لجان الطوارئ بحاجة للتصويب، ويجب أن لا تكون بديلة عن أجهزة الدولة، وتمديد حالة الطوارئ مخالف للقانون

27/04/2020

 

رام الله- وطن للأنباء: أكد مدير عام الهيئة المستقلة د.عمار دويك على ضرورة تصويب أوضاع لجان الطوارئ التي تم تشكيلها خلال أزمة كورونا، بحيث لا تكون عبارة عن مجموعات موازية أو بديلة عن الدولة، فيما اعتبر استاذ القانون الإداري د.أحمد خالد أن هناك عدة اشكاليات تواجه لجان الطوارئ ويجب معالجتها، كما اعتبر أن تمديد حالة الطوارئ مخالف للقانون، وأنه وظيفة حصرية للمجلس التشريعي.

جاء ذلك خلال برنامج "عدل" الذي يقدمه المحامي أنس الكسواني، ويبث عبر شبكة وطن الإعلامية، بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

وقال دويك إن لجان الطوارئ شكلت في سياق حالة الطوارئ، لمنع انتشار فيروس كورونا، خاصة في المناطق التي لا تسطيع الاجهزة الامنية الوصول إليها، حيث وجدنا أن هذه اللجان التي بدأت بالتوسع يوجد عدة اشكاليات في عملها مع عدم التقليل في دورها وأهميتها في مواجهة الفيروس وتخفيف الاعباء الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع او من خلال رفع الوعي بضرورة الالتزام بالوقاية، وقد سجلنا العديد من الملاحظات على عملها، وقلنا اذا ارادت الاستمرار لفترة أطول فقد آن الاوان لتصويب أوضاعها.

وأكد أن هناك ضرورة استوجبت تشكيل لجان الطوارئ، والآن يجب تصويب وضعها وتطوير عملها، ووقف اي عمل او تدخلات تقع ضمن مسؤولية الضابطة القضائية والمؤسسة الامنية.

وأوضح أن هناك عدة جوانب لتصويب أوضاع لجان الطوارئ، أولاً من حيث وضعها القانوني ومرجعيتها القانونية، فهي تعمل بمرجعيات مختلفة من محافظة الى اخرى، بعضها تتبع المحافظ واخرى تتبع الهيئة المحلية ، وبعضها يتبع التنظيم، وبعضها المجتمع المحلي ، بالتالي لا يوجد وضوح في مرجعيتها القانونية.

ثانيا: تركيبة اللجان أنها لجان عمل تطوعي وعلى الجميع ممن يستطيع أن يشارك بها بدون تمييز، وفي كثير من الاشخاص توجهوا للمشاركة فيها ولكن تم رفض طلباتهم، دون توضيح المعايير التي يتم فيها قبول اشخاص او استبعاد آخرين من المشاركة في هذه اللجان.

ثالثا: في المجتمعات المحلية يوجد اتحادات ونقابات واطر نسوية ومجموعات تطوعية وشبابية واندية رياضية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها بالتالي يمكن الاستفادة من طاقاتهم وادماجهم في العمل التطوعي بشكل منظم اكثر.

رابعا: بعض اللجان مارست وتمارس بعض مهام الاجهزة الامنية والضابطة الادارية ، حيث تقوم بنصب حواجز او تشارك في الحواجز العسكرية وتفتيش المركبات ومنع المواطنين من التنقل، وهذا يجب ان يكون من مهام أجهزة انفاذ القانون وليس من مهام لجان التطوع، بالتالي نحن لا نريد في فلسطين ان يصبح لدينا تشكيلات موازية للدولة، بل نريد اجهزة واضحة للدولة نستطيع مساءلتها.

خامسا: التبرعات النقدية والعينية واعادة توزيعها، هذا عمل مشكور وهناك حاجة له، لكن يجب ضبطه بشكل اكبر بما يستبعد اي شبهات او ادعاءات بالتمييز في التوزيع، ويمكن ضبط ذلك من خلال وضع التبرعات تحت مظلة التنمية الاجتماعية التي لديها الكشوفات واسماء العائلات المحتاجة، او وضعها تحت تصرف لجان الزكاة التي لديها الخبرة ومنظمة وفق القانون أو ان يتم تنظيمها بلائحة سلوك أو عمل ترتيبي يضمن شفافيتها وتحديد المعايير في التوزيع بما لا يدع مجالا للشك في عملها.

وقال دويك إنه في استطلاع نشر قبل ايام اشار الى رضا كبير عن عمل الحكومة، لكن اشار أن نسبة 21% فقط راضين عن توزيع لجان الطوارئ للطرود الغذائية، لذلك يجب ان ينظر الى هذا بحساسية كبيرة. مشددا على ضرورة أن تتوفر العدالة في توزيع المساعدات، لان غيابها سيضر بالسلم الأهلي.

وأشار إلى أن الخوف بعد انتهاء الجائحة ان يشعر الفرد في لجان الطوارئ ان لديه سلطة ويتصرف كضابط، لذلك لدينا عناصر امنية وضباط لديهم خبرة ومهنية يمكن توزيعهم على الحواجز اذا كانت هناك حاجة، ويجب حل أي لجان تمارس عمل أمني، وابقاء ذلك من اختصاص جهات انفاذ القانون والمؤسسة الأمنية.

وأوضح دويك أنه يبقى عمل لجان الطوارئ في مساندة الجهات الرسمية في العمل المدني، مثل توزيع الطرود الغذائية والمساعدات. لافتا إلى ضرورة النظر الى الجانب النقدي بحساسية عالية، وأن لا تتعامل لجان الطوارئ بها، لأنه يجب ان يكون لها اجراءات تضبطها لمنع الدخول بالاتهامات او شبهات بالفساد.

وأكد أنه طالما اللجان تقوم بعملها، يجب على الدولة اعطاءها الغطاء في العمل وان يكون هناك خط واضح يمكّن المواطن من تقديم اي شكوى ضد هذه اللجان والتحقيق السريع والمحايد واتخاذ الاجراء المناسب، بهدف منع أي تطور للمشكلات الصغيرة الى مشكلات كبيرة.

وقال إنه يجب وضع مدونة سلوك تحدد التزامات الفرد الذي يعمل في لجان الطوارئ ، وقرار وزير الداخلية رقم 1 لسنة 2011 حدد الواجبات للعاملين في لجان التطوع، بالتالي بالإمكان  الاعتماد عليها وتطويرها.

وأضاف دويك أن الظروف الطارئة التي واكبت انتشار الفايروس في فلسطين، أدت لاتخاذ مثل هذا الاجراء في فلسطين ، والآن نريد دولة تحتكم الى القانون ونريد مرجعية قانونية واضحة لعمل لجان الطوارئ، ولا نريد مجموعات او تشكيلات موازية او بديلة عن الدولة.

وأشار إلى أنه عندما كانت الاردن تحكم الضفة قبل عام 1967، تم وضع قانون للحرس الوطني وللتشكيلات العسكرية الطوعية التي تم تشكيلها في القرى المحاذية لحدود 1948، لحماية القرى، وتم وضع لها مرجعية بحيث يرأسها ضابط من الجيش الاردني، ويتم تسليحها من قبل الجيش الأردني وتم وضع حدود صلاحياتها.

وأكد على ضرورة أن تتعامل أجهزة الدولة بنفس المستوى مع جميع الفئات والتنظيمات، فمثلا تم اعتقال شخص من طولكرم ينتمي لتنظيم معين لان يقوم بجمع تبرعات وتوزيعها، وتم وضعه في السجن لحد الان وقالوا انه لا يعمل ضمن المؤسسة الرسمية، في المقابل نجد هناك تساهل مع تنظيمات اخرى في هذا الموضوع.

وقال: هناك حساسية في فلسطين من قيام بعض الاحزاب بعمل خيري تحديدا حماس في الضفة، لانه تم منعها بعد الانقسام واصبح هناك فصل بين العمل السياسي والعمل التطوعي الخيري، بالتالي يجب ان يتم تطبيق هذه القاعدة على جميع الفصائل والاحزاب دون تمييز.  

وفيما يتعلق بقانونية تمديد حالة الطوارئ، قال دويك إن الهيئة ارسلت خطابا للرئيس، قالت فيه أنه عندما تم اعلان حالة الطوارئ في البداية أبدينا تفهمنا لذلك لاننا كنا في ظرف صحي غير مسبوق، مما يتطلب اجراءات استثنائية، حيث كانت الاجراءات في حينها استبقاية وصحيحة، لكن عندما تم تمديد حالة الطوارئ لم نعلن موقفنا لانه لم تكن واضحة قانونيا ، خاصة هذه اول مرة يقوم فيها الرئيس باصدار قرار ذات صفة الاغلبية الموصوفة "الثلثين" لان تمديد حالة الطوارئ تحتاج لموافقة الثلثين في المجلس التشريعي.

وأكد أنه بعد انتهاء مدة الـ 60 يوما من حالة الطوارئ لا يوجد اي اساس لتمديد حالة الطوارئ مجدداً.

د. احمد خالد: تمديد حالة الطوارئ للمرة الثانية مخالف للقانون

من جانبه، قال استاذ القانون الإداري في جامعة بيرزيت د. احمد خالد إن لجان الطوارئ لا يجب أن تكون مفوضة لأنه لا ينطبق عليها اي أداة من أدوات اعادة توزيع الاختصاص.

وأكد خالد أنه لم يتم الاستناد في تشكيل لجان عمل الطوارئ الى قانون الدفاع المدني وقرار وزير الداخلية رقم 1 لسنة 2011، إضافة إلى غياب المشاركة المجتمعية فيها مثل الاندية والمؤسسات والاطر والاتحادات وغيرها .

وأوضح أنه وفق القانون لا يوجد سلطة بدون مسؤولية ولا يوجد مسؤولية بدون سلطة، لكن الأخطر أنه في قرار وزير الداخلية وقانون الدفاع المدني، هناك غياب للمسؤولية، بالتالي اذا نتج تجاوز في عمل لجان الطوارئ، من سيتحمل المسؤولية وأمام من؟.

ورأى أنه لم يتم الاستناد لقرار وزير الداخلية خاصة في موضوع المشاركة المجتمعية، وتم اغفال المسؤولية القانونية وجهة المحاسبة في تشكيل لجان الطوارئ. مضيفاً: قرار وزير الداخلية حدد بضرورة إصدار نظام ينظم عمل المتطوعين، لكن هذا النظام لم يصدر حتى الآن.

وشدد خالد على ضرورة تحديد التبعية القانونية للجان الطوارئ حتى يتمكن المواطن من محاسبتها في حال الانتهاك، كما يجب تحديد حدود مسؤولياتها.

وقال إن لجان الطوارئ هي مشكلة من اجهزة الدولة، بالتالي الدولة مسؤولة عن اعمالها، وينطبق عليها النص في القانون الاساسي الذي يؤكد ان السلطة تضمن تعويض عادل لاي تجاوز لهذه السلطة، لكن لا يجب فقط التعويض بل محاسبتها اذا حصل تجاوز، لان العاملين في لجان الطوارئ يعتبرون موظفون في عمل عام، لذلك يجب ان يحترم القانون وان يسأل الشخص اذا تجاوز القانون .

وحول تمديد حالة الطوارئ، أكد خالد أن تمديد حالة الطوارئ كان مخالفا للقانون، إذ أن دور المجلس التشريعي هو تشريعي ورقابي، وبرأيي المادة 43 تعطي الرئيس صلاحية التشريع وليس الرقابة، بدليل النص واضح ان الغاية هي تنظيمية تشريعية لها قوة القانون ، والقانون يصدر عن المجلس التشريعي.

وأضاف: بالتالي تمديد حالة الطوارئ هذه وظيفة رقابية لا يجوز للرئيس ان يمارسها بعيدا عن المجلس التشريعي لان المادة 43 من القانون الاساسي لا تخوله ذلك. مشيرا إلى أن تمديد الرئيس حالة الطوارئ ثم يصدر قرارا بقانون بالمصادقة على مرسوم حالة الطوارئ، قد اعطى لنفسه صلاحية المجلس التشريعي الرقابية وهذه غير موجودة له في الدستور.

وأوضح أن البديل لتمديد حالة الطوارئ هو اللجوء إلى أجراءات الضبط الإداري، حيث ان الصحة العامة هي احد عناصر النظام العام بالتالي يمكن اللجوء الى قانون الصحة العامة بمجموعة من الاجراءات دون اللجوء الى حالة الطوارئ.