بتر الأطراف لا ينقص حلم الكرة في غزة

13/04/2019

غزة- وطن للأنباء: بترت قدم الطفل عبد الرحمن برصاص الجيش الاحتلال بينما كان يلعب كرة القدم قرب حدود قطاع غزة خلال مظاهرات مسيرة العودة، مما جعل الكثير من العوائق أمام حلمه للعودة للعب الكرة مجددا بعد عام.

أما اليوم، بابتسامة وخفة كان يتنقل عبد الرحمن نوفل، البالغ 12 عاما، على عكازين معدنيين وسط الملعب المفروش بعشب صناعي، وهو يستلم الكرة ويلقيها نحو المرمى، بينما يراقب الأمين العام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم البتر الإيرلندي سايمون بيكر الذي يزور غزة لعدة أيام لتأهيل ستة فرق شكلت حديثا في القطاع.

بيكر مدرب دولي محترف ويستخدم طرفا صناعيا لقدمه اليمنى المبتورة، كان يعطي توجيهاته باللغة الإنكليزية وسط استجابة اللاعبين.

وهذه المرة الأولى التي يزور فيها مسؤول دولي في هذا النوع من الكرة، غزة لتأهيل خمسة عشر مدربا وإثني عشر حكما وثمانين لاعبا غالبيتهم يعانون من بتر بسبب الإصابة بنيران جيش الاحتلال، ويشكلون ستة فرق في القطاع الفقير والمحاصر منذ أكثر من عقد.

في صباح ذلك اليوم المشمس لم يكن هناك جمهور أثناء التدريب. نوفل هو أصغر لاعب يشارك في أول بطولة تعقد السبت وترعاها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في القطاع، رغم أن شرط العمر الذي يتوجب أن يبلغ 16 عاما، لا تنطبق عليه.

يحلم عبد الرحمن نوفل بأن يصبح لاعبا مشهورا مثل ليونيل ميسي لاعب نادي برشلونة الإسباني.

ويقول "ما كنت أتوقع أن ألعب الكرة مجددا" بعد بتر قدمه. ويضيف أنه قبل عام أصيب برصاص جيش الاحتلال عندما كان يلعب مع أصدقائه كرة القدم في شرق مخيم البريج، خلال احتجاجات "مسيرة العودة".

ونقل إلى رام الله للعلاج قبل أن ينقل للولايات المتحدة الأميركية لتركيب طرف صناعي، ليبدأ مشواره مع فريقه الجديد.

"تغيير نظرة المجتمع"

علاء العايدي، 13 عاما أصيب أيضا في ذات الاحتجاجات شرق البريج، يفخر أن حياته "عادت من جديد للعب كرة القدم".

خلال مسيرات العودة التي بدأت قبل عام قرب السياج الفاصل، أصيب نحو 6500 فلسطيني بالرصاص غالبيتهم في الأطراف وفق وزارة الصحة في غزة.

ويعتبر سايمون بيكر أن الرياضة لمبتوري الأطراف "هي طريق رائع لإعادة تأهيله مجتمعيا".

وفي فرصة ما بين شوطي المباراة التدريبية أضاف بيكر "نحتاج لإعادة الثقة إلى هؤلاء اللاعبين" ويضيف "الناس هنا في غزة رائعون ،هم مرنون للغاية وأقوياء، لا أعرف العربية لكنني أفهم اللاعبين".

ولم يطلب بيكر الذي كان يتصبب عرقا بعد ساعة تمرين متواصل، من لاعبيه الحديث عن أسباب إصابتهم، كما يقول "نحن هنا للعب كرة القدم".

ويفخر المدرب خالد المبحوح، 32 عاما، بنجاح هذه اللعبة ب"تغيير نظرة المجتمع للأحسن، في البداية عانينا من نظرة الشفقة والإنسانية، الآن نظرة رياضية وتقدير وتشجيع".

ويحرص المبحوح على التقاط تعليمات بيكر ليعززها للاعبيه، ويقول "وجود سايمون هنا إنجاز كبير لفلسطين وإعتراف دولي وسنناضل لنكون أعضاء في الإتحاد الدولي لكرة البتر، واثق في أننا سننافس محليا وعالميا".

لكن الشاب يبدي انزعاجا وغضبا من تزايد "باعداد كبرى" لمبتوري الأطرف في القطاع "في مسيرات العودة وهذا سيئ وعبء كبير".

وتقول وزارة الصحة إن "136 حالة بتر على الأقل" سجلت من بين المصابين في احتجاجات "مسيرة العودة".

"نصنع معجزة"

لا توجد ملاعب مخصصة لكرة البتر في القطاع، ولا توجد مقرات أو أندية ل"ندرة الدعم المالي"، بحسب كمال أبو الحسن نائب رئيس جمعية دير البلح لتأهيل المعاقين حركيا التي تحتضن الفريق.

ويضيف "لا أدوات ولا عكازات أصلية ولا ملابس رياضة ولا مواصلات، المعاناة كبيرة لكن لن نستسلم، استبدلنا الإحباط بالأمل في النجاح" ويتابع "في الإنتفاضة الأولى (1987-1992) لم يكن هناك إلا 35 معاقا حركيا في القطاع الآن بسبب الحروب الإسرائيلية ومسيرات العودة هناك مئات بل الآلاف وهذه مسؤولية الكل لرعايتهم، كرة القدم لغة سلام عالمية".

ناجي ناجي، 27 عاما، وهو كابتن فريق وسط القطاع وهو أول فريق تم تأسيسه، بترت ساقه اليمنى لإصابته خلال عملية عسكرية إسرائيلية عام 2007 يقول "نحن نصنع معجزة".

ويؤكد ناجي وهو أعزب، ويدرس الماجستير في تكنولوجيا المعلومات أنه يتواصل مع أي مصاب لمساعدته في تركيب طرف صناعي والتأهيل للإندماج في المجتمع. ويضيف "اللعبة انتشرت وجمهورها يتزايد وستكون قريبا في الضفة الغربية".

وتغلب الفريق على بعض الصعاب بعد عام من إطلاقه، على ما يقول محمود الناعوق، 40 عاما، وهو المدير الإداري للفريق.

ويؤمن الناعوق الذي بترت ساقاه خلال حرب 2014، بسياسة "الخطوة خطوة لنصل للعالمية".

ويشير إلى أن غزة تعتبر المنطقة الثالثة بعد لبنان ومصر في إنجاز تشكيل فرق لكرة القدم البتر.

ويقول الناعوق "لم يخطر ببالي قبل إصابتي أنني سأتجه لكرة القدم، هدفنا أن يشعر من فقد طرفه أن بإمكانه أن يصنع كل شيئ أفضل من الأسوياء".

(أ ف ب)