اقتلاع البدو بسبب تنكيل المستوطنين- بقلم: عميرة هاس/ هآرتس

03/09/2011

هذا مشهد كرر نفسه أربع مرات بين 25 – 27 تموز: نزلاء أربع خيام بدو، قرب قرية مخماس شرقي رام الله، طووا خيامهم، انتزعوا الاعمدة، فككوا صفائح الصاج، أفرغوا محتويات الخزائن، فككوها هي ايضا وحملوا كل شيء على عربات مربوطة بجرارات وبعض السيارات. نزلاء الخيام – 19 عائلة، 127 نفس بينهم 81 طفل – تركوا التلال التي كانت بيتهم. بقايا قليلة تدل على انه قبل خمسة اسابيع كان يعيش أناس في السهول الاربعة على جانبي طريق الون، وحظيت بالاسم الاجمالي البقعة: حجارة العلامات التي كانت بين الخيام، وعاء كبير لسقي الماشية، تلفزيون محطم، دمية مجعدة الرأس.

نزلاء خيمتين من بين الخيام الاربعة نزلوا في اراضي قرية رامون قرب مفترق الطيبة. ثماني عائلات من الخيمتين الاخريين نزلوا في اراضي قرية جبع قرب قرية بدوية قائمة. عائلة اخرى وجدت مأوى في سفوح قرية مخماس. بعد قليل سيكونون جميعهم مطالبين بتفكيك خيامهم والمغادرة عندما سيبدأ سكان القرى المضيفة اعمال الحرث والزرع لاراضيهم حيث نصبت الخيام. وعندها، الى اين؟ ليس واضحا.

على مدى نحو 30 سنة توجد هذه العائلات من عشائر قُراب، عراعرة ومليحات في عملية مستمرة من الاقتلاع والتقليص لاراضي الرعي التي تحت تصرفهم. بسبب مستوطنة بنيت، او اعلان عن منطقة عسكرية، او اغلاق مصدر للمياه. لماذا غادرتم، سُئل خضر كعابنة (من عشيرة قُراب) من الخيمة التي على اراضي جبع. "من الخوف"، لا يخشى القول، وطلب الا تلتقط له الصور.

في 19 تموز اعتدت على عائلته مجموعة اسرائيليين غير مسلحين، اجتاحوا الخيمة على حد الشهادات، طلبوا أوعية الحليب وأكياس الدقيق والارز، حطموا أبواب الخزانة وقلبوا مهدا كان يضم رضيعا. لشدة الحظ كان ملفوفا ببطانية، ولم يتضرر عند سقوطه على الارض. وبشكل عجيب، معظم الرجال كانوا في رام الله في تلك الساعة، ولم يكن هناك غير النساء، الاطفال والفتيان الذين رشقوا الحجارة على المعتدين.

شرطة اسرائيل اعتقلت ثلاثة. خليل كعابنة، ابن 15 ونصف، وشقيقه يوسف، ابن عشرين وابن عمه احمد ابن 16 ونصف. محكمة عسكرية ومحكمة استئناف عسكرية برئاسة نائب الرئيس القاضي، المقدم نتنئيل بنيشو، أمرتا باستمرار اعتقالهم حتى نهاية الاجراءات القانونية. التهمة: واحد رشق حجارة فأصاب قدم اسرائيلي، هرئيل زند، من سكان البؤرة الاستيطانية غير المسموح بها متسبيه داني. الاخران رشقا حجارة اصاب احدها صدر الشرطي العريف آفي بن عامي. لائحة الاتهام تستند الى اقوال بن عامي، الذي كان في المكان منذ بداية الحدث تقريبا، وهو يلبس الملابس المدنية. ويقول نزلاء الخيمة انه وقف الى جانب الاسرائيليين المعتدين وعرف نفسه كشرطي في النهاية فقط. في لائحت الاتهام تذكر ايضا البؤرة الاستيطانية متسبيه حجيت.

في قرار بنيشو، عدم قبول استئناف المحامي ناجي عامر ضد الاعتقال حتى نهاية الاجراءات القانونية، كتب ان بن عامي وصل الى المكان "بعد أن تلقى تقريرا بان بعض سكان المستوطنة يعتزمون النزول باتجاه الخيمة. عندما وصل الى المكان شهد جدالا بين ثلاثة من سكان المستوطنة ومجموعة من سكان الخيمة واقترب الشرطي من اولئك الاشخاص وعرف نفسه من خلال هويته.  فجأة وصلت سيارة اخرى مع أربعة مستوطنين. نزلوا من السيارة، ركضوا نحو المجموعة وبدأوا يصرخون وركلوا اوعية الحليب في مقدمة الخيمة. في هذه المرحلة لاحظ الشرطي الفتيان الثلاثة الذين بدأوا يرشقون حجارة كبيرة على المستوطنين. وحسب الشرطي، استفز المستوطنون سكان الخيمة وطاردوهم، دون أن يرشقوا نحوهم حجارة أو يتخذوا عنفا اضافيا". ابناء كعابنة يشهدون بان احدى الاطفال، ابنة 11، اصيبت وكسرت عظمة بحجر رشقه المستوطنون وطفلان آخران اصيبا بالصدمة.

الحقيقة الوحيدة المتفق عليها هي أن المستوطنين يتهمون نزلاء الخيمة باشعال حرائق قرب البؤرة الاستيطانية. نزلاء الخيمة ينفون بكل حزم العلاقة بثلاثة حرائق نشبت في 11، 14 و 17 تموز وادعوا بانهم لم يصلوا الى مناطق زراعية أو مبنية.

وسبق الحرائق الثلاثة حريق في خيمة بدوية اخرى في مغاير الدير، في الجانب الشمالي من بؤرة متسبيه داني الاستيطانية. في 11 تموز، في 11 ليلا، احرق مجهولون نحو 40 طن من المحاصيل لاحد السكان. بعد اسبوعين من ذلك هدمت الادارة المدنية في المكان منزلا وحظيرة لسكان آخرين بدعوى أنهما يوجدان في منطقة تدريبات عسكرية.

الموعد القريب بين اعتداء المستوطنين والمجهولين واوامر الهدم او وقف العمل يبدو لنزلاء الخيام ليس صدفة. في 24 تموز، سلم مراقبو الادارة المدنية خيمة كعابنة اوامر وقف عمل (التي تسبق دوما اوامر الهدم) للخيمة وللحظيرة. وحسب السكان، فان هذين المبنيين قائمان منذ سنين. في 24 تموز ليلا دخلت شاحنة تيوتا بيضاء الى الخيمة. رجال مسلحون، يلبسون ملابس غامقة، ايقظوا نزلاء الخيمة، اوقفوهم في صف وصوروهم الواحد الى جانب الاخر بمن فيهم الاطفال. وحسب السكان أمروهم ايضا بالمغادرة خشية احتراق الخيمة.

في 25 تموز غادر اناس كعابنة المكان. حتى 27 تموز غادرت ايضا الخيام الثلاثة المجاورة. "اذا جاءوا ليعتدوا علينا أيضا فليس هناك من يحمينا"، شرحت القرار عائشة حماد، من قرية عشيرة عراعرة. فهم يواصلون اخافتنا كل الليل، كما تعترف، حتى في الخيمة – الملجأ التي اقاموها خشية أن يأتي مستوطنون ويعتدون عليهم. والدليل: في 20 آب طفل ابن 12 يعيل عائلته برعي الماشية في خيمة مجاورة اعتدي عليه في وضح النهار من قبل شبان اسرائيليين قرب بؤرة ميجرون الاستيطانية. وهو يعاني من جرحين عميقين في رأسه ورضوض في صدره. المشبوهون حقق معهم، ولكنهم احتفظوا بحق الصمت واخلي سبيلهم.

في 24 تموز، عندما جلب مراقبو الادارة المدنية الى عائلة كعابنة أوامر وقف عمل، سألهم أحد الاشقاء: "إذن الى اين سنذهب؟" وعلى حد قوله أجابه احد الجنود: "اذا لم يكن هنا خير لكم، فاذهبوا الى سوريا، الى الاردن، اذهبوا الى عبدالله".

وعقبت الادارة المدنية بالقول انه "في اطار دورية وحدة الرقابة عثر على اربعة نطاقات جديدة غير قانونية في المكان الذي هو في معظمه إن لم يكن كله غير قانوني. للمباني بدء باجراء فرض القانون في أعقابه قرر السكان في المكان اخلائها بشكل مستقل. بعد فحص اجري، لم يتبين أي تعبير لما يدعيه التقرير".