عمليات هدم المنازل الأخيرة التي قامت بها "إسرائيل" تبرز الحاجة إلى رقابة الأمم المتحدة

27/07/2019

وطن للأنباء- ترجمة خاصة -آلاء راضي:

كتب: كامل حواش

في 22 تموز 2019، بدأت فرق الهدم الإسرائيلية العمل في وقت مبكر في حي وادي الحمص في قرية صور باهر في الضفة الغربية المحتلة، وشارك في العملية جيش صغير نسبياً مكون من 700 شرطي و 200 جندي.

وكانت المهمة المخادعة تتمثل في هدم 16 مبنى سكنيا، يحوي قرابة ال 100 وحدة سكنية، والتي زعمت "إسرائيل" أنها بُنيت بدون تصاريح، وقريبة جداً من جدار الفصل الذي يفصل الفلسطينيين عن غيرهم من الفلسطينيين، والذي أُعلن أنه غير قانوني بموجب محكمة العدل الدولية في عام 2010.

وشكلت صور العشرات من الفلسطينيين الذين ابتعدوا عن منازلهم بالبكاء والاستخدام المذهل للانفجارات لإسقاط المباني، صدمة للجميع، باستثناء مؤيدي إسرائيل والمتحمسين لأعمالها الشنيعة.

وما كان أكثر صدمة، هي صور الفيديو للقادة الإسرائيليين وهم يبتسمون ويهنئون أنفسهم على الجريمة، والذين كانوا متوجهين الى بيوتهم التي ربما تقع في المستوطنات غير الشرعية، من بعد ان قاموا بإلقاء عشرات العائلات والرجال والنساء والأطفال في الشوارع.

وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، يلخص هذا الموقف كيف أن إسرائيل دولة شرسة وعنيفة، ترى أن الفلسطينيين لا يتمتعون بأي حقوق بينما يوفرون لليهود الإسرائيليين حقوقا كاملة، سواء كانوا يعيشون في إسرائيل أو يعيشون في مستعمرات غير قانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

إدانة سريعة ومباشرة لعميات الهدم الاسرائيلية

إدانة العمل الإسرائيلي كانت سريعة، وقال صالح حجازي، نائب مدير المكتب الاقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إن عمليات الهدم هذه تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وجزءاً من نمط منهجي تقوم به السلطات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين بالقوة في الأراضي المحتلة، ومثل هذه الأعمال ترقى إلى جرائم حرب ".

كما أدان رئيس الوزراء الفلسطيني عمليات الهدم ووصفها بأنها "جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية"، ووعد بأخذ ملف عمليات الهدم إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقد أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن حزنه إزاء عمليات الهدم، وأكد أن "سياسة إسرائيل في تدمير الممتلكات الفلسطينية لا تتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي".

وتمت ملاحظة صمت الإدارة الأمريكية إزاء عمليات الهدم، ومع ذلك فإن السفير الأمريكي لدى إسرائيل والمؤيد لإسرائيل وعمليات الاستيطان، ديفيد فريدمان، كسر أخيراً هذا الصمت ليس للتعبير عن الحزن أو لإدانة إسرائيل بل للدفاع عن قرارها، وقام بالتغريد مدعياً أن عمليات الهدم لم تنجم من دافع العنصرية وأن "إذن الهدم يتعلق بأسباب أمنية ووطنية من قبل محكمة العدل العليا الإسرائيلية بعد سبع سنوات من الإجراءات القانونية قبل اتخاذها".

وكما هو متوقع، قام الأمريكيون باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد محاولة لإصدار بيان يدين تصرفات إسرائيل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعبرت مسودة البيان، التي وزعتها الكويت وإندونيسيا وجنوب إفريقيا إلى مجلس الأمن المكون من 15 عضواً ، عن "قلق شديد" وحذرت من أن الهدم "يقوض قابلية حل الدولتين وإمكانية السلام العادل والدائم"، ومع ذلك رفضت الولايات المتحدة السماح حتى إصدار نسخة مخففة اللهجة يدين اسرائيل.

الحماية الدبلوماسية الأمريكية

ومع اعتماد الإسرائيليين على الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يتعين على الفلسطينيين اللجوء إلى إجراءات أحادية الجانب سعياً إلى تحقيق العدالة ومساءلة إسرائيل، وهذه المنظمات هي المنظمات التي لا يكون فيها الأمريكيون أعضاء ولا يكون لديهم حق النقض فيها.

ومع ذلك، حتى في هذه الحالات يلجأ الأمريكيون إلى التهديدات وأساليب البلطجة للدفاع عن إسرائيل، وفي حالة المحكمة الجنائية الدولية وجّه مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون تهديدات واضحة ضد المنظمة والقضاة الأفراد إذا نظروا في قضايا ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل، وسيُمنع قضاة المحكمة الجنائية الدولية والمدعون العامون من دخول الولايات المتحدة وسيتم استهداف أموالهم في الولايات المتحدة.

وقال بولتون "سنحاكمهم في النظام الجنائي الأمريكي، سنفعل الشيء نفسه لأي منظمة أو دولة تساعد في إصدار قرارات من المحكمة الجنائية الدولية ضد أمريكا".

وفي هذا السياق، انسحبت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من منظمة اليونسكو للثقافة والتراث في بداية العام بدعوى التحيز ضد إسرائيل، فيما يتعلق بالاقتراحات التي صدرت لدعم المطالبات الفلسطينية بشأن مدينة القدس القديمة المحتلة بشكل غير قانوني والاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية.

وفي عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واصفة إياه بـ " بؤرة التحيز السياسي"،  وقالت نيكي هايلي، السفيرة الأمريكي في الأمم المتحدة آنذاك، إنها منظمة منافقة وتخدم نفسها بنفسها وتظهرعداءاً لا ينتهي تجاه إسرائيل".

الولايات المتحدة ليست وحدها التي تنتقد اللجنة العليا لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالاتهام بالتحيز ضد إسرائيل، ففي عام 2018  أعلنت المملكة المتحدة أنها "تلاحظ التحيز  للمجلس المناهض لإسرائيل".

وبينما أوضحت المملكة المتحدة  "مخاوفها الخطيرة بشأن نمو عمليات الهدم غير القانونية والنشاط الاستيطاني" وقالت أنها "جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي لدعم حل الدولتين إلا أن نمط التحيز غير المقبول للمجلس ولن يؤدي إلا إلى تحقيق هدف أكثر صعوبة".

وفي شهر آذار، صوتت المملكة المتحدة ضد البند 7 من جدول الأعمال في الدورة الأربعين للمجلس، ويتألف البند من أربعة قرارات تتناول مرتفعات الجولان السورية المحتلة بشكل غير قانوني، وتدعو إلى إنهاء الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية، وتعرب عن قلقها البالغ إزاء انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين ومراجعة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل.

انضمت المملكة المتحدة في التصويت ضد قرارات البند 7 من الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، البرازيل وأستراليا واليابان.

وفي وقت سابق، امتنعت المملكة المتحدة عن التصويت على قرار يدعو إلى اعتماد تقرير للأمم المتحدة والذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة فيما يتعلق بعملها ضد المتظاهرين المسالمين في مسيرة العودة الكبرى عند السياج الذي يفصل غزة عن إسرائيل،  والذي أسفرت عن استشهاد أكثر من 200 شخص وآلاف الجرحى، وقد صوتت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في المجلس ضد القرار.

وقال المندوب الفلسطيني في مجلس الامن: "إذا كنتم تحمون إسرائيل، فهذا سيدمركم جميعاً"، وأضاف "إن إسرائيل كدولة يهودية هي عنصرية ومخزية".

وستستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وسيصوت آخرون ضد القرارات التي تطالب بها بسبب أعمالها الإجرامية في مواقف أخرى.

ولا تزال عمليات الهدم في صور باهر مستمرة، وضم إسرائيل لمرتفعات الجولان والقدس الشرقية، واستمرار بناء المستوطنات، وغيرها من عمليات هدم المنازل، وعمليات إجلاء العائلات الفلسطينية وعمليات اختطاف الأطفال الفلسطينيين دون هوادة.

لذا، كيف يعتبر انتقاد إسرائيل ومحاسبتها على الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بالأمر غير العادل؟ فاسرائيل اختارت أن تنفذ هذه الإجراءات وقد فعلت ذلك منذ عام 1948، إنها تستحق أن تُنتقد ويجب أن تخضع للمساءلة دون أي تأخير.

المصدر : TRT World