حان الوقت أن يتصرف الاتحاد الأوروبي حيال الجرائم الإسرائيلية

17/02/2019

كتب كامل حواش- ترجمة خاصة وطن للأنباء - آلاء راضي: يبدو جلياً أن هناك غيابا لمحاسبة إسرائيل لما يزيد عن سبعة عقود حول الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.

"طفح الكيل" هي عبارة مستخدمة دائماً ولكن في حالة شعب فلسطين المحتل الذي يعبر عن غضبة تجاه الصمت الدولي فإن هذه العبارة ليس لديها أي صدى.

ومع ذلك، فقد كان هناك بالفعل ما يكفي من السلب وسرقة الأراضي واللاجئين الذين يعانون في المخيمات منذ نكبة 1948 والذي يبلغ عددهم نحو 5 ملايين لاجئ.

وقد كان لدينا ما يكفي من الأفعال الشيطانية من قبل "إسرائيل" والتي تصور نفسها على أنها الضحية دائماً بينما تسمي الضحايا الحقيقيين إرهابيين وتفرض القوانين التي تعكسها كدولة فصل عنصري.

"طفح الكيل" تنطبق عندما تقوم "إسرائيل" باختطاف الأطفال في منتصف الليل وقتلهم وإصابتهم على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة المحاصر. هل حياة الفلسطينيين حقاً لا قيمة لها؟

في غزة يوم الجمعة الماضي قتل طفلان فلسطينيان برصاص قناصة إسرائيليين وأطلق عليهما الرصاص في الصدر كما لو كانا هدفين لممارسات الإرهابيين الذين يتنكرون بهيئة جنود.

لم تكن هناك إدانة واحدة من قبل ما يسمى العالم المتحضر، حتى أن متحدثاً باسم الاتحاد الأوروبي بعث بتعازيه إلى إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن الغرب يهمل ما تقوم به الدولة الإرهابية ويجد السياسيون أعذارا لسلوكها الإجرامي بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

لدينا ما يكفي من سماع أن إسرائيل هي الدولة "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" و "أن الغرب يتقاسم نفس القيم معها" أحقاً هذه الحقيقة؟ منذ متى كانت القيم الديمقراطية الغربية تشمل التطهير العرقي وسرقة الأرض والاختطاف والقتل الوحشي للنساء العزل والأطفال والمسعفين والاحتلال الاستعماري!

إن إسرائيل موجودة في منطقة صعبة الظروف، كما يُقال لنا، ويحق لها أن  "تدافع عن النفس" دون قيد أو شرط. يكفينا الحديث عن هذا الهراء والكلام الفارغ. حاولوا أن تخبروا هذا الهراء لعائلة الشاب حسن شلبي البالغ من العمر 14 عاماً، أو عائلة الشاب حازم شتيوي البالغ من العمر 18 عاماً،  أو عائلة المسعفة رزان النجار البالغة من العمر 14 عاماً، والذين لم يشكل أياً منهم تهديداً للقناصة الإسرائيليين الذين قتلوهم.

لم تُستثنَ جرائم إسرائيل بعيداً فقط بل تغاضى عنها الغرب، ربما أظهروا بعض القلق حول المعاناة الفلسطينية للإعلام، لكن حلفاءها يعتقدون أيضاً أننا نستطيع جميعاً أن نتعلم شيئاً من نجاح اسرائيل "كأمة ناشئة". لكنهم لم يذكروا ازدراءها للقوانين والاتفاقيات الدولية. ففي حقبة ترامب لم تحترم الصفقات التجارية ومطالب اللوبي المؤيد لإسرائيل  القانون وحقوق الإنسان واستثنته جانباً في كل مرة، ويتكرر هذا الموقف في الولايات المتحدة منذ عقود.

أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دعمه أكثر من معظم مؤيدي "إسرائيل" ومع ذلك عندما تحدث في حفل العشاء السنوي لمعهد الأمن القومي الأمريكي (JINSA) في واشنطن، واصفاً "إسرائيل" بأنها "هي كل شيء نرغب أن يكون مثله  كامل  الشرق الأوسط" ووفقاً لما قاله بومبيو فإن "اسرائيل" بلد "ديمقراطي ومزدهر ويرغب في السلام وهو موطن صحافة حرة واقتصاد مزدهر". إن مثل هذه المواقف من مسؤول أميركي كبير هو  لا شك أمر يبعث بالاشمئزاز.

وعبر المحيط الأطلسي فإن الإعجاب بإسرائيل لا يختلف كثيراً عن أمريكا. فقد قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت في حديث لأصدقاء "إسرائيل" من حزب المحافظين إن دولتهم المفضلة هي منارة مضيئة لقيم الديمقراطية. لم ينتقد أي منهم سياسة اسرائيل أو ينطق بكلمة الاحتلال ويكاد لم يذكر الفلسطينيين على الإطلاق.

سارع زميل هنت، وزير الأعمال الدولي، ليام فوكس، لإعلان صفقة تجارية مع دولة الفصل العنصري في دافوس فقد قال أن " استعداد بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي وضمان استمرارية أعمالنا في كلا الاتجاهين توصلنا إلى اتفاق من حيث المبدأ مع رفقائنا في إسرائيل".

في حين أن العالم الغربي، وخاصة الولايات المتحدة ، يندفع لتعزيز العلاقات مع إسرائيل للاستفادة من مليارات الدولارات في التجارة، فإنه يرمي السلطة الفلسطينية بعض الفتات وخاصة للحفاظ على التعاون الأمني مع دولة الاحتلال، في حين يتم خفض المساعدات الإنسانية الضرورية. بينما تقع غزة على حافة الانهيار التام، تعاني السلطة الفلسطينية من نقص التمويل إلا إذا وافقت على صفقة " استسلام القرن".

وبينما  كان الغرب مستمراً في توثيق السياسات والجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، يتم توثيق معاناتنا اليوميةً من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ( OCHA) والتي تلاحظ كل الفظائع الإسرائيلية، رغم أن الكثيرين في إسرائيل وخارجها يتعاملون مع هذه الأفعال على أنها "إنجازات" ضرورية.

وعادة ما تكون اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط غير الربحية بارعة في كتابة التقارير، يتم توثيق انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي ويتم التعبير عن القلق في المنتديات الدولية. ومع ذلك، فإن هذا لا يبرر وجود هذه المنظمة المختلة وظيفياً والتي لم تجعل السلام أقرب إلى الواقع.

الاتحاد الأوروبي مساهم مهم في السلطة الفلسطينية وكذلك شريك تجاري رئيسي مع إسرائيل. وفي الوقت الذي يعد حساب تويتر الخاص بالاتحاد الأوروبي كمعجب أكبر للدولة الصهيونية، فإن الاتحاد الأوروبي ينتج تقارير أيضاً  ضدها. ومن أحدث تقاريرها كانت حول التوسع الاستيطاني غير القانوني في إسرائيل: فقد "بلغ إجمالي توسع وحدات الاستيطان في عام 2018 (كانون الثاني – كانون الأول) أكثر من 15800 وحدة استيطانية (منها 9400 وحدة في الضفة الغربية و 6400 وحدة في القدس الشرقية)، وتظهر الأرقام ارتفاعاً حاداً في التخطيط للبناء المستقبلي. وسيمكن هذا التطور على مدى عدة سنوات  أكثر من 60 ألف مستوطن إسرائيلي من الانتقال إلى الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".

للأسف، لن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل لتخطيطها لنقل 60000 إسرائيلي إلى فلسطين المحتلة بشكل غير قانوني وهو ما يشكل انتهاك للقانون الدولي. وتذكر أن هذه منظمة  لم تتحرك ساكناً عندما دمرت إسرائيل غرف الصفوف المدرسية لأطفال الفلسطينيين في العام الماضي والتي تم تمويلها من قبل دافعي الضرائب الأوروبيين.

يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعمل على حظر بضائع المستوطنات بما أنه يسجل الانتهاكات الإسرائيلية وبناء المستوطنات بدلاً من المساهمة  في تنميتها. إذا استطاعت 27 دولة أن تحبط إستراتيجية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإنها تستطيع أن تعمل ضد إسرائيل. يجب أن تشعر اسرائيل أنها تحت الضغط ويجب طرد فريق كرة القدم التابع لها من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ويجب إلغاء استضافتها لمسابقة الغنائية  "يوروفيجين" التي سيتم عقدها في أيار.

دعونا نصرّ على أنه قد طفح الكيل فعلاً عندما يتعلق الأمر بالمعايير المزدوجة في العالم والنفاق حول انتهاكات إسرائيل للفلسطينيين. فيكفي توثيق لمعاناة الفلسطينيين والفظائع الإسرائيلية بينما يتم مساعدة  المعتدين على  الهروب التام من العقاب. لقد حان الوقت للعمل لضمان عدم قتل المزيد من الأطفال الفلسطينيين مثل حسن وحمزة على أيدي القناصة الإسرائيليين الذين يفعلون ذلك بكل أمان لأنهم يعلمون بأن أفعالهم المشينة لن يكون لها أي عواقب كبيرة على أنفسهم أو على بلدهم. الاتحاد الأوروبي وثق جرائم إسرائيل أما الآن يجب أن يفعل شيئاً حيالها.

المصدر: Middle East Monitor