اللعبة الدولية على الأرض السورية

12/07/2018

ترجمة خاصة- وطن للأنباء: وجهت دولة الاحتلال الى سوريا إنذارا نهائيا واضحا بشأن تحرك القوات السورية لبسط سيطرتها على الجولان وطرد المسلحين منها،  بأنه "سيتم تدمير اية قوة عسكرية تعبر الخط الفاصل المرسم منذ العام 1974، او تدخل "المنطقة العازلة" منزوعة السلاح.

هذا التهديد الإسرائيلي، الذي وصل الى السوريين أكثر من مرة، سيتعرض لأول اختبار حقيقي خلال الأيام القادمة. فالجيش السوري سيدخل القنيطرة، بمعرفة إسرائيل، من أجل استعادة السيطرة عليها، علما ان كل ذلك سيتم وفقا لتفاهمات تم التوصل إليها بين الجيش السوري والمتمردين بوساطة روسية.
ووفقا لاتفاقية فصل القوات، تعتبر القنيطرة، التي تقع على بعد (3) كيلومترات من خط الهدنة،  منطقة عازلة يحظر وجود العسكريين والأسلحة فيها.
فهل سيلتزم الجيش السوري بالقواعد، ويتناسى الترتيبات الروسية، ويمتنع عن دخول القنيطرة؟

وتعمد جيش الاحتلال ان يقوم بتعزيزات علنية لقواته في مرتفعات الجولان، خلال الأسبوع الماضي، مما يعني انه يريد تذكير السوريين بما سيحدث لقواتهم إذا انتهكوا الاتفاق، ودخلوا المنطقة العازلة في القنيطرة.

بيان المهمة
ترى الولايات المتحدة ان الانذار الاسرائيلي يعتبر مقبولا، حيث كانت هذه واحدة من القضايا التي تمت مناقشتها في اجتماع بين رئيس أركان جيش الاحتلال، جادي إيزنكوت، ونظيره الأمريكي، جوزيف دانفورد، في واشنطن الأسبوع الماضي.

يذكر ان الجيش السوري التزم بالقواعد طيلة الأسابيع ال (3) الماضية، وامتنع عن دخول القنيطرة، حيث كان يقاتل في مرتفعات الجولان الجنوبية. كما أبدى السوريون حرصا على القوات الإيرانية، وسمحوا لها بالانضمام إلى القتال حيثما استلزم الامر.

كان واضحا للسوريين انه حتى لو تم نشر عدد قليل من المستشارين الإيرانيين في منطقة القتال، فان إسرائيل ستنظر الى الامر بخطورة، وانه انتهاك لوقف إطلاق النار، وستتصرف على هذا الأساس.

وفعلا، إذا كانت إسرائيل وراء الانفجار الذي حدث هذا الأسبوع في مخزن لتخزين الذخائر، يعتقد انه يخص ميليشيات موالية لإيران، في مرتفعات الجولان الجنوبي، فان ذلك يعني ان هذه ضربة إسرائيلية تدلل على خطورة الإنذار.

علاوة على ذلك، يفهم السوريون أن روسيا لن تمنع الاحتلال إسرائيل من استخدام القوة. فخلال محادثاتهم مع رئيس وزراء الاحتلال، نتنياهو، ووزير جيش الاحتلال، ليبرمان، ومعهما رئيس الأركان، إيزنكوت، من الواضح ان الروس لا يعطون إسرائيل الضوء الأخضر بشكل صريح، لكنهم يفعلون ذلك عمليا في ساحة المعركة. لذلك، لن تمنع الولايات المتحدة وروسيا إسرائيل من استخدام القوة في العمق السوري، حتى لو وصل الامر ال عمق (22) كيلومترا من الحدود.

تعتبر الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة للروس منها للأمريكيين. على اعتبار ان الروس هم الذين أعادوا بناء القوات البرية السورية، وصاغوا الخطط العملياتية للجيش السوري.

لكن في روسيا، لا يبدو الامر على ما يرام بشكل كامل، حيث ان ما تقوم به روسيا في سوريا هو جزء من لعبة سياسية ساخرة، تقوم بها روسيا على حساب الجنود. فمنذ دخولها إلى سوريا، فقد سلاح الجو الروسي (19) طائرة، و (60) عسكرياً.

والان وصل نتنياهو إلى موسكو، مرة أخرى من بين زياراته الكثيرة الى هناك. ووفقا لمصادر روسية، سيحاول نتنياهو التأثير على مواقف "الكرملين" فيما يتعلق بالقضية السورية، وذلك قبيل قمة بوتين-ترامب المزمعة بتاريخ 16 تموز 2018.

وقد وعد الأميركيون دولة الاحتلال بأنهم سيطالبون بسحب جميع القوات الإيرانية من سوريا في القمة مع الروس في 16 تموز. من المتوقع ان لا يقبل الروس هذا الطلب. فهم ما زالوا يتحدثون عن استمرار الوجود الايراني في سوريا، لكنهم وعدوا ليبرمان وايزنكوت بأنهم سيبقون الإيرانيين على بعد (100) كيلومتر من الحدود. غير ان الالتزام الروسي هذا لم يتحقق إلا بشكل جزئي.

ومنذ عدة أشهر، يتجول مسؤولو دولة الاحتلال بين البيت الأبيض من جهة والكرملين من جهة أخرى، في مسعى للتوصل إلى اتفاق بشأن وجود القوات الإيرانية في سوريا. وتعرف إسرائيل أن الموقف الروسي من هذه المسألة ما هو الا نتيجة مباشرة للصدام بين روسيا والولايات المتحدة في مسائل دولية أخرى، مثل كوريا الشمالية، وأوروبا، والصين، وأوكرانيا، وغير ذلك. إذا، فالوجود الإيراني في سوريا ما هو الا مجرد ورقة مساومة.

ووفقا لوكالة الأنباء الروسية، فإن نتنياهو وبوتين يناقشان الهجوم السوري المزمع على منطقة القنيطرة، حيث سيضطر طلب إسرائيل الى ان تقوم روسيا بكبح جماح السوريين بطريقة أكثر حزما، لأن الهجمات الجوية والمدفعية السورية في هذه المنطقة ستشكل تحديا للإنذار الاحتلالي.

لعبة بين الروس والأمريكيين
في غضون ذلك، كان الهجوم السوري في مرتفعات الجولان الجنوبية، على بعد (30) كيلومترا من الحدود الإسرائيلية، قريبا من المنطقة العازلة، وازعج الإسرائيليين، خصوصا عندما تجاوزت المدفعية السورية المسافة المسموح بها، وقصفت بلدة تبعد (12) كيلومترا عن الحدود. ولم تكتفي بذلك، بل ان القوات السورية تحركت باتجاه درعا على محورين، شمال وشرق البلاد، من أجل تطويقها.

وأصدرت الإدارة الأمريكية، في الأيام القليلة الماضية، ثلاثة تحذيرات لكل من الروس والسوريين تتعلق بالهجوم السوري على درعا، بان هذا الهجوم سيكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين واشنطن وموسكو.

وسيحاول الروس الذهاب إلى القمة مع أقصى عدد من النجاحات على الأرض السورية، بحيث يمكنهم استخدامها كورقة مساومة في هلسنكي. كما سيحضر الأمريكيون اوراقهم الخاصة، مثل رفض إغلاق قاعدتهم العسكرية، وعزمهم على بناء السياج الحدودي بين سوريا والعراق، والاستمرار في تقديم الدعم للقوات الكردية في سوريا باستخدام (2000) عضو من القوات الخاصة التي ستبقى في شمال شرق سوريا لمدة سنة ونصف على الأقل. لكن أقوى ورقة في أيدي الأمريكيين تعتبر الدعم الذي يقدمونه لإسرائيل مباشرة للعمل في سوريا.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "واي نت بالإنجليزية"