42 عاما على حريق الأقصى المبارك..بقلم: نواف الزرو

21/08/2011

42 عاما على إحراق المسجد الأقصى المبارك على يد الإرهابي مايكل روهان، ودولة الاحتلال لم تتوقف عن انتهاكاتها وحملاتها التهويدية للقدس.. والأقصى يستصرخ العرب والمسلمين، فوفق جملة المعطيات.. وفي ضوء الأحداث المتلاحقة التي تشهدها المدينة وأهلها ومقدساتها، منذ احتلال المدينة مرورا بمحطة اندلاع انتفاضة الأقصى والمواجهات الدامية بين أهل القدس وفلسطين، وبين جيش ومستعمري الاحتلال الصهيوني، وصولا إلى الراهن المقدسي، فإن دولة وأجهزة الاحتلال المختلفة ماضية على قدم وساق وبلا توقف أو كلل أو ملل، في مخططات وحملات وإجراءات التفريغ والتطهير العرقي والحصار والمصادرات والتهويد ضد المدينة وأهلها وفي مخططات هدم الأقصى بغية إعادة بناء الهيكل المزعوم.

 ويتبين لنا اليوم أيضا أكثر من أي وقت مضى أن تلك المخططات والحملات والنوايا الصهيونية الرامية إلى تهويد المدينة وابتلاعها إنما هي قديمة - جديدة - متجددة متصلة، وأن دولة الاحتلال تعمل على كشفها وترجمتها على الأرض المقدسية تباعا، وأن كل أجواء ما يسمى بعملية المفاوضات والسلام والتعايش منذ بداياتها ومرورا بمحطة كامب ديفيد - 2 - ووصولا إلى خريطة الطريق وما بعدها، وصولا إلى "فك الارتباط"، فخطة الرئيس بوش، ونوايا الرئيس أوباما، لم تلجمها ولم تكبحها ولم توقفها، بل إن تفاعلاتها وتداعياتها وأخطارها الإستراتيجية على القدس وهويتها ومستقبلها باتت واضحة صارخة بصورة لم يعد باستطاعة ماكينة الدعاية والأكاذيب المخادعة المتعلقة بالمفاوضات واحتمالات السلام أن تخفيها.

    فالمدينة المقدسة تتعرض وفقا لكم هائل من المعطيات والوقائع الموثقة إلى التهويد الشامل في كافة مجالات ومناحي الحياة المقدسية، في الوقت الذي باتت فيه الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية على حد سواء عرضة للانتهاكات والاعتداءات المختلفة بلا توقف، في الوقت الذي أصبح فيه الأقصى والحرم القدسي الشريف على وجه حصري في خطر جدي شديد.

 فسياسيا.. تواصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الإعلان وبصورة واضحة حاسمة لا تقبل الجدل "أن القدس الموحدة عاصمة إسرائيل إلى الأبد"، و"أنها غير خاضعة للمفاوضات والمساومات أو التقسيم" و"أن اي تسوية سياسية بشأن القدس يجب أن تبقيها تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة".

      وهم - أي بنو صهيون - يؤدلجون هذه المواقف والقرارات السياسية بأدبيات أيديولوجية دينية توراتية لا حصر لها، كلها تجمع على "أن القدس يهودية، وأنها مدينة وعاصمة الآباء والأجداد" وغير ذلك.

      وعمليا على الأرض المقدسية تتحرك وتعمل كل الحكومات والوزارات والأجهزة والدوائر والأدوات والجمعيات الوزارية والبلدية والأمنية والاستيطانية بالتعاون والتكامل فيما بينها من أجل إحكام القبضة اليهودية - التهويدية الاحتلالية الكاملة على المدينة المقدسة ببلدتها القديمة داخل أسوارها التاريخية، وبمدينتها الجديدة خارج تلك الأسوار.

    فالقدس أصبحت مسوّرة محاصرة بجملة من الأحزمة الاستيطانية الخانقة يصل عددها إلى عشرة أحزمة تبدأ من داخل أسوار البلدة القديمة لتمتد وتتمدد لتصل إلى حدود مشروع "القدس الكبرى" التهويدي، الذي يلتهم وفقا لمصادر فلسطينية عديدة مساحات واسعة من أراضي الضفة المحتلة تصل من 15 - 25% من مجمل مساحة الضفة.

    وبالتالي.. إن كان لنا أن نتوقف اليوم أمام ملف المدينة المقدسة، فذلك لأن تلك الجريمة التي اقترفت ضد الأقصى -إحراقه على يد الاحتلال عام 1969- كانت بداية انطلاق قافلة الإرهاب والانتهاكات وحملات التفريغ والتهويد ضد القدس والمقدسات.. تلك القافلة/ المسيرة الإرهابية التي ليس فقط لم نر نهاية لها حتى اليوم، وإنما التي نراها تشتد وتزداد هستيرية وسعارا تهويديا في ظل ليس فقط خريطة المفاوضات والتسوية العقيمة التي هيمنت على المنطقة منذ مؤتمر مدريد، وإنما وهذا هو الأخطر، على سمع وبصر وتحت صمت وعجز العالمين العربي والإسلامي، وفي ظل مجتمع دولي باتت تسيطر عليه القطبية الأمريكية /الصهيونية الطاغية.

ورغم ثقل الاحتلال وإمكاناته الهائلة وراء اعتقال القدس وتهويدها، إلا أن المقدسيين باقون صامدون مقاومون بانتظار يقظة عربية إسلامية حقيقية يهب خلالها كل العرب والمسلمين من اجل إنقاذ المدينة والمقدسات.