عبد الفتاح البرهان ورحلة البحث عن "السلام" في ديار الإرهاب!

14/02/2020

رام الله-وطن للأنباء: اعتبر رئيس المجلس الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، أن لقاءه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أتى "في إطار بحث السودان عن مصالحه الوطنية والأمنية" ورفع اسمه عن لائحة الإرهاب. مؤكداً أن الاتصالات مع إسرائيل لن تنقطع.

تجاوز البرهان كل منطق، في تصريحاته التي نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط" اليوم الجمعة، عندما اعتقد أنّ مشاكل السودان تُحل في تل أبيب، وليس في السودان ذاته؟! الذي يعاني من تخلف في التنمية، وحروباً أهلية، ساهمت إسرائيل -باعترافها- أكثر من غيرها في استعارها، ومن ثم في تفتيته، عندما دعمت انفصال الجنوب على أسس طائفية، وكانت من أوائل المعترفين به كدولة مستقلة!

ولكن ما أصاب البرهان، مر به من قبل الكثير من القادة العرب، عندما اعتقدوا أنّ المشكلة جزء من الحل، وأنّ إسرائيل التي كانت مفاعل المشاكل للسودان، هي الحل! وآخر من أصيبوا بهذا المرض، كان الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي تعالت أصوات التطبيع في أواخر عهده، دون أن يردعها أو يصحح نشازها، معتقداً أنّ تلك الأصوات مفيدة له للوصول إلى قلب حاكم البيت الأبيض، ولكن سبق السيف العذل، ولم يهنأ البشير بتلك العاطفة تجاه دولة الاحتلال، وها هو اليوم يُقدّم ذليلاً من أزلامه لمحكمة الجنايات الدولية.

فالبرهان، لم تنجيه دروس التاريخ، عندما تمادى في خطوته غير المجدية، وكانت أولى تحركاته السياسية باتجاه تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، وسعياً لإقامة سلام معها، على الرغم من أن السودان الواحد، أحوج ما يكون لعملية سلام داخلي بين أطرافه، تليها خطط لمواجهة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يمر به. ولكن البرهان، قدّم إسرائيل على وطنه، وقفز عن جميع الأزمات، وذهب للبحث عن شرعية لحكمه لدى نتنياهو، ليس لأجل السودان، ولكن لأجل البرهان نفسه، الذي يظل حكمه أيلاً للسقوط، ما لم يبحث عن شرعية وطنية (بدلاً من شرعية تل أبيب) تنجيه مما اقترفت يداه.

أما السلام الذي يحتاجه السودان، قد يكون في الاتجاهات الستة، ولكنه حتماً ليس باتجاه تل أبيب، فمن أراد مصلحة السودان، عليه أن يغلق الباب في وجه إسرائيل وموسادها أولاً، وإلّا لن يخرج السودان من حالة الاحتراب الداخلي والتخلّف. ونستدل بذلك، بالكتاب الذي صدر في تل أبيب في أكتوبر 2015، تحت عنوان "مهمة الموساد في جنوب السودان"، والذي يؤرخ لدور الضابط في "الموساد"، داڤيد بن عوزئيل، في تدريب الانفصاليين الجنوبيين وتوجيههم وتسليحهم، منذ ستينيات القرن الماضي، وصولاً إلى "استقلالهم" في عام 2011، الأمر الذي يعدّ بحسب الكتاب "إنجازاً إسرائيلياً ونجاحاً خاصاً للموساد".

ولكن البرهان، لا يهمه تاريخ السودان ووحدته وسلامه، ما دام زُيّن له الإرهاب الصهيوني، لنجدته من تهمة الإرهاب، لتفعل إسرائيل بالسودان علناً ورسمياً، ما كانت تفعله بخجل.

فإسرائيل، بالنسبة للسودان، ولغيرها من الدول العربية، هي ديار إرهاب وتفتيت ومؤامرات... ولم تكن ديار سلام، سوى في عقيدة جنرالات الهزيمة، الذي يعانون من عقدة الدونية أمام جلاديهم.