة عوينة طرقت جميع الأبواب لكن دون مجيب، وهنا قررت عائلة أحمد محمد الشيخ التي لجأت إلى مخيم الدهيشة التوجه إلى وطن للأنباء وإطلاق مناشدة عاجلة إلى الرئيس ولكافة الجهات الحقوقية من أجل إنصافها وإعادتها الى بيتها في بتير.

ويقول الخمسيني أحمد الشيخ: إجراءات عديدة اتخذت في إطار تطويق هذه الحادثة ومن بينها هدنة لمدة عام جددت مرة أخرى، رغم أن المتهم بقي موقوفا لدى السلطة الفلسطينية وتجري محاكمته.

لكن أكثر من يؤلم عائلة أحمد الشيخ أن اسمها زجّ في قضية القتل رغم أن أبنائها لم يتواجدوا في مكان الجريمة وقت وقوعها.

وأضاف الشيخ: "هناك إجماع عام على أن العودة إلى منازلنا واجب وطني وإنساني وأخلاقي، مؤكدًا ضرورة إنهاء عادات ترحيل عائلات بأكملها بهذه الطريقة، لا سيما أن العائلات المهجرة ليس لها ذنب!"

محافظة بيت لحم لم ترد!!

توجهنا إلى محافظة بيت لحم، لأخذ تعقيب من المحافظ على القضية، لكن المحافظ لم يكن موجودا.. اتصلنا به أكثر من مرة ولم يجب!

الهيئة المستقلة: المطلوب تشكيل لجنة وطنية لإنهاء ملف العائلات "المجلاة" ووضع حدٍ لظاهرة "فورة الدم"

بعدها قررنا التوجه إلى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في رام الله، والتي أكدت لـوطن للأنباء أنه يجب محاسبة من ارتكب الجريمة لكن في ذات الوقت من غير المقبول الاستمرار في سياسية ما بات يعرف "بفورة الدم" وحرق البيوت وإجلاء العائلات غير المذنبة.

وأكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان د.عمّار دويك أن الهيئة تابعت القضية التي وقعت في بلدة "بتير" وأن ما جرى في هذه البلدة أن "القضاء العشائري" أصدر أحكاما نحن نراها في الهيئة مجحفة بحق عائلات المتهمين بالقتل، حيث تضمنت تهجير حوالي تسعين فرداً "رجال ونساء وأطفال وشيوخ" من أماكن سكنهم، والآن بعد مرور عامين على جريمة القتل ما زال نحو خمسين شخصاً من عائلات المتهمين ما زالوا خارج بيوتهم وأصبحوا "لاجئين" في أرضهم.

كما أكد دويك أن الهيئة تدخلت أكثر من مرة، حيث خاطبت محافظ بيت لحم ورئيس الوزراء ووزير الداخلية وتم التواصل مع مستشار الرئيس لشؤون المحافظات، وكانت بعض المحاولات من أجل إعادة العائلات، لكن للأسف تم إعادة أُسؤتين فقط من أصل تسعة تم تهجيرها خارج البلدة!

مشيراً في الوقت ذاته إلى أن حديث محافظة بيت لحم كان حو عدم ضمانها سلامة عودة العائلات المهجرّة الى بلدتهم بسبب أنها تقع خارج نطاق سيطرة الأجهزة الأمنية وهي مناطق مصنفة "ج".

وأكد دويك أن هذا الأمر ليس مبررا كافيا، وهذا أمر غير مقبول بأن يتم إيقاع عقوبات جماعية ومعاقبتهم على أفعال غيرهم وطردهم من بيتوتهم وتهجيرهم من بيتوهم، في وقت نحن بأمس الحاجة لتعزيز صمود المواطن في أرضه، مؤكدا أنه إذا كان هناك إرادة سياسية لإعادة المهجّرين إلى بيوتهم فيمكن إعادتهم بفرض قوة القانون.

كما طالب مدير عام الهيئة المستقلة الرئيس محمود عباس بتشكيل لجنة وطنية تضم "المحافظين وممثلين عن العشائر وممثلين عن الأجهزة الأمنية" من أجل دراسة ملف العائلات التي تم إجلائها من بيتوتها نتيجة جرائم القتل، والعمل على وضع ترتيبات لعودتها، وأيضا أن يتم وضع حد لظاهرة "الجلوة" بشكلٍ مطلق ومنعها بالقانون، وحظر ما يسمى بـ"فورة الدم" واعتبارها جريمة وملاحقة أي شخص يرتكب أفعالاً ضد الآخرين تحت مسماها.

كما أكد دويك أن ما نشهده اليوم من ممارسات من قبل "القضاء العشائري"، تشمل:

أولاً أنه يوقع عقوبات جماعية على عائلات ليست لها علاقة بالفعل.

ثانياً أنه يقرر إيقاع هذه العقوبات قبل أن تكون هناك محاكمة عادلة، وأنه يقدم موضوع السلم الأهلي على حساب العدالة، وبالتالي يقع ظلم على عائلات كثيرة، وهذا الأمر ناتج بسبب ضعف سيادة القانون وضعف أجهزة إنفاذ القانون، وضعف القضاء وسرعة التقاضي، ونطالب بأن يكون هناك حل جذري لهذه الأمروي، ووجود ميثاق شرف فلسطيني ومحمي بقوة القانون يمنع هذه الظواهر ويجرم ما يمسى بـ"فورة الدم والجلوة".

كما أكد دويك ان قصة عائلة "عوينة" هي شهادة بفشل منظومة سيادة القانون في فلسطين، بسبب تدخل جهات عشائرية متنفذة، وبعض المتنفذين لعبوا دورا سلبيا في الوصول إلى حلٍ لهذه القضية وتقوية طرف على طرفٍ آخر، وأيضا ضعف الإرادة السياسية بانفاذ القانون.

كما توجه دويك إلى عائلة "قطوش" بالتعزية بفقيدهم، مؤكداً ضرورة إنزال العقوبة على مرتكب الجريمة... مناشداً العائلة بإخلاق الشعب الفلسطيني المتسامحة وبالقيم الدينية المتسامحة وأيضا بحكم النسب والقرى بين هاتين العائلتين، أن يعيدوا النظر في هذا الموضوع وأن يسمحوا بعودة العائلات المجلاة إلى بيوتها ووضع حد لهذه المأساة.

وإلى حين الاستجابة لنداء أُسرة أحمد الشيخ، ستبقى هذه الأسرة بأطفالها ونسائها وشيوخها، تعيش في ظروف إنسانية واقتصادية صعبة، حالها حال العشرات من العائلات التي تعيش ذات الظروف وذات الوضع عند وقوع أية جريمة قتل.