التجمع الديمقراطي.. من الأمل إلى العمل

05/01/2019

كتبت: ربى مسروجي

" تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَّ تكسُّراً ... وإذا افتــــرقَنّ تكــسّرتْ آحادا "

لم يبدأ التحرك لخلق تجمع وطني ديمقراطي من فراغ، كما لم يكن ترفا سياسياً، اذ لم يعد يخفى على أحد أن القضية الوطنية برمتها تمر في مآزق عدّة، ومحل تهديد وذلك للاسف يضع الحلم الفلسطيني على محك التمزق والضياع، كما أن فشل معظم الدعوات والتحركات التي جرت لرأب الصدع ، أصابت الفلسطيني بشعور غياب الجدية في إنهاء (الانقسام) وفي حقيقةٍ مفادها وجود قوتين فلسطينيتين قد سيطرتا على شقي الوطن، وعملتا على رفض والغاء الآخر، ولَم تقف أي منهما عند حد أو رادع، دون اعتبار لتغييب صوت ما يزيد على نصف الشعب الفلسطيني.

من جهة أخرى، استغل الاحتلال هذا التمزق وازداد تغولا، وراح يستبيح ما تبقى من الأرض، وسن التشريعات التي تعزز عنصريته وهمجيته، فقتل واعتقل وصادر وهدم واستباح دون رادع بل وعمل بقوة وتخطيط على كبح  محاولات خلق الفعل المقاوم، وكل امكانية لإعادة اللحمة الوطنية، جغرافيا وسياسياً.

ويأتي هذا الظرف الموضوعي في ظل الفراغ السياسي، بل في ظل غياب استراتيجية وطنية نعرف من خلالها خطوتنا المقبلة، فأكاد اجزم أن لا أحد يعرف ماذا غدا، أو أن لدى أي منا خطة تؤدي إلى هدف، ولذلك نجدنا منشغلين بقشور الامور على حساب جوهر القضية الابرز والاهم وهي الخلاص من الاحتلال.

من كل تلك الاسباب تظهر أهمية التحالف أو التوافق أو الائتلاف (لا تهم التسمية) الوطني الديمقراطي وفي هذا الوقت على وجه الخصوص. فهو بمثابة خطوة واضحة باتجاه الوحدة، وأن تكتل أو اتحاد مجموعة من الفصائل والحراكات والشخصيات تحت رؤية واحدة، واهداف واحدة، انما يبعث على التفاؤل بأن فينا من هو قادر على التغيير نحو غد افضل.

وإننا في أمس ما نكون إلى وجود قوة أو تيار ثالث يُراكم فوق الإنجاز ولا يلغيه، كما يعزز ويدعو إلى تفعيل وإصلاح البيت الفلسطيني ( بكافة مكوناته)،  دون اقصاء أو الغاء ودون تكفير أو تخوين لما في ذلك من أهمية وطنية ورسالة وحدوية، كما انه لا ينغلق على خيار واحد في أشكال المقاومة، ويتسامى على أية اهداف حزبية ضيقة ويضع الوطن في المقدمة وفي الأعلى.

وأتت الدعوة للتجمع الديمقراطي بعد حالة من الانحدار التي وصلت اليها القضية الوطنية، ولربما ان حالة بث الكراهية واستبدال الاولويات، والتحديات الكثيرة داخلياً وخارجياً، مثل صفقة القرن والاصرار على خيار المفاوضات منفرداً، وتحزّب وانقسام، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، والتعدي على الحريات العامة في الضفة وغزة، وتغوّل السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية، وتغييب السلطة التشريعية وإلغاء وجودها، وما يرافق ذلك من خطاب غير مسؤول، كل هذا وغيره كان بمثابة المسبب الابرز للاعتقاد بأن هذه الدعوة وهذا التحالف جاء حقيقيا وصادقا ويسعى إلى خلق قوة ثالثة على الارض، عجزت القوى منفردة عن تحقيقها، ولا سبيل لأي قوة منها منفردة بإحداث التغيير المطلوب، فرأت جميعها أن في التحالف سبيل النجاة للقضية الوطنية.

فاذا اردت أن أُجمل أهمية انعقاد هذا التجمع (كقوة من مكونات العمل الوطني) فهو صوت وحدوي في زمن أنهكه الانقسام وحرف بوصلته، تجمع مدرك تماما للتحديات الوطنية ويقف على مسافة واحدة من الاطراف الاخرى، قريب من نبض الشارع ويؤمن بدور المقاومة واهميتها في سبيل الانعتاق من الاحتلال، تجمع يشكل قوة ضاغطة لوطن ديمقراطي يؤمن بالتعددية والمواطنة كما يؤمن بأهمية دور الشباب الممثل للاغلبية وفي بناء مجتمع متوازن، صحي ومتجدد.

وختاما.. إنني أرى في هذا التجمع، رسالة ودعوة للكل الفلسطيني، ولقوتيه المختلفتين على وجه التحديد، بأننا قادرون على التوحد، والتماسك خدمة لمشروعنا الوطني، وإن الشراكة في القرار وتداول السلطة، احدى اهم مصادر القوة لا الضعف، وإنني اذ ارجو ضرورة نبذ لغة الكراهية والخلاف، وضرورة حماية الحريات، دون تكميم للأفواه، ودون اعتداء على الاعلام (كمؤسسات أو حريات)، ودون التعرض أو الاعتداء على المعارضين، ولا بد من وقف بث الكراهية والتعبئة السلبية، والعمل جديا على إنهاء الانقسام وازالة اثاره التي لا تخدم الا الاحتلال .. عدّونا الوحيد، والمشترك.